الاخبار الرئيسيةالراية العالميةالمرجعالوطن العربيتقارير الراية

5 أعوام على احتلال عفرين.. انتهاكات إنسانية متواصلة وطمس للهوية

مخاوف في عين العرب من غزو بري للاحتلال التركي

نظام أردوغان لم يكتف بقتل أكثر من 4 آلاف شخص، في العملية التي أطلق عليها اسم “غصن الزيتون” بل عمد إلى تغيير هوية عفرين ونهب خيراتها…  منذ احتلالها، وخلال هذه السنوات الخمس، الدولة التركية ومرتزقتها يواصلون ارتكاب أفظع الانتهاكات التي ترقى لجرائم حرب…

يتخوف سكان مدينة عين العرب بريف حلب الشمالي الشرقي والحدودية مع تركيا، من عملية غزو برية قد يقدم عليها جيش الاحتلال التركي مع حلول الذكرى الخامسة لشنه هجوماً أدى إلى اغتصاب منطقة عفرين بريف المحافظة الشمالي.

وزاد من مخاوف السكان تصريح متزعم ميليشيات “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” المدعومة من الاحتلال الأمريكي، مظلوم عبدي في مقابلة مع صحيفة “المونيتور” نشرت أمس الأول الإثنين، قال فيه: إنه يتوقع شن تركيا عملية عسكرية ضدهم في مدينة عين العرب خلال شهر شباط المقبل، وإنه يأخذ تهديدات تركيا “على محمل الجد”.

تزامن ذلك مع تهديدات تركية جديدة أطلقتها إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الـ14 من الشهر الجاري على لسان مستشار الرئيس التركي إبراهيم قالن، قال فيها: إن تنفيذ عملية عسكرية برية في سورية “ما زال احتمالاً قائماً”، وأضاف في حديث مع وسائل إعلام أجنبية: أن “شن عملية برية يبقى ممكناً في أي وقت، بناء على مستوى التهديدات”.

وسبق لجيش الاحتلال التركي إطلاق عدوان في الـ20 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حمل اسم “المخلب- السيف” لاحتلال مناطق سورية جديدة واقعة تحت هيمنة “قسد” داخل الشريط الحدودي السوري، وبعمق 30 كيلو متراً، إلا أن اعتراض روسيا والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي على تنفيذ عملية غزو برية حال من دون استكمال إدارة أردوغان توسيع دائرة المناطق التي تحتلها جنوباً، بزعم مكافحة الإرهاب.

وكشفت مصادر أهلية في مدينة عين العرب لصحيفة “الوطن”، أن الأهالي يستشعرون خطراً حقيقياً من تكرار سيناريو عفرين في عين العرب، التي يركز جيش الاحتلال التركي عليها لاحتلالها مع منبج، لكونها تتبوأ المرتبة الأولى في سلم أولويات جيش الاحتلال من حيث الخطر المحدق بها، لادعاء إدارة أردوغان أنها منطلق لتنفيذ التهديدات داخل الأراضي التركية، وذلك بعد التفجير الأخير في شارع الاستقلال في اسطنبول.

وبينت المصادر أن معظم المعامل والورش توقفت في عين العرب وتراجعت الأعمال التجارية والأشغال العقارية إلى أدنى مستوى لها في الآونة الأخيرة على خلفية وعيد إدارة أردوغان بغزو المنطقة، التي تتعرض لهجمات متكررة من جيش الاحتلال التركي توقع قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.

وفي الـ20 من نوفمبر/ كانون الثاني 2018 شن جيش الاحتلال التركي بمؤازرة مرتزقته التي يسميها “الجيش الوطني”، هجوماً باتجاه عفرين استمر 58 يوماً وأدى لاحتلال المنطقة.

وخلال العدوان التركي على عفرين رفضت “قسد” تسليم المنطقة للجيش العربي السوري لمواجهة العدوان والدفاع عنها.

احتلال عفرين يدخل عامه الخامس

بتاريخ العشرين من يناير/ كانون الثاني 2018 وفي الساعة 16:22 تحولت سماء مقاطعة عفرين إلى ميدان سباق للطائرات الحربية التابعة لدولة الاحتلال التركي، التي بدأت بضرباتها الجوية بـ 72 طائرة فوق منطقة تبلغ مساحتها 3850 كيلومتراً مربعاً فقط.

المجازر!

ارتكبت الدولة التركية المحتلة مجازر بحق المدنيين منذ اليوم الأول للهجمات، حيث نفذت مجزرة في قرية جلبرة التابعة لناحية شيراوا راح ضحيتها تسعة مدنيين وجرح 12 آخرون، ووقعت مجزرة أخرى في السادس والعشرين من الشهر ذاته وسط ناحية موباتا، واستشهد سبعة مدنيين فيها.

وأيضاً مجزرة أخرى في قرية كوبالة التابعة لناحية شيراوا راح ضحيتها 18 مدنياً منهم أربعة أفراد من عائلة واحدة، بالإضافة إلى سبعة جرحى من المدنيين، وفي قرية شكاتا التابعة لناحية شيه استشهد خمسة مدنيين آخرين.

لم تسلم ناحية جندريسه أيضاً من المجازر فهاجمت الطائرات الحربية التركية قرية يلانقوز فجر اليوم السادس والعشرين من شباط/فبراير، استشهد إثرها خمسة مدنيين بالإضافة إلى ثلاثة عشر مدنياً آخرين، استشهدوا في مجزرة أخرى في مركز الناحية.

اُرتكبت العديد من المجازر في مركز مدينة عفرين، ففي إحداها استشهد سبعة مدنيين بينهم أربعة أطفال و17 جريحاً، وفي مجزرة المحمودية استشهد عشرون مدنياً.

وحتى مشفى عفرين الذي كان يتلقى فيه المصابون والجرحى من الكبار والأطفال العلاج، نال نصيبه من جرائم الدولة التركية المحتلة، ففي السادس عشر من آذار تم استهدافه بالطائرات، واستشهد حينها ستة عشر مدنياً.

ووفقاً لهيئة الصحة لإقليم عفرين فإن حصيلة ثمانية وخمسين يوماً من الهجمات، كانت استشهاد 257 مدنياً منهم 45 طفلاً و36 امرأة و176 رجلاً، بالإضافة إلى 742 من الجرحى، منهم 113 طفلاً و113 امرأة و516 رجلاً.

استهدفت كل ناحية ومنطقة وقرية

انتهكت الدولة التركية بهجماتها هذه جميع القوانين الدولية، واستهدفت كل ناحية ومنطقة وقرية واستهدفت مركزين للهلال الأحمر “الكردي” في كل من ناحيتي جندريسه وراجو، وأخرجتهما عن الخدمة في أصعب الأوقات التي كان الأهالي بحاجة إليها.

المراكز الدينية أيضاً كانت هدفاً لهم كجامع صلاح الدين الأقدم في ناحية جندريسه، حيث كان قد تم بناؤه عام 1961 وكذلك جامع قرية جلمة التابعة لناحية جندريسه المبني منذ عام 1985، ومقبرة الشهيد سيدو الكائنة في قرية كفرصفرة في جندريسه أيضاً.

في نفس الوقت استهدفوا مركز المياه في قرية ماتينا التابعة لناحية شرا، والذي يغذي المنطقة بمياه الشرب من “سد ميدانكي”، وينابيع قرية جلمة وخزان مياه قرية كفرصفرة.

ودمرت الدولة التركية خلال هجماتها على المنطقة 68 مدرسة فيها من أصل 318 مدرسة، وكذلك المواقع الأثرية نالت نصيبها من الهجمات حيث دمرت في التاسع والعشرين من كانون الثاني المنطقة التاريخية الواقعة في عين دارة والنبي هوري بشكل كامل، وبذلك تكون قد دمرت ثلاثة مواقع تاريخية مسجلة في قائمة اليونسكو، وأيضاً دمرت المزارات الدينية الإيزيدية ومزاراً للعلويين وكنائس قديمة للمسيحيين والمزارات والجوامع القديمة للمسلمين.

وتحولت المدارس لتعليم اللغة التركية بدلا من لغة مكونات المنطقة فضلاً عن سياسة التغيير الديموغرافي وممارسة سياسة النهب.

وحتى بعد احتلالها للمنطقة تابعت الدولة التركية جرائمها بحق المناطق الأثرية، فبحسب هيئة آثار عفرين فإنه يوجد في عفرين ما يقارب 75 تلة قديمة تم تدمير معظمها في عمليات الحفر والتنقيب واستخراج الآثار من قبل الدولة التركية ونقلها إلى تركيا.

وبحسب هيئة الآثار فإنه قد تم تدمير أكثر من 28 موقعاً تاريخياً، وما يزيد عن 15 مزاراً دينياً لمختلف المذاهب والأديان، ودمروا العديد من المقابر التي حفروها وحولوا واحدة منها إلى سوق للحيوانات.

جانب من الوضع الإنساني!

كما تتواصل جرائم الاحتلال التركي بحق سكان عفرين الأصليين، وبحسب وثائق منظمة حقوق الإنسان في عفرين، فقد تم اختطاف أكثر من 7343 مدنياً خلال السنوات الثلاث الماضية، ولا يُعرف حتى الآن مصير أكثر من نصفهم وغالبيتهم من الكرد.

ووثقت منظمة حقوق الإنسان في عفرين وسوريا خمس حالات انتحار للنساء و68 حالة اغتصاب، وبحسب الجرائم التي وثقتها المنظمة فقد قتل أكثر من 604 مدنيين في ثلاث سنوات من الاحتلال، بينهم 82 قتلوا تحت التعذيب.

لم تقتصر جرائم المظام التركي على قتل الناس بل استهدفت الطبيعة أيضاً فخلال ثلاث سنوات تم قطع أكثر من 314 ألفاً و400 شجرة وتاجروا بأخشابها، وكذلك تم حرق أكثر من 11000 شجرة زيتون وأشجار أخرى، وتم حرق أكثر من نصف المساحة الزراعية البالغة 11000 هكتار.

وبحسب منظمة حقوق الإنسان في عفرين، فقد أعيد توطين أكثر من 400 ألف أجنبي في قرى ونواحي ريف عفرين خلال سنوات الاحتلال الثلاث، معظمهم من عائلات المرتزقة التابعين للاحتلال التركي.

إقرأ أيضا: أيتها الدول العاهرة : انفقتم 137 مليار دولار “بن حمد” لتخلقوا قضية اللاجئين السوريين..

عفرين وتغيير ديمغرافيتها

نظام أردوغان لم يكتف بقتل أكثر من 4 آلاف شخص، في العملية التي أطلق عليها اسم “غصن الزيتون” بل عمد إلى تغيير هوية عفرين ونهب خيراتها.

لم يقتصر ما فعله النظام التركي في عفرين على طرد سكانها، بل عمل على تغيير هويتها، فمع رحيل عشرات الآلاف من سوريا عنها بفعل الهجمات التركية وسيطرة القوات الموالية لها على المنطقة، وجد المئات من المهجرين من مناطق أخرى وطناً بديلاً فيها.

إقرأ أيضا: بعد أربع سنوات على احتلالها.. الاحتلال التركي يكثف التغيير الديموغرافي في عفرين

جرائم التوطنين

وبهدف تكريس احتلالها في مقاطعة عفرين وتغيير ديمغرافيتها؛ أنشأت دولة الاحتلال التركي بدعم وتمويل من جمعيات إخوانية 22 مستوطنة على أراضي وممتلكات المهجرين، تضم مئات الوحدات الاستيطانية، وتوطين أُسر من مناطق ودول أخرى فيها.

بعد تهجير أكثر من 350 ألف شخص من أهالي عفرين المحتلة قسراً، إبان احتلالها لمقاطعتهم في 18 آذار/مارس عام 2018، عمدت دولة الاحتلال التركي إلى تغيير ديمغرافية المقاطعة؛ لترسيخ احتلالها فيها عبر إنشاء أكثر من (22) مستوطنة وإسكان أكثر من 500 ألف مستوطن فيها، وتوطينهم في غير مناطقهم، بدعم وتمويل جمعيات إخوانية.

وعملت دولة الاحتلال على توطين أسر تركمانية وفلسطينية في هذه المستوطنات ومنازل المهجرين.

وحسب الإحصائيات، تشكل نسبة التركمان الذين استقدمتهم من مختلف المناطق السورية 30%، أما الفلسطينيين فتبلغ نسبتهم 5%.

مستوطنات قيد الإنشاء

وتعمل ما تسمى جمعية “الأيادي البيضاء” المشبوهة على إنشاء مستوطنة جديدة في الغابات الحراجية الواقعة في قرية قطمة بناحية شرا، وذلك باسم قرية “الصفية”، بدعم وتمويل من الجمعيات إخوانية خليجية وفلسطينية وهي جمعية “العيش بكرامة” التي تتبع للحركة الإسلامية الجنوبية في الداخل الفلسطيني المحتل عام 48.

إقرأ أيضا: اعرفوا اين تذهب اموال التبرعات للاجئين السوريين !

في سياق متصل، قالت مصادر إن جمعية ما تسمى “وفاء المحسنين”، باشرت بإنشاء مستوطنة جديدة في قرية كفر صفرة خلال شهر أيلول/سبتمبر 2022.

وتشكل هذه المعلومات جزء يسيراً مما تمارسه دولة الاحتلال التركي من عمليات التغيير الديمغرافي في عفرين المحتلة، إذا تعمل على محو وطمس ثقافتها الأصلية وتتريكها تمهيداً؛ لسلخها عن الأراضي السورية، وإلحاقها بالأراضي التركية.

روابط ذات صلة:

اللاجئون الفلسطينيون بين الحملات الانسانية وخديعة التوطين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى