هل الحرب على ايران دخلت ساعة الصفر !
بقلم : رجا اغباريه
بنيامين نتنياهو -AP
تكثفت في اليومين الاخيرين تصريحات كل قادة الامن والجيش والمخابرات الصهيونية على اختلاف اسمائهم ومراتبهم ، في سيمفونية منسقة ، تشتف منها ان الحرب على الابواب او بالاحرى ان العملية العسكرية ضد ايران قاب قوسين او ادنى ، رغم اعترافهم بصعوبتها ونتائجها وكيف ستنتهي ، وما هو الموقف الامريكي منها ، وهل تحتمل الجبهة الداخلية المهلهلة مجتمعياً داخل الكيان ردة فعل ايران لهذه الحرب المفتعلة .
لماذا نقول مفتعلة؟ لانهم يعترفون ايضاً في هذه الجوقة الاعلامية وعلى لسان رئيس (أمان) حاليوة ، ان ايران ليس لديها قرار بعد بالانتقال الى تصنيع قنبلة نووية رغم تخصيبها لليورانيوم بكمية كافية لصناعة عدد من القنابل النووية ، ناهيك عن ان عملية الانتقال هذه بحاجة كما يدعون الى تحضير ، الامر الذي لم يتم حتى الآن !
ثم ينبري ضابط سابق متقاعد يدعي انه يعرف حاليوة وكيف يفكر ، ليحلل ، ان الضربات المتكررة في الحرب البينية الدائرة بين الكيان وايران عبر ضرب مفاعلاتها النووية بطرق مختلفة وعبر ضربها في سوريا ومناطق ومواقع خفية في العالم ، ربما المقصود سايبرانية ، قد اشعر ايران وسوريا وحزب الله بالاهانة ، وان اشهار تدريبات حزب الله في جنوب لبنان هي تهديد بالحرب على دولة الكيان من جنوب لبنان للرد الفعلي الذي يلحق الضرر ب “اسرائيل” ، وهو ما لم يتمكنوا تحقيقه في الضربات البينية !!!
وسواء هذا او تلك من الاسباب ، اعتقد ان كل هذه التهديدات تأتي للتنفيس عن الضغط الذي دخل به الكيان على الجبهة السياسية التي تجري في المنطقة سواء قبل بها البعض ام لا ، في مقدمتها عودة العلاقات الايرانية السعودية وتفاعلاتها ، التي تشكل ضرباً فعلياً لاحدى الجبهات التي كانت ستقف مع “اسرائيل” او التي حسبتها ” اسرائيل ” ضمن استراتيجيتها في حالة ضرب المرافق والمفاعلات النووية الايرانية ، باعتبار ان السعودية ايضاً هي ضد المشروع النووي الايراني …
وعودة العرب الى سوريا واستعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية رغم شكلانيته الزائدة ، الا انه اوجع دولة الكيان وسيدتها امريكا وبعثر اوراق كثيرة في المنطقة .. كذلك محاولات تركيا المحمومة للتصالح مع سوريا الذي سيؤدي حتماً الى خروج القوات التركية من سوريا ، وترك امريكا معزولة على الاراضي السورية لا تستفيد استراتيجياً من وجودها هناك ، سوى نهب النفط والقمح السوري وحرمان الشعب السوري من سلته الغذائية ، الامر الذي “سيعوضه” العرب العائدين الى سوريا وفي مقدمتهم السعودية … وهذا يندرج ضمن رؤية المتفائلين من كل هذه التحركات .
لا يمكن فصل هذه المسارات الناجحة في الاقليم العربي والشرق اوسطي عن الانتصارات التي تحققها روسيا ضد حلف الناتو في اوكرانيا ، وبتنسيق وتصعيد كامل مع الصين ، خاصة على صعيد تصفية هيمنة وتأثير الدولار من دول كثيرة في العالم ، بخاصة في دول البريكس ومن يتعامل معها اقتصادياً .
كل هذا يدفع للتساؤل عن الدور الامريكي في الضربة “المنتظرة” وهل ستدخل هذه المغامرة ، وهي تعرف تماماً ان روسيا والصين داخل المشهد .
من الواضح تماماً انه كلما طال وقت تنفيذ الضربة التي يهددون بها ويضعونها على رأس جدول استراتيجيتهم المعلنة ، كل من نتنياهو ورئيس الاركان هاليفي ورئيس “امان” حاليوه ومنسقهم رئيس ” ملال” ، هنجبي ، القابع في مكتب نتنياهو ، كلما استحال تنفيذها ، لأن ايران تزداد تسلحاً باسلحة لا تقل خطراً عن قنبلة نووية . بل ان بعض المحللين قال ، ان الثقة الزائدة والابتسامات الايرانية في المنطقة ، تبعث على الاعتقاد انهم يملكون قنبلة نووية ، وان مدنهم العسكرية ، الصاروخية ومفاعلاتهم النووية اصبحت تحت الارض ولا يمكن ضربها والتأثير عليها ، كما حصل مع مفاعل العراق او سوريا ، وقد ذكروا ان مفاعل “نطنز” الذي اصابوا جزءاً منه بضرر ، اصبح الآن تحت جبل ولا يمكن ضربه!!
نستنج من كل هذه الصورة ان المستهدفة الاولى ايران شبه محصنة ، حسب اقوال خبراء دولة الكيان العسكريين ، وان الشيء الاكثر احتمالاً هو حرباُ محدودة على مختلف الجبهات المحيطة ، لبنان ، ربما سوريا ، وغزة ، كحرب تنفيسية ، يفتعلها الكيان ، دون شطب ضرب المفاعلات الايرانية في معمعان هذه الحرب ، بحجة ان ايران تقف خلف جبهات محور المقاومة .
لكن الوضع الداخلي المتفكك مجتمعياً داخل الكيان وعدم امكانية تحمل جمهور هذا الكيان حرب الايام الخمسة التي خاضتها بالامس الجهاد لوحدها تقريباً ، يبعث على الاستنتاج ان هذه الحملة نابعة عن خوف من اي حرب ممكنة في الاسابيع والاشهر القادمة ، وان ضرب ايران لن يتم الا بموافقة امريكية ، وان زيارة نتنياهو للبيت الابيض لن تتم قبل عدة اشهر .
نعم “اسرائيل” تستعد عسكرياً منذ سنوات طويلة لتنفيذ ضرب المفاعلات النووية الايرانية ، لكن ذلك يقابله تطور عسكري استراتيجي سريع للجيش الايراني ، الامر الذي حال حتى الآن دون تنفيذ تهديدات ضرب ايران ، واعتقد ان هذه الفرصة على وشك النفاذ ، واذا ما نفذّت غدراً كما هو معهود عن هذا الكيان ، فان وجود الاخير في حالته الآنية سيتغير تماماً وستفتح خيارات جديدة على مستوى المنطقة والقضية الفلسطينية تحديداً …. وان غداً لناظره قريب !