اخبار الوطنالاخبار الرئيسيةالتحرير للاسرىالراية الفلسطينية

“موجوعة”

لم يكتف الاحتلال الصهيوني، بحرق جسدها، إنما يحرق كل ثانية قلبها ببُعدها عن طفلها الوحيد، وحرمانها من العلاج للتخفيف عن آلامها، حتى حبة الدواء البسيطة باتت ممنوعةً عنها، لتعيش الموت في اليوم، ألف مرة ومرة.. إنها الأسيرة إسراء جعابيص

الجعابيص، سيدة فلسطينية كان قدرها كقدر بلادها، الحرق والأسر، عام 2015، كانت إسراء في طريقها إلى منزلها في القدس المحتلة، قادمة من أريحا، تنقل أغراضاً منزلية معها في مركبتها، منها أنبوبة غاز وجهاز تلفاز، عندما وصلت إلى حاجز “الزعيم”، الذي يجب عليها أن تتخطاه للدخول إلى القدس، ولحادث عرضي انفجر البالون الهوائي في السيارة، مما تسبب باشتعال النيران داخلها نتيجة أنبوبة الغاز. فكان ذلك اليوم مفصلياً في حياة إسراء كليّاً، وبداية ما لا يمكن توقعه.

وفي تصريح لإسراء مع محاميها عن الحادثة، وقالت، “اشتعلت السيارة، فخرجت منها مسرعة، قابلني جندي ورفع السلاح في وجهي، وأخذ يصرخ بالعبرية (ارمي السكين)، ولم أكن أحمل سكيناً، وصرخ جندي آخر  “أطلقوا النار، بقيت على الأرض في الشارع دون ملابس حوالي ربع ساعة، إلى أن حضرت سيارة الإسعاف”.

وتسبب الحادث بحروق شديدة في نصف جسدها، لم يعد الوجه وجهها الباسم الذي كانت تُضحِك به الأطفال خلال فنون التهريج، فقدت أصابع يدها بالكامل، وما زالت تعاني من حروق في الظهر، تتفاقم مع الإهمال الطبي المتعمد لها في ظروف الأسر المهينة!

في أولى محاكماتها قالت أمام الجميع “أنا موجوعة”، صُمّت الآذان عن هذا الوجع! وحكمت محكمة الاحتلال عليها بالسجن 11 عاماً، ويرفض الاحتلال تلبية حاجاتها الطبية لعمليات جراحية وظيفية تمكنها من الحركة والاعتناء بنفسها- حتى لو كانت هذه العمليات على نفقة عائلتها-، كما يمنع إسراء من رؤية ابنها الوحيد معتصم.

ليست حروق الجسد والتصاق الجلد ببعضه وذوبانه هو ما يحرق إسراء وحده، وإنما أيضاً يحرقها حرمانها من طفلها أن تراه يكبر أمام ناظرها، ستخرج من السجن وتجده شاباً، لن ترقب بزوغ لحيته ولن تعيش معه جنون مراهقته.

أما معتصم طفلها فيقول: “أنا محروم من أمي منذ 7 سنوات، كل طفل بروّح من المدرسة على الدار بلاقي إمه، إلا أنا”. كذلك ناشد أبناء شعبه بالوقوف إلى جانب والدته، للمطالبة بعلاجها.

حديثا، وفي السادس والعشرين من الشهر الجاري، زار المحامي حسن عبادي الأسيرة الجريحة إسراء،، وقال “التقيتُ صباح اليوم في سجن “الدامون” بالأسيرة إسراء رياض جعابيص، اللقاء الرابع لنا في الأشهر الأخيرة، وحدّثتني بداية عن وضع أسيرات الدامون ووضعها الصحّي”.

وعبّرت عن فرحتهن لسماع “إم يافا” عبر الإذاعة موصلة تحيّة لها ولوالدتها بمناسبة عيد الأم.

وأضاف “حدّثتني عن البحث الجندريّ الذي أعدّته، وعن مشروعها الكتابيّ؛ نيّتها التواصل مع ابتسام أبو ميالة ووليد الهودلي بخصوص كتابات للأطفال؛ “بمعنويات صغير وقفت” وتأمل أن يصدر قبل يوم ميلاد ابنها معتصم في السابع عشر من أيلول/سبتمبر القادم”.

وتابع عبادس “وكذلك مخطوطة “موجوعة” التي نجحت في اختراق جدران الدامون، أخبرتها أنّني حوّلتها لصديقي فراس ليهتم بتحريرها تطوّعًا، تحلم بإطلاقه يوم ميلادها (22.07) ووعدتها بكتابة مقدّمته، وسيرافقه معرض رسومات لمرح بكير”.

وقال أن جعابيص “قرأت على مسامعي تغريدة جديدة:
“أسير وبأدب السجون خبير
سندباد على بساط الأحلام يسير
بكتب بقلمه ليسافر لأرض الضمير
ثائر وللثورة ثواّر بثير
بحروف على السطور تطير
يوثّق أحداثًا بالوصف والتعبير”.”.

وكانت قد نقلت الأسيرة المقدسية الجريحة إسراء الجعابيص رسالة عبر عائلتها، تؤكد فيها أنها ما زالت تعاني وتتألم داخل سجون الاحتلال، وتدعو الجميع ألا ينساها وينسى معاناتها.

وعبر والد الأسيرة إسراء الجعابيص عن افتقاده واشتياقه الدائم لابنته إسراء، ولفت إلى أن قدر إسراء هو بقدر كل إخوانها الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال.

وأضاف أن فلسطين أرض غالية وعزيزة جدا على كل من أحبها وانتمى لها، مؤكدا أن كل الفلسطينيين مستعدون للتضحية من أجلها وتقديم الغالي والنفيس.

وأشار الجعابيص أن نجلته في الأصل مظلومة ولم ترتكب أي جرم يدفع الاحتلال لاعتقالها.

وقال “لقد كانت تسير بمركبتها مثلها كغيرها، وبسبب التباس من ضابط إسرائيلي وافتراء منه وتقديم إفادتين ضدها تم اعتقالها وترفض محاكم الاحتلال الافراج عنها”.

وتوّجه الجعابيص الى احرار للعالم بضرورة مساندة ابنته حتى يتم الافراج عنها في ظل ظروفها الصحية الصعبة.

وشدد أن رسالة إسراء للعالم عندما قالت له “أطلب منكم بضرورة أن تتوجهوا لكل مسؤول وصاحب شأن ألا ينسوني، فأنا بشر أتألم وإن كنت أحاول أن أتجاوز المشكلة التي أعاني منها إلا أنني ما زلت أعاني”.

بالتالي، فإن حق إسراء أن ننصرهما ولو بالقليل، الاحتلال لن يفرج عن إسراء لأننا نريد ذلك، فإجرامه لا يمكنه أن يستوعب كيف ينخر الوجع في جسد سيدة ويحترق قلب أم بغيابها عن طفلها، فإسراء من عشرة أسيرات أمهات، من بين  33 أسيرة، يتكوين بشوقهن لأبنائهن.

بعد كل هذا هل نتركها وحيدة، لنكن صوت إسراء!

الأسيرة الجعابيص في رسالة للعالم: “لا تنسوني.. ما زلت أعاني”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى