اخبار الوطناخبار دولة الاحتلالالراية الفلسطينيةمقالات

وليس حدادا لدينا يصنع السيوف

بقلم : حمدي فراج

     في كل مرة تحل فيها ذكرى النكسة ، يقفز الى ذهني قولان ، الأول لسيد المقاومة حسن نصر الله ، من ان إسرائيل آنذاك احتلت كل ما احتلته من باقي فلسطين الى مصر الى سوريا الى الأردن الى لبنان في ست ساعات لا في ستة أيام ، و القول الثاني للشاعر نزار قباني “و ليس حدادا لدينا يصنع السيوف” من قصيدة طويلة شهيرة بعنوان “هوامش على دفتر النكسة” .
الأول ، استطاع في غضون عشرين سنة من تأسيس حزبه ان يحرر جنوب لبنان بعد ان اجتاحته القوات الإسرائيلية و معه عاصمته التاريخية الاجمل من بين كل عواصم العرب “بيروت” ، و المجازر التي ارتكبتها في مخيمات الفلسطينيين ، و الجيش المصطنع الذي اوجدته في الجنوب ، “أنطوان لحد و سعد حداد و الأرز” عبر تفسيخ الشعب الواحد و تقسيمه الى طوائف و ملل و كتائب ، كل ذلك انتهى تقريبا مع انسحاب آخر جندي إسرائيلي او لحدي عميل في أيار عام 2000 تحت ضربات المقاومة اللبنانية و الفلسطينية بقيادة هذا الحزب و هذا الشيخ الثائر بدون توقيع أي اتفاق مع هذه الدولة التي قال عنها أنذاك انها اوهن من بيت العنكبوت .
أما الثاني فهو الشاعر نزار قباني ، الذي قدم تحليلا فكريا و تشخيصا عميقا للهزيمة / النكسة ، في القصيدة الملحمة “هوامش على دفتر النكسة” التي مر عليها الآن ست و خمسين سنة ، دون ان يذهب النظام العربي لقراءة هذه الهوامش و لا حتى الى فتح الدفتر . فرأيناهم بدلا من محاربة إسرائيل يذهبون الى مصالحتها ، و فتح سفارات و تبادل سفراء و سجاد أحمر و رفع علمها مرفرفا في أثير سمائنا ؛ كامب ديفيد فأوسلو فوادي عربة فاتفاقيات ابراهام ، ناهيك عما هو تحت الطاولة في العديد مما تبقى من عواصم العرب .
في القصيدة الملحمة ، نعى لنا نزار (اللغة القديمة و الكتب القديمة ونهاية الفكر الذي قاد الى الهزيمة . لأننا ندخل الحرب بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابة ، بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة ، و بمنطق الطبلة والربابة ..) . ثم استعرض تاريخنا الحديث والبعيد و الموغل في القدم (خمسة آلاف سنة…ونحن في السرداب ، ذقوننا طويلةٌ ، نقودنا مجهولةٌ ،عيوننا مرافئ الذباب)  .. و اقترح أن نكسر الأبواب و نغسل الأفكار و الأثواب .. (جربوا أن تقرأوا كتاب…أن تزرعوا الحروف والرمان والأعناب )… و عرج على نفطنا الدافق في الصحاري (أن يستحيل خنجراً…من لهبٍ ونار…لكنه…وا خجلة الأشراف من قريشٍ ، يراق تحت أرجل الجواري .. نجعل من اقزامنا ابطالا ومن أشرافنا أنذالا…نرتجل البطولة ارتجالا…نقعد في الجوامع…تنابلاً… كسالى ، ونشحذ النصر على عدونا…من عنده تعالى…… لا تلعنوا السماء إذا تخلت عنكم… لا تلعنوا الظروف .. فالله يؤتي النصر من يشاء وليس حداداً لدينا … يصنع السيوف ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى