الراية الفلسطينيةزاوية "أيقونة" الكاريكاتير الشهيد ناجي العليمن ذاكرة النكبة

34 عاماً على اغتيال الشهيد ناجي العلي وحنظلة ما زال حيا

34 عاما مرت على استشهاد رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، ابن قرية الشجرة الواقعة بين مدينتي طبريا والناصرة في الجليل.

صادف يوم امس الأحد، التاسع والعشرين من آب/أغسطس، الذكرى الـ34 عاما، لتوقف نبض ناجي العلي، بعد إصابته برصاصات غادرة يوم 22 تموز/يوليو 1987 في لندن، لكن نبضه واسمه ووطنيته ورسوماته ظلت ايقونة وبوصلة كل المضطهدين والأحرار والباحثين عن الحق والعدل.

وترك العلي العديد من الرسومات التي تميزت بالنقد اللاذع، ومن أبرز رسوماته والتي تعد توقيعا له، شخصية “حنظلة”، الطفل الفلسطيني الذي ولد في عام 1969 ، وما زال عمره عشرة اعوام.

34 عاما مرت على استشهاد ريشة فلسطين المقاتلة، والمدافعة بشراسة عن حق الفلسطيني،  الريشة التي رسمت التشرد، والمنافي، والثورة، والعمل المقاوم، والأعداء، والانتهازيين، الريشة التي ما عرفت يوما طريقا إلى فلسطين إلا طريق الكفاح، المقاومة، والند، والذي  جعل من ظهر حنظلة، موقف المصرين على حق الشعب الفلسطيني في الحياة بكرامة ووطن طبيعي وخال من الاحتلال.

ولد ناجي سليم حسين العلي في العام 1938 في قرية الشجرة الواقعة بين الناصرة وطبريا في الجليل الشمالي من فلسطين المحتلة، ونتيجة إرهاب العصابات الصهيونية اضطرت اسرته للنزوح عام 1948 إلى مخيم عين الحلوة جنوب صيدا في لبنان.

وفي عام 1962 نشر الأديب والصحافي الفلسطيني غسان كنفاني، أولى لوحات العلي في مجلة “الحرية” بعد أن أعجب بها أثناء زيارة له إلى معرض رسومات أقيم في مخيم عين الحلوة.

واشتهر العلي على النطاق العربي والفلسطيني منذ ذلك الحين من خلال شخصية الطفل “حنظلة” التي ابتدعها عام 1969 عندما كان يعمل في صحيفة “السياسة” الكويتية.

و”حنظلة” الطفل ابن العاشرة الذي قال عنه العلي إنه لن يكبر إلاّ بعد عودته إلى فلسطين موطنه الأصلي، والذي يظهر دائما مديرا ظهره عاقدا يديه خلفه، لأنه يرفض التسليم بأي محاولة احتواء أو مساومة على قضيته.

وعام 1963 سافر العلي إلى الكويت، وتلقفته صحيفة “القبس” الكويتية لمدة 11 عامًا يرسم على صحفها اليومية.

وتمكنت عائلته وأصحابه من جمع كتابٍ للعلي بعنوان: “طفل في فلسطين: رسوم ناجي العلي”، حيث قال “مهمتي التحدث بصوت الناس، شعبي في المخيمات في مصر والجزائر، وباسم العرب البسطاء في المنطقة كلها والذين لا منافذ كثيرة لديهم للتعبير عن وجهة نظرهم”.

وحملت رسومات العلي الكثير من الانتقادات للأنظمة العربية وقيادات فلسطينية عاب عليها طريقة تعاملها مع القضية الفلسطينية، وكان ناجي دائما يوقّع أعماله برسم حنظلة.

ويقول معارضو الرسام الفقيد إن رسوماته التي كان يوقعها باسم “حنظلة”، كانت مثيرة للانتقاد لدى الأنظمة العربية الحاكمة، إضافةً إلى بعض القيادات والزعماء الفلسطينيين، من حيث تعاطيهم سلبًا مع القضية الفلسطينية.

حنظلة

وعن حنظلة، فإنها لشخصية وهمية فلسطينية لطفل (10 أعوام) وقد ظهر للمرة الأولى في رسوماته عام 1969 في صحيفة “الجريدة” الكويتية.

وقيل إن شخصية “حنظلة” الرسومية تمثل فترة قاسية في عمر الأوطان، حيث يتطابق عمره وعمر رسامه.

وعلى الرغم من استخدام شخصيات أخرى في رسومات العلي مثل “فاطمة” والجندي الإسرائيلي طويل الأنف، إلا أنها لم تصل لشهرة الطفل “حنظلة”.

وقد نجح الرسام ناجي العلي في توظيف فنه الساخر في انتقاد التغيرات السياسية وفضح جرائح الاحتلال لخدمة قضية بلاده.

ولم يكن ليكبر حتى يعود ناجي إلى أرض الوطن، حينها فقط كنا سنشهد هذا الصبي يكبر وربما يظهر بوجهه أمام العالم.

اتخذه العليّ بمثابة توقيع له على لوحاته، وحصدت الشخصية ثناء الجماهير العربية، وصارت رمزًا للصمود الفلسطيني.

قال عنه العلي “ولد حنظلة في العاشرة في عمره وسيظل دائما في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود لفلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء”.

وأما عن سبب تكتيف يديه فيقول: “كتفته بعد حرب أكتوبر1973، لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة بحلول التسوية الأميركية في المنطقة، فهو ثائر وليس مطبعا”.

وأسهم هذا الموقف في رسوخ “حنظلة”، معبرًا عن موقف كثيرين حول مستجدات القضية الفلسطينية، فالطفل مقيد اليدين حاضر في كل ما يستجد على ساحتها، فظهر معبرًا عن رفضه لكل ما يحدث من حلول التسوية، الاتفاقيات والأنظمة، سياسات الداخل، وسياسات الخارج.

اغتيال العلي

عند الساعة 5:13 بتوقيت غرينتش، يوم الأربعاء 22 يوليو/ تموز 1987، أوقف العلي سيارته على رصيف الجانب الأيمن لشارع “ايفز” جنوب غرب لندن، حيث مقر جريدة “القبس” الدولية.

لم يكن ناجي يعلم أن قاتلا يترصده، ورغم التهديدات التي تفوق المائة حسب قوله، والتي كانت تنذره بالعقاب على رسوماته، وتلقيه معلومات وافية بأن حياته في خطر نظرا لأن الموساد الإسرائيلي قد جعله هدفا، إلا أن ناجي العلي لم يتخذ لنفسه أية إجراءات للحماية، لإيمانه القدري وفقا لمقولة: “الحذر لا يمنع القدر”، لذلك كان اقتناصه سهلا.

وما أن اقترب ناجي العلي من مخزن “بيتر جونز”، القريب من نقطة الاستهداف حتى اقترب منه القاتل الذي ارتدى سترة من الجينز والذي وصفه الشهود بأنه ذو شعر اسود أشعث وكثيف، وعندما سار في موازاته أخرج مسدسه وأطلق الرصاص باتجاه رأس ناجي العلي، ثم لاذ بالفرار.

نقل ناجي إلى مستشفى “القديس ستيفن”، وهو خاضع لجهاز التنفس الاصطناعي، ثم جرى تحويله إلى مستشفى “الصليب تشارنج” وأدخل إلى قسم جراحة الأعصاب، ثم أعيد مرة أخرى إلى مستشفى القديس ستيفن.

ظل العلي يصارع الموت حتى يوم السبت 29-8-1987، وانتقلت روحه إلى بارئها في تمام الساعة الثانية فجرا، ودفن في مقبرة “بروك وود” الإسلامية في لندن، وحمل قبره رقم (230191).

رحل ناجي العلي وظلت فلسطين تحمل حنظلة على وجعها، فناجي الذي رسم اخر لوحاته بدمه، رأس النهر الجاري الذي يرشد اللاحقين من بعده إلى الوطن الكامل.

المصدر” وكالة الصحافة الوطنية/ وكالات/ موقع الراية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى