اخبار الوطنالاخبار الرئيسيةالتحرير للاسرىالراية الفلسطينيةالمرجعتقارير الراية

“معركة العلم” تعود للواجهة مجددا… دوافع وتداعيات وسبل مواجهة قرار منع رفع علمنا

كل شيء فلسطيني يزعج الاحتلال الصهيوني، فالشعارات المكتوبة على الجدران ترعبه، والهتافات الثورية في المسيرات الشعبية تهزه، أما العلم الفلسطيني فتصاغ له القوانين العنصرية لملاحقة حامليه.

لا يكتف ما يسمى بوزير الأمن القومي في الكيان الصهيوني، إيتمار بن غفير، بحربه على الفلسطيني بكل مكوناته، خاصة الأسرى، والمسجد الأقصى والاستيطان وغيرها من ، بل يسعى بكل إجرام وتعسف وانتهاك لإعلان حربه على الهوية والرمز الفلسطيني وهو العلم.

يحاول بن غفير محاربة العلم الفلسطيني، بإيعازه لشرطة الاحتلال بمنع رفع العلم الفلسطيني، في المجال العام في الداخل الفلسطيني المحتل عام 48، وخلال المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، فوق أسطح المنازل والمؤسسات وخلال الاحتفالات المتنوعة خاصةً بتحرر الأسرى من سجون الاحتلال، بهدف الفصل بينهم وبين باقي الشعب الفلسطيني.

اقرأ أيضا: “الكنيست” يصدّق على مشروع قانون سحب الجنسية من أسرى الداخل

وفي تأكيد على على عنصرية الاحتلال وفشله في طمس الهوية الفلسطينية، ففي  29 مايو/أيار 2022 ، أقرَ “الكنيست” الصهيوني قانون تجريم رفع العلم الفلسطيني، وبموجبه يتم اعتقال أي فلسطيني يحمل علم فلسطين داخل أي مؤسسة في الكيان.

وأعتبر القانون في قراءته الأولى العلم الفلسطيني ضمن الأعلام المحظورة، ويمنع رفعه داخل الجامعات والمؤسسات التي تمول من قبل الكيان، ما يوفر الغطاء القانوني للقوات الاحتلال، التي صادرت في مناسبات مختلفة الأعلام الفلسطينية رغم عدم وجود قانون يمنع رفعها سابقا. والقانون الذي مُرر لم يحدد غير العلم الفلسطيني كعلم عدو للاحتلال.

وهي ليست المرة الأولى التي يثار فيها موضوع الأعلام، فقد شهدت مدينة القدس “مسيرة الأعلام” الصهيونية، بعد أسبوعين من رفع طلاب فلسطينيين العلم الفلسطيني في عدد من جامعات الكيان، ما أثار حفيظة “إسرائيل” رسميا.

وجاء الرد على مسيرة المستوطنين الاستفزازية، وعلى الاعتداءات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، خروج مئات الفلسطينيين، انطلاقا من “عين النبي” في أم الفحم، وصولا الى الشاغور، في الداخل الفلسطيني المحتل في مسيرة الأعلام الفلسطينية الأولى من نوعها فلسطينياً، ولاتي نظمتها الحركات الوطنية في الداخل، في حين أكد القائمون على المسيرة، بأنها فاتحة لمسيرات تقليدية سنوية.

اقرأ أيضا: الأولى من نوعها- مسيرة الأعلام الأولى في الداخل الفلسطيني المحتل

وأقرب حادثة كانت في الاحتفالات بتحرر الأسير كريم يونس، وفي حادثة أخرى، شهدت استنكارا عالميا هي محاولة شرطة  الاحتلال منع رفع العلم الفلسطيني أثناء تشييع جنازة الصحفية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، حيث صادروا جميع الأعلام بناء على أمر من قائد شرطة القدس المحتلة.

بن غفير أوعز الأسبوع الفائت، للمفتش العام لشرطة الاحتلال كوبي شبتاي، بحظر رفع العلم الفلسطيني في التظاهرات، خاصة، بعد إطلاق سراح الأسير كريم يونس، والتي رفض خلالها الاحتلال كافة مباهج الاحتفالات بالإفراج عنه باعتباره رمز وطني.

اقرأ أيضا: “بن غفير” يوعز بمنع رفع العلم الفلسطيني في الأماكن العامة

هذه السياسة التعسفية دفعت فلسطينيي الداخل المحتل، لرفع العلم الفلسطيني، كرد على قرار بن غفير، وأطلقت حملة “ارفع علمك” الشعبية ودعوتها لرفع العلم الفلسطيني، والتغريد عبر المنصات الإلكترونية، ردًا على قرار بن غفير، وشهدت تفاعلا كبيرا.

فيما أدانت الحركات الوطنية في الداخل المحتل، هذا القرار، وأعربت عن إصرارها بمواصلة رفع العلم، وتمسكها به على ما يمثله من رمزية، وهوية فلسطينية وأيضا لارتباطه بمورث النضال، موضحة أن  قضية العلم ومنع رفعه ليست بالجديدة ودوما هناك حالات قمع للشباب من قبل الاحتلال بهذا الخصوص.

نزار هواري

وفي هذا الصدد، أكدت الناشطة الوطنية، نزار هواري، أنَّ رفع العلم الفلسطيني على مدار سبعة عقود في ظل منظومة الاحتلال والاستعمار الصهيوني، لهو تحديا وجوديا جليا وظاهرا لهذه المنظومة التي تحارب وترفض كل وجود لمقومات ورموز للشعب الفلسطيني.

وقالت هواري، إنَّ رفع العلم الفلسطيني في كافة المناسبات والاعتصامات والتظاهرات والتجمعات الفلسطينية حصرا في أراضي الـ 48 هو حربًا لم تحُطّ أوزارها بعد لأنه تعبيرا عن وجودنا كشعب له هوية ورموزا وحقوقا وانتماء لهذه الأرض، مشيرة إلى أن هذا الوطن الذي احتله الكيان حتى هذه اللحظة مكونا مشروعًا استعماريًا، احتلاليًا واحلاليًا بدءًا منذ النكبة في أكبر عملية تطهير عرقي في العهد الحديث. حيث قام هذا الاحتلال بهدم أكثر من خمسمائة وخمسون قرية ومدينة وهجّر سكانها الأصليين وشتَّت شملهم وقطع أواصر الترابط بينهم وصادر أراضيهم وبتَر حياتهم الاقتصادية والثقافية والمدنية.

وبينت أن هذا الاحتلال، منذ عام 1948، يعمل حثيثا وبشكل ممنهج على إخفاء أي أثر للشعب الفلسطيني من مقولة ” أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” وحتى إخفاء ومحو المبنى والبيت والحجر والآثار والطبيعة والأكل والتراث والأسماء والرموز والعلم. مضيفة أن هذه المنظومة الفاشية، تعمل على الغاء حقوقه ليس في تقرير مصيره وقمعه وسن القوانين العنصرية الجائرة فحسب وانما لتساهم هذه القوانين في عملية محو رموزه من الوعي الفلسطيني والإسرائيلي مستعينا بذلك بمجلسه التشريعي\ “الكنيست” وبرلمانها ورجالاتها اليمينيين المتطرفين لسن قوانين تساهم في عملية ” دفن” رموز الشعب الفلسطيني الحية الثائرة والراسخة في وعيه ووجدانه جيلا بعد جيل.

يريدونها حربا دائرة ومستمرة

وقالت إنَّ” رفع العلم الفلسطيني في كافة أماكن تواجد الشعب الفلسطيني إن كان ذلك في الداخل الفلسطيني، في الضفة الغربية، في غزة، في مخيمات اللجوء والشتات، هو العودة للمواجهة في المربع الأول والعودة لطبيعة الصراع وهذا ما لا يريده بن غفير وزمرته في الحكومة اليمينية المتطرفة. بل يريدونها حربا دائرة ومستمرة على الشعب الفلسطيني وعلى حركته الوطنية لطمس هويتنا ورموزها”.

وأوضحت أن العلم الفلسطيني، رفع في الأسبوع الفائت في قرية عارة في المثلث الشمالي في استقبال عميد الأسرى الحر كريم يونس، والذي أمضى أربعون عاما من عمره في غياهب وزنازين الاحتلال، قد أثار حفيظة وزير الأمن القومي بن غفير واستفزه علما بأنّ “رفع العلم الفلسطيني بحد ذاته غير مخالف للقانون، وفق تعليمات مكتب المستشار القضائي منذ توقيع اتفاقيات أوسلو، وخاصة بعد حصول فلسطين على صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة والاعتراف العالمي بها”.

وأشارت إلى أن البند 82 من لوائح الشرطة، يمنح المفتش العام للشرطة صلاحية “منع رفع أو نشر أي رمز أو شعار من شأنه الاخلال بالسلم العام”. لكن لا يوجد أي ذكر لمنع رفع العلم الفلسطيني بشكل جارف وجامع في الحيز العام والذي يُعْتَبر أحد وسائل التعبير عن الرأي. وعلى بن غفير أن يتوجه الى الحكومة ومن ثم إلى “الكنيست” لسن قانون لمنع رفع العلم الفلسطيني.

أبناء الحركة الوطنية دفعوا اثماناً باهظة

وحول العوامل التي تدفع الاحتلال لمحاربة أي ظاهرة وطنية قد تسبب له حرجا أمام المجتمع الدولي ومن بينها رفع العلم الفلسطيني، أكدت أن أبناء الحركة الوطنية، دفعوا اثماناً باهظة في مسيرتهم الوطنية على مدار سبعة عقود من الصراع والنضال ضد الاحتلال. لقد كان رفع العلم الفلسطيني محظورا واعتبر مخالفة قانونية دفعت ثمنها الكوادر الوطنية بالسجن وبالإقامات الجبرية وتحديد الإقامة والتحركات ومنعهم من دخول أراضي ال 67. على الرغم من ذلك، كان رفع العلم بمثابة تحديا واصرارا كرمز من رموز الثوابت الوطنية الشاملة للكل الجامع للشعب الفلسطيني.

وأكملت “لقد كان للعدوان على لبنان عام 1982 وللانتفاضة الأولى والمد السياسي والثوري الذي عاشه الفلسطينيين في الثمانينيات من القرن الماضي أثره على الداخل الفلسطيني وقد شكلوا عاملا محفزا على جعل العلم الفلسطيني مرفوعا في المظاهرات والاحتفالات الوطنية، في الجامعات وساحاتها، في يوم الأرض ومسيرات العودة والمناسبات الوطنية كيوم الأسير وغيرها”.

لا رادعا ولا حرجا لهذه الحكومات

وقالت هواري إنَّ مشهد الاعلام الفلسطينية في مسيرات العودة، مشهدّا عابرّا للأجيال انما يريد به الفلسطيني بكافة أطيافه وأشكاله وأجياله، يريد أن يعبر عن انتماءه وعن هويته الوطنية وعن حقه في العودة الى أرضه في مدنه وقراه، محتجا بذلك على سياسات التمييز العنصري والابرتهايد التي تنتهجها الحكومات المتعاقبة، مشيرة إلى أن الحقائق اثبتت ان لا رادعا ولا حرجا لهذه الحكومات أمام المجتمع الدولي للقوانين الجائرة التي تسنها على مدار سنوات لتضييق الخناق على الفلسطينيين وأخرها محاولات بن غفير قوننة\ سن قانون منع رفع العلم الفلسطيني والذي سيلاقي دفيئة ودعما في حضن هذه الحكومة اليمينية المتطرفة.

وبينت أن منظمة العفو الدولية “أمنسي” رأت بتلويح بن غفير بمنع رفع العلم في أراضي الـ 48 “محاولة جبانة ومتوقعة لطمس هوية شعب ومخالف لمواثيق الأمم المتحدة وحقوق الانسان. وان هذا السلوك معروفا منذ فجر التاريخ في الأنظمة القمعية والدكتاتورية حول العالم لقمع أقليات ومجموعات مستضعفة ومصادرة حقها في التعبير”.

وحول سبل مواجهة هذا القرار، شددت هواري، على أن العلم الفلسطيني سيُرْفَع حتى لو سنَّت “الكنيست” مائة قانون يمنع ذلك، وسيُرْفَع العلم الفلسطيني في المدن والقرى وفي يوم الأرض ومسيرات العودة واحتفاءً بتحرر الأسرى وفي الجامعات والميادين. كذلك سيبقى العلم الفلسطيني رمزا للهوية والانتماء والوطن، حتى لو كان هذا الوطن مفقودًا. ومهما صعّد هذا الكيان بمؤسساته التشريعية والتنفيذية بتعامله الفاشي مع الشعب الفلسطيني من خلال قوانينه وممارساته الوحشية اليومية، سيبقى العلم ما يوحدنا وما يجمعنا في كافة أماكن تواجدنا.

عودة الى فترة الحكم العسكري

وتطرقت هواري إلى التهديد بسحب الجنسية لأسرى الداخل المحررين وابعادهم الى الضفة الغربية تزامنًا مع الشروع بسن قانون يمنع فيه رفع العلم الفلسطيني بحجة دعم الإرهاب والتحريض على “إسرائيل”، معتبرة أن هذا التهديد ما هو الا عودة الى فترة الحكم العسكري في سنوات الستين الاولى من القرن الماضي ومقولة جارفة حول يهودية الدولة والتعامل مع الفلسطينيين في الداخل كعبيد حقول ومواطنين مؤقتين ينتظرهم الترانسفير او الأسر في المعتقلات والسجون.

اقرأ أبضا: قانون سحب “الجنسية” من الأسرى.. لؤي خطيب: إعلان حرب على الحركة الوطنية يعيد المواجهة إلى المربع الأول

وقالت إنّ المواجهة التي خَبِرَها شعبنا ضد قانون برافر وهبة أيار الأخيرة وما بينهما من مواجهات واعتقالات، تتطلب اليوم من الحركة الوطنية بكافة أطيافها بالالتفاف حول الحراكات الشبابية وعدم تركها في الشوارع والميادين فريسة للقوانين العنصرية وللأحكام الجائرة والعالية التي نالت العديد من المعتقلين من هبة أيار، مؤكدة ان شعبنا كسر حاجز الخوف والوجل أمام عسكرة هذا النظام ومخابراته، لكننا أمام حقبة ومواجهة قادمة عصيبة وأمام عنصرية وفاشية ستتطلب منّا المزيد من الثبات ووحدة الصف وإعادة بناء مشروعنا الوطني الوحدوي والتكافل والدعم لعائلات الأسرى والمعتقلين. لان الأسر والاعتقال سيطال جميع بيوتنا وأبناءنا وبناتنا في المواجهات القريبة أمام هكذا قوانين عنصرية فاشية ورادعة.

وخلصت هواري بالقول “حرِيٌّ بنا أن نوظِّفَ هذا الدعم والتكافل الدولي والعالمي لدى شعوب العالم للشعب الفلسطيني لصالح قضيتنا العادلة ومن أجل إيصال صوتها لكافة المحافل والميادين في العالم. حيثُ تنعدم العدالة في العالم يُرْفَع علم فلسطين. حين تعبر الشعوب عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني تَرْفَع علم فلسطين. #علمنا_هويتنا”.

سهيل صليبي

من جانبه، عضو المكتب السياسي في الحركة الوطنية في الداخل المحتل “أبناء البلد”، سهيل صليبي أكد أن قرار منع رفع العلم الفلسطيني، يأتي باعتبار العلم من الرموز الوطنية للشعب الفلسطيني والتمسك برفعه هو تمسك بالهوية الوطنية الفلسطينية والانتماء للشعب الفلسطيني.

وأوضح صليبي “حسب قانون الاحتلال لم يتم إلغاء منع رفع العلم الفلسطيني، إنما وحسب رأي وتوجيهات المستشار القضائي لحكومة كيان الاحتلال تم الغاء تقديم لائحة اتهام بحق من يرفع العلم الفلسطيني وذلك لأن قادة كيان الاحتلال شاركوا بجلسات ومفاوضات كان العلم الفلسطيني بها حاضرا”.

وقال “إذ ما راجعنا ممارسات الاحتلال -بأذرعه ادواته المختلفة- منذ النكبة وحتى اليوم، نراها تتوغل بالعنصرية والفاشية مع مرور الزمن وكلما طال أمد الاحتلال، وتزداد توحشا كلما تمسك شعبنا أكثر بهويته الوطنية وحقوقه التاريخية وخاصة في الداخل الفلسطيني”.

وبين أن البند الذي يستند إليه الاحتلال لمنع رفع العلم، فهو لإدراكه بطبيعة الصراع والتناقض والتضاد بين الهوية الوطنية الفلسطينية وحقوق شعبنا الفلسطيني من جهة وكيان الاحتلال من الجهة الاخرى، وأن الصراع ليس على حدود وتقسيم الوطن الفلسطيني غير القابل للتقسيم.

يسعى لطمس هوية ورموز الشعب

وأكد أن طبيعة أي احتلال كولونيالي -كما هو للوطن الفلسطيني- يسعى لطمس هوية ورموز الشعب الواقع تحت الاحتلال حتى يتسنى للمحتل إلغاء ونفي هوية الشعب المحتل تماما، مشيرا إلى أن القضية ليست هي الحرج أمام المجتمع الدولي بقدر ما هي طبيعة الصراع (كما ذكرت سابقا) باعتباره صراع وجود وليس صراع حدود. ولهذا يسعى الاحتلال الى محاربة كل ظواهر الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني والتي من ضمنها العلم الفلسطيني والنشيد الوطني وحتى الاغاني والاهازيج والادب والشعر الفلسطيني واللغة بشكل عام، في محاولة بائسة لتشويه وطمس كل ظواهر الهوية الوطنية.

وشدد عضو المكتب السياسي لحركة “أبناء البلد”، على أن مواجهه هذا القرار، تكون كما جاء الرد على تصريحات رئيسة حكومة كيان الاحتلال جولدا مائير حين قالت “ان الكبار يموتون والصغار ينسون”، فكانت ذاكرة الصغار أقوى وتمسكهم بهويتهم الوطنية الفلسطينية وانتمائهم للشعب الفلسطيني أكثر.

سيزداد تمسكنا بأحد رموز هويتنا الفلسطينية

وأردف بالقول: “كذلك الأمر الآن سيزداد تمسكنا بأحد رموز هويتنا الفلسطينية، ألا وهو العلم الفلسطيني وسيرتفع بيد جميع أبناء شعبنا الفلسطيني كبارا وصغارا ولن تردعنا خزعبلات وتهديدات الفاشيين والقوانين العنصرية، كما لم تمنعنا سابقا قوانينهم (قبل ما يسمى باتفاقيات أوسلو) من رفع العلم بكل الوسائل ومهما بلغ ثمن التضحية، مبينا أن تفعيل قانون منع رفع العلم الفلسطيني وقانون سحب الجنسية عن أسرى الحرية والضمير الذي تحرروا و/أو سيتحررون لاحقا، إضافة للقوانين العنصرية الأخذة بالازدياد على مدار أكثر من خمسة وسبعين عاما من عمر الاحتلال رسالة واضحة للذين راهنوا أو يراهنون على دولة المساواة و/أو دولة المواطنين، فهذه النتيجة الطبيعية لدولة الاحتلال في المزيد من العنصرية والفاشية، وعليه فان وحدة شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده يجب أن تكون نتيجة طبيعية وحتمية.

وقال صليبي “اننا على دراية ان العلاقة طردية بين ارتفاع منسوب تمسكنا بهويتنا الوطنية وانتمائنا لشعبنا الفلسطيني وبين ازدياد القوانين العنصرية والممارسات الفاشية، وأيضا ندرك ان هناك علاقة عكسية بين ازدياد الفاشية والعنصرية وبين استمرار الاحتلال، فكلما إرتفع منسوب الفاشية إقترب موعد إنتهاء الاحتلال، فأكثر اوقات الليل حلكة هي قبل بزوغ الشمس”.

فادي برانسي

وحول قانونية هذا القرار، بين المحامي فادي صالح برانسي، عضو الحركة الوطنية في الداخل المحتل “كفاح”، أن السلطة التشريعية في الكيان الصهيوني، لم تسن قرار يمنع رفع العلم الفلسطيني، بل أن بن غفير قام بتوصية للشرطة يمنع رفع العلم في الأماكن العامة.

توصية بن غفير للشرطة غير قانونية

واعتقد برانسي، أن توصية بن غفير للشرطة غير قانونية، رغم أنه مخولا قانونيا بموجب موقعه بإعطاء الشرطة توصيات لتعمل وفقها، ولكن التوصية هذه هي توصية عنصرية، تأتي ضد مجموعة معينة من المواطنين، وهي عنجهية.

كذلك اعتقد برانسي أن المحكمة ستقوم بأبطالها، اذا لم تقم المستشارة الحكومية لذلك.

وأكد أن رفع العلم الفلسطيني مسموح قانونيا، إذ لا يوجد قانون يمنع ذلك، وكل ما ليس ممنوع بالقانون مسموح.

وقال “غير ذلك أضيف، أنه في الماضي كان ممنوعاً رفع العلم الفلسطيني، وبعد ذلك تم اجازة رفعه”، لافتا إلى أن “بن غفير أو غيره،  لم يتقدموا بإقتراح قانون كهذا لـ”الكنيست”، لكن نظراً لعنصرية هذه الحكومة التي تكشف الوجه الحقيقي لـ”أسرائيل” فمن المعقول أن يقدم اقتراح كهذا، لأن سياسة بن غفير هي بهلوانية”.

أمنستي: منع رفع علم فلسطين محاولة لطمس هوية شعب

ومن جانبها، وصفت منظمة العفو الدولية “أمنستي” قرار ما يسمى وزير الأمن القومي الصهيوني، المتطرف إيتمار بن غفير منع رفع العلم الفلسطيني في الداخل الفلسطيني المحتل عام 48، بأنه محاولة جبانة ومتوقعة لطمس هوية شعب، ومخالف لمواثيق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان.

اقرأ أيضا: أمنستي: منع رفع علم فلسطين بالداخل محاولة جبانة ومتوقعة لطمس هوية شعب

وأوضحت المنظمة في بيانٍ، أنه “يستدل من الاستطلاع الذي أجرته أن التحريض على العلم الفلسطيني من سياسيين ومنظمات “إسرائيلية” طوال السنوات الماضية لاقى نجاحا كبيرًا في زرع الخوف في نفوس معظم اليهود عند رؤيته”.

ونبّهت إلى أن الاستطلاع أكد أن أكثر من 80% ممن يرفعون العلم الفلسطيني يقصدون به التعبير عن هويتهم الوطنية، أو الاحتجاج على سياسة التمييز العنصري، التي تنتهجها سلطات الاحتلال ضدهم.

وقالت: “هذا السلوك معروف منذ فجر التاريخ في الأنظمة القمعية والدكتاتورية حول العالم. قمع حرية التعبير لأقلية معينة هو مجرد بداية وتمهيد لقمع أقليات ومجموعات مستضعفة أخرى ومصادرة حقها في التعبير”.

وطالبت منظمة العفو الدولية “السلطات الإسرائيلية” بالتراجع عن التعليمات التي أصدرتها، محذرة  من أن هذه التعليمات تشكل انتهاكا واضحا للمواد 2 و7 و19 و20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة، والتي تشكل حجر أساس للقانون الدولي.

رفع علم فلسطين- الوضع القانوني القائم

وفي هذا السياق، أوضح مركز “عدالة” في ورقة جرد موجز للوضع القانوني بما يخص رفع العلم، أنّ المصدر القانوني الذي تم الاعتماد عليه لاعتقال ومحاكمة رافعي علم فلسطين، هو بند 4 (خ) لقانون منع الإرهاب من عام 1948، والذي منع رفع العلم اطلاقا كونه رمزا وعلما لمنظمة التحرير الفلسطينية المحظورة في القانون “الإسرائيلي”. ولكن، وبسبب التغيّر بشكل العلاقات بين “إسرائيل” ومنظمة التحرير الممثلة بـ”السلطة الفلسطينية” في أعقاب اتفاقيات “أوسلو”، الوضع القانوني لتجريم رفع العلم الفلسطيني تغيّر. اذ قام المستشار القضائي في عام 1994 بتوجيه السلطات بعدم فتح ملف جنائي ضد من يرفع العلم.

وفسّر ذلك باعتراف “إسرائيل” بمنظمة التحرير الفلسطينية وتوقيع اتفاق معها، وبالمفاوضات التي تتم مع المنظمة والاعلانات المشتركة بينها وبين الكيان. تم قبول رأي المستشار القضائي في قرار حكم من عام 1994.

وفي 2003 أصدرت المحكمة “العليا” قرار بما يخص دعاية انتخابيّة التي يظهر فيها علم فلسطين والذي اقتضى بأنّ رفع علم فلسطين هو جزء من حرية التعبير في دعاية انتخابيّة ولذلك ليس هناك أي سبب لمنعها.

 في عام 2009 قامت الشرطة، على إثر التوجه الى المحكمة “العليا بسحب” اشتراطها لإعطاء موافقة على إقامة مظاهرة بعدم رفع علم فلسطين.

مع ذلك هناك بعض التحفّظات بالنسبة للتعليمات، ففي توضيح نائب المستشار القضائي للحكومة للشؤون الجنائية من عام 2014، أوضح أنّ التوجيهات تنص على عدم تجريم رفع العلم الفلسطيني بشكل جارف، اذ يجب فحص كل حالة على حدة. ولكنه اكدّ بأنه لا توجد “حصانة مطلقة” لرفع العلم والتوجيهات تنص أنّه في الحالات التي سيؤدي بها رفع العلم الى “إخلال بالنظام وتهديد سلامة الجمهور” على الشرطة إزالة العلم، وفي تلك الحالات يمكن فحص تقديم رافع العلم للقضاء.

وفي 25.9.2021 أمر قاضي محكمة الصلح في القدس المحتلة بتحرير متظاهر بعد أن تمّ اعتقاله في المظاهرة الأسبوعية في الشيخ جرّاح على خلفيّة رفع علم فلسطين، ووضّح القاضي أنّ رفع العلم الفلسطيني لا يشكّل مخالفة بحسب القانون، حيث أنّه لم يتم التوضيح كيف أخلّ رفع العلم بالنظام وامن الجمهور.

لذا بالإمكان القول بان الوضع القانوني اليوم لا يجرم مجرد رفع العلم لكنه يمكن ان يجرم اذا ما اثبت ان رفع العلم أدى الى الاخلال بالنظام العام وسلامة الجمهور.

حتى بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وبالتحديد العدوان على لبنان عام 1982، كانت القوى الوطنية في الداخل، مثل حركة “أبناء البلد”، ترفع العلم الفلسطيني في المناسبات الوطنية مثل مظاهرات يوم الأرض عنوة وباستخدام اللثام.

لكن بعد العام ذاته أصبح رفع العلم الفلسطيني أمراً شبه عادي، فجاءت الانتفاضة الأولى لتعطي زخماً وشرعية جماهيرية أكبر لرفع العلم. أما بعد أوسلو وقبول “إسرائيل” برفع العلم الفلسطيني في اللقاءات والمفاوضات الثنائية، فلم يعد رفع العلم الفلسطيني مخالفاً للقانون، بل أقرّت محكمة الاحتلال “العليا” حق فلسطينيي الداخل برفع علم الشعب الفلسطيني.

وجاء رفع العلم الفلسطيني نتيجة لنضالات مستمرة للحركة الوطنية، خلقت واقعاً جديداً يسمح برفع العلم الفلسطيني حتى في الجامعات على يد الطلاب العرب.

رهاب العلم الفلسطيني وحساسية “إسرائيل” من الحقوق الوطنية والقومية للفلسطينيين

وفي 29 مايو/أيار 2022، صادقت الهيئة العامة لـ”الكنيست”، على مشروع قانون يحظر رفع العلم الفلسطيني في المؤسسات التي يموّلها الاحتلال، وصوّت إلى جانب هذا القانون الذي قدمه النائب الليكودي إيلي كوهين 63 عضواً من قوى المعارضة والائتلاف الحكومي على السواء.

وكان لافتا قيام رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت والمركبات اليمينية في ائتلافه الحكومي، بالتصويت لصالح هذا القانون جنبا إلى جنب مع سلفه بنيامين نتنياهو، رئيس حزب “الليكود”، وباقي أطراف المعارضة اليمينية، وذلك على الرغم من السلوك الذي ميّز أطراف المعارضة والحكومة بامتناع كل طرف عن تأييد مشاريع القوانين التي يقدمها الطرف الآخر بما يشمل القضايا الحساسة والأمنية، ما يؤكد أن الموقف من العلم الفلسطيني ودلالاته بات محلّ إجماع اليمين الصهيونية بمختلف تلاوينه.

وربما يكمن في الاستقواء بالقانون المستند للأغلبية اليمينية في “الكنيست” لمواجهة ظاهرة رفع العلم الفلسطيني، دليل إضافي على أن الحملات التي خاضتها قوى اليمين في الماضي ضد العلم الفلسطيني ودلالاته لم تكن تستند إلى أي مُسوغ قانوني، بل هي جزء من حملات التحريض على كل ما يتعارض مع الاتجاه المهيمن لتهويد الدولة ورموزها ومنع كل ما يتعارض مع هذا الاتجاه، الأمر الذي بلغ ذروته في سن قانون “أساس القومية” في تموز/يوليو 2018، والذي بات يشكل قاعدة لمزيد من التشريعات والممارسات التمييزية.

هو رمز للشعب الفلسطيني

من اللافت أن السياسيين والمشرعين الكيان الصهيوني، والمحرضين على منع رفع العلم الفلسطيني، وصفوا العلم بأنه علم “منظمة التحرير الفلسطينية” تارة، وعلم “السلطة الفلسطينية” تارة أخرى، متجاهلين الحقوق الوطنية والقومية للأقلية الفلسطينية أصحاب الأرض الأصلانيين، في الداخل المحتل الذين يصرون على أن هذا العلم هو رمز للشعب الفلسطيني، وهو موجود قبل قيام السلطة ومنظمة التحرير وقيام الكيان الصهيوني بذاته.

روابط ذات صلة:

علم فلسطين.. من الثورة العربية إلى الثورة الفلسطينية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى