“و دمشق تعطي للعروبة شكلها”
بقلم : حمدي فراج
حاول الاعلام العبري جاهدا خلال اعمال القمة العربية في جدة ، قبيلها و بعيدها أيضا ، ان يدق أسافينه المعهودة إزاء أي عمل عربي مشترك ، حتى لو كان صلاة جمعة ، كان سيتدخل في نص الخطبة ، و يرسل لنا “أبو جرير” ليلقيها او على الأقل يحررها و ينقحها .
من ضمن تلك الاسافين أن ليست سوريا هي التي عادت للجامعة العربية ، بل ان الجامعة العربية هي التي عادت الى سوريا ، و بغض النظر عن مدى صحة ذلك من عدمه ، فإن إسرائيل لا تدرك لربما ان الشعوب العربية قاطبة كانت تقف الى جانب سوريا ، ليس لأمور تتعلق بنظامها الحاكم ، بل لادراكها ان من يتهددها هي إسرائيل وامريكا و بؤر الإرهاب التي تم صناعتها في المنطقة العربية والاقليم عموما ، لقد أرادت أمريكا و إسرائيل بذلك صيد عصفورين بحجر واحد ؛ الأول القضاء على سوريا لخمسين سنة قادمة ، عبر تقسيمها و تفتيتها و اضعافها وإلحاقها بركب التخلف و الموالاة و من ثم “السلام” ، كامب ديفيد ، أوسلو ، وادي عربة ، ثم التطبيع بالجملة كما رأينا مع اتفاقيات “ابراهام” ، أما العصفور الثاني فهو المعني بالاساءة الى الدين الإسلامي الحنيف عبر خلق منظمات اسلاموية إجرامية تقتل و تعدم بالسيف ، تسبي و تزني بجهاد النكاح ، تهدم الاثار حينا و تهربها الى أوروبا وامريكا أحيانا ، حتى وصل الامر فيها ان تنبش قبور العظماء الذين مضى على رحيلهم اكثر من ألف سنة ، فما هذا كله من الإسلام ؟ لقد كتب احد الدعاة انه بتخريج داعش والنصرة اصبحنا نرى كيف ان “الناس يخرجون من دين الله أفواجا” .
لا يعرف الإسرائيليون ، و آخرهم وزير المالية سموترتش الذي انكر وجود الشعب الفلسطيني وانه تم اختراعه مؤخرا قبل مئة سنة ، ان دمشق اقدم مدينة عاصمة في التاريخ الإنساني عن حوالي احد عشر ألف سنة ، و انها كلمة كنعانية تعني الأرض المروية الشبعانة ماء و ان فلسطين و لبنان كانتا جزءا لا يتجزأ من جنوبها ، و بالتحديد مدن الساحل بيروت صور صيدا حيفا عكا عسقلان ، و هي جميعها كلمات كنعانية ، و ان دمشق كانت المدينة الوحيدة في المنطقة التي لها طريقين على التجارة العالمية ، الحرير و البحر .
ما لا يعرفه الاسرائليون عن دمشق ، ان كثيرا من الأشياء يعود اصلها و مرجعيتها اليها ، حددها شاعرها الكبير نزار قباني بستة أشياء فيها من العظمة ما يشي بعظمة المكان الذي احتضنها ، و هي الماء والشعر والحب و الفل والخيل والدهر : ( الفل يبدأ من دمشق بياضُه.. وبعطرها تتطيب الأطياب / والماء يبدأ من دمشق .. فحيثما أسندت رأسك جدول ينساب/ والشعر عصفور يمد جناحه .. فوق الشآم وشاعر جواب / والحب يبدأ من دمشق .. فأهلنا عبدوا الجمال وذوبوه وذابوا / والخيل تبدأ من دمشق مسارها .. وتشد للفتح الكبير ركاب / والدهر يبدأ من دمشق .. وعندها تبقى اللغات وتحفظ الأنساب / ودمشق تعطي للعروبة شكلها .. وبأرضها تتشكل الأحقاب) .