قراءة خاصة لبيان وبرنامج مؤتمر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
بغض النظر عن التغييرات الايجابية على مستوى الأشخاص
كلمة الراية الاسبوعية:
* فان نهج الماضي القريب ما يزال متأصلاً في موضوعة البرنامج والمنظمة والسلطة والحل المرحلي ..
* تجذر عقلية ونهج مسك العصا من المنتصف المتمثلة بالتنصل من فشل تجربة “أوسلو” رسمياً والتعامل معها عملياً !
لقد استندنا الى البرنامج السياسي الشامل والبيان التلخيصي لأعمال المؤتمر الثامن للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كي لا نقع بالأخطاء في عملية التقييم لمسيرة هذا الحزب المهم والمؤثر في تركيبة القوى الفلسطينية التي يتشكل منها النظام السياسي الفلسطيني أو ما كان يعرف بالثورة الفلسطينية التي تحولت الى احزاب سياسية علنية منذ “أوسلو”، تناضل منذ ربع قرن من اجل ” دولة ” في الضفة والقطاع ..
لذلك نستند الى هذين المخرجين الحاسمين، البرنامج السياسي والبيان الرسمي الذي تلاه نائب الأمين العام الجديد الرفيق جميل مزهر لانهما يمثلان عصارة البرنامج ونقاشات المؤتمر برمته.
ان ما يحدد نظرتنا لهذه المخرجات هو القطاع الفلسطيني الذي ننتمي اليه اولاً وموقعنا بهذا البرنامج كجزء من النظرة الشاملة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، في مواجهة الاحتلال الصهيوني لفلسطين برمتها. كذلك معرفتنا الواسعة لمدى الرهانات الشعبية الصادقة والمناضلين والمثقفين الثوريين الذين يعملون على ميلاد قيادة ثورية تعكس الواقع الجديد والتغيير الحاصل في ميزان القوى الفلسطيني، الإقليمي والدولي المقاوم للاستعمار والصهيونية والرجعية ..
على المستوى التنظيمي:
نسجل نقطة تغيير إيجابية على مستوى المناصب الحزبية ونشير إلى انها أول مرة يتبوأ رفيق من قطاع غزة منصب نائب امين عام، وإن كان هذا الامر ليس بالشيء المهم في إطار الجبهة، لكن الجبهة تخطو خطوة مشابهة مقلوبة مع ” حماس” و ” الجهاد “، امين عام ونائب امين عام، ضفة قطاع، قطاع ضفة. الامر الذي يترجم علو شأن فروع الفصائل في غزة تحديداً على حساب تراجع دور الضفة بسبب دورها المقاوم للاحتلال، حيث يتمتع القطاع باستقلال داخلي وقوة مقاومة وفرت حماية امنية للقطاع، عجزت دولة الكيان من تركيعها، وهذا مؤشر إيجابي.
وعلى المستوى التنظيمي ايضاً، فان الجبهة الشعبية مارست في السابق ايضاً التغييرات الشخصية، خاصة في المؤتمر السابع، حيث استقال عدد من الرعيل الأول لصالح جيل جديد وبنسبة كبيرة، لكن وجدنا ان الذين استقالوا من اللجنة المركزية والمكتب السياسي حافظوا على ” وظائفهم التمثيلية للحزب ” في المؤسسات الوطنية او الحزبية التي شغلوها قبل استقالاتهم، ولم نلمس كمراقبين أي تغيير مميز من الجيل القيادي الجديد المستبدل في حياة الجبهة او برنامجها او فعلها الميداني …
فتناوب القيادة يشبه تناوب أي سلطة، حيث من المفروض ان تتغير الأدوار والبرامج بتغير المناصب كي لا تكون شكلانية، ويقبل المستقيلون قيادة الجدد ويستمرون في العطاء في صفوف الحزب بأدوار مختلفة وفي إطار الاستفادة من تجربتهم وتاريخهم كرعيل مؤسس.
السؤال الذي يطرح نفسه على هذا الصعيد هو: هل البرنامج الذي اقر يمثل الجيل الجديد ام القديم، حيث لا نلمس اي انقلاب فيه سوى بعض الجمل التي سنشير لها لاحقاً، مع ان قاعدة الجبهة كما باقي قواعد الفصائل تطرح قضايا خارجة عن النصوص الخشبية في شتى الميادين، الأمر الذي يتماشى مع تطورات الميدان المقاوم للساحات الفلسطينية، بشكل يسبق الاجهزة البيروقراطية للفصائل بما فيها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي يراهن عليها الشارع الوطني واليساري أكثر من اي فصيل آخر من فصائل المنظمة لقيادة انقلاب ثوري على ساحة الشعب الفلسطيني، وهو ما نفتقده في بيان المؤتمر المذكور.
في هذا المؤتمر ايضاً تنحت شكلياً القيادة التاريخية بعد ان ثبتت النهج الذي عاصر اتفاقات أوسلو، التي عارضها على الورق وانسجم معها على الأرض. فهل تغيير الشخوص هنا سيعني أي شيء في الجوهر. سنرى!
البرنامج:
على صعيد البرنامج السياسي لم نجد جديداً يحشد الجماهير ويزجها في أتون العمل من خلال برنامج مقاوم على صعيد الكل الفلسطيني يتكافأ مع متطلبات مرحلة ما بعد ” سيف القدس ” ، بل جمل عامة يمكن تفسيرها عبر التمسك بالشعار ” الذي اسقطه واقع الاحتلال على الارض، المسمى “الحل المرحلي بإقامة دولة بالضفة والقطاع “، أي “الشعار الناظم” الذي حكم مسيرة ونهج الجبهة منذ اتفاقات “أوسلو” التي رفضتها رسمياً ومارستها عملياً، بمشاركتهم بالانتخابات التشريعية تحت الاحتلال وهو ما رفضوه اولاً.. و باستمرارهم بالعمل داخل المنظمة التي يقودها صاحب التنسيق الأمني المقدس محمود عباس التي حولها الى احدى مركبات سلطة دايتون كجزء من تبني الجبهة للحل المرحلي الميت ، والتعبير عن ذلك عبر جمل مثل انهاء الانقسام بين “فتح” و”حماس” واعتباره وحدة وطنية.. الامر الذي يظهر جلياً في البندين الثاني والثالث من القرارات حيث ورد: ” ستناضل مع القوى الحية والوطنيين الأحرار لإنهاء الانقسام الأسود واستعادة الوحدة الوطنية، وتحرير مؤسساتنا الوطنية من التفرد والهيمنة والاقصاء، والالتحام معاً (أي مع قوى الانقسام) في ميادين المواجهة والكفاح (أي كفاح ؟ بطريقة الشريك ايو مازن وزمرته ام بطريقة قوى المقاومة) على امتداد الساحات (أي ساحات) بما يجسد الوحدة السياسية والميدانية لشعبنا “..
كذلك دعوة القيادة الرسمية ، “للإفراج عن قرار الغاء الانتخابات الوطنية” (ولا يهم ان كانت تحت الاحتلال، وبديلاً لشعار التحرير) … بل والانكى، وفي آخر هذا البند،.. ” تعزيز صمود شعبنا تحت الاحتلال وعدوانه (الضفة وغزة طبعاً)، مما يتطلب من الجهات الحكومية المسؤولة (انتبهوا للجهات الحكومية المسؤولة، سلطة عباس دايتون يعني) اتخاذ خطوات واجراءات من شأنها الحد من الفقر والبطالة بما يخفف من معاناة وألام شعبنا “. (تحت الاحتلال في الضفة والقطاع، اينما تعمل السلطة)!
هذا النهج والتوجه القديم المتجدد يتناقض مع ما بدأ به البرنامج السياسي الذي يقول:” ان الجواب على هذا السؤال واضح كل الوضوح حيث تم من خلال الوقائع والحقائق التي فرضها العدو على الأرض وسياسية الاستيطان والتهويد نسف وضرب أي مقومات لقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس “. ” لقد اتضح بالملموس اننا امام مشروع صهيوني امريكي يستهدف التصفية الشاملة للقضية الفلسطينية بجميع ابعادها …. سواء بالنسبة للأراضي المحتلة عام 1948 او مخطط تصفية حق العودة … الخ “! فكيف يستو هذا التشخيص الدقيق مع خلاصة البرنامج المتمسك بحل الدولتين دون فذلكة او تسويف.
هذا التقييم يتطلب منطقياً ومادياً استنتاجاً ثورياً على مستوى البرنامج والاعداد والقيادة ينسف المرحلة الفاشلة ويستنهض الشعب لمرحلة جديدة تعود بها الى المربع النضالي الأول للثورة الفلسطينية المعاصرة ….
الـ 48
كيف يستو ما ورد للتو مع البند السادس العام (الداخل الفلسطيني المحتل – دون تحديد سنة الاحتلال) الذي نعتقد انه يتوجه للمحتل من عام 48 من الشعب الفلسطيني حيث يتحدث عن ” وحدة الدم والمصير وعلى الدعم (الدعم) .. و(شريكاً) اساسياً في معركة التحرير والعودة -الاستراتيجية طبعاً بحسب البرنامج … حيث يعتبر من الثوابت الاستراتيجية، لا دخل له “مرحلياً ” بحل الدولتين وحكومة عباس! فإما دعم حل الدولتين او مشاركة في تحرير فلسطين ؟ فاين تقف القيادة الجديدة من هذه التناقضات :
مع الخيارين معاً!
او مع الشعار الناظم، حل الدولة في الضفة والقطاع، ما يسمى الحل المرحلي الذي اكل الدهر عليه وشرب، الذي تؤكده الجبهة في تشخيصها وتقييمها في الفقرات أعلاه !
من نافل القول اننا لم نجد أي بند خاص بالـ 48 وكيف يجب تفعيل دورهم بالمشاركة تحديداً، الامر الذي يؤكد عدم وجود أي استراتيجية جدية وفعلية بهذا الخصوص.. فالرسالة للـ 48 واضحة كما لدى باقي الفصائل الفاعلة أو المهترئة ! وقد وردت في البيان او البرنامج على نحو ” حافظوا على هويتكم ودوركم في ” إسرائيل ” الى حين الاعداد للحل الاستراتيجي !!!
بالمجمل، البيان في هذا السياق عام ويسير بين نقاط التناقض بين ” سياسة و شعب”، شعب الضفة والقطاع المعني بحل الدولتين وحل التحرير الشامل الذي يرد في البند الأول، ضمن “الخيار الاستراتيجي”، وكأن “خيار الدولة واوسلو الميت ، المعتمد “، ابقى مكاناً للخيار الاستراتيجي الذي ورد في البند الأول:” التأكيد على الخيار الاستراتيجي، ” بتحرير فلسطين، كل فلسطين من النهر الى البحر، وإقامة فلسطين الديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني ” .. خيار استراتيجي ليس له مكان واقعي مع الحل المرحلي الميت كما تقول الجبهة نفسها في مقدمة برنامجها السياسي الجديد، وان كان كل هذا الطرح ليس جديداً على ثوابت الجبهة الاستراتيجية او شعارها الناظم منذ أوسلو ..
هذا البند يشبه “المشروع الوطني ” التي تؤكد عليه كافة قرارات المصالحة والامناء العامين … الخ .. وهي ثوابت لا يؤمن بها الشعب الفلسطيني ، وانها بعيدة كل البعد عن الترجمة الحقيقية برنامجياً وميدانياً بسبب دفنها من قبل الاحتلال ، وتستخدم لدغدغة رغبات وارادات الشعب الفلسطيني، كونها محكومة بتحقيق حل الدولتين حسب اتفاق “أوسلو” الميت “اسرائيلياً”، والذي ما زال متبنى من قبل كل الفصائل بما في ذلك “حماس” ولا نستثني الا “الجهاد” نسبياً من هذا الالتزام .. الامر، الذي يؤكده ايضاً محمود عباس عندما يضع شروط الوحدة مع “حماس”، بانه ” لا تقوم وحدة فصائل او ما يسمونها وحدة وطنية بدون الالتزام باتفاق أوسلو وبالاتفاقات الدولية المشابهة ” …
فلا جديد اذاً في برنامج الجبهة، وعند اول دعوة للحوار حول “المصالحة” (ادارة الازمة) بين ” فتح” و”حماس”، ستحضر الجبهة بقيادتها الجديدة – القديمة تنفيذاً لبرنامجها الجديد القديم، الذي نسمع عنه منذ عام 1974، برنامج انهاء التفرد وإصلاح المنظمة ديمقراطياً… الى آخر هذه البرامج او التمنيات وان كانت صادقة، لكنها ليست حكيمة، لأنها لم تتعلم من التجربة المتآكلة مع عرفات وعباس …
لقد ثبت بالقطع ان النوايا الصادقة توصل الى جهنم، وهذا ما حصل مع شعبنا وقضيته وثورته، الولوج الى الهاوية السحيقة طواعية وبقرار من قيادتها .. فهل هذا ما يتطلبه واقع الحال الفلسطيني المقاوم، خاصة بعد معركة “سيف القدس”، و”اكتشاف” الـ 48 بكل خطورته على الكيان، الذي تعرفه الجبهة اكثر من غيرها، ولم تشر اليه بشكل منفرد، بل ذكرته بجملة الداخل والخارج، دون تمييز ولو بكلمة أو رؤيا حتى استراتيجية ..
فأي داخل تعني في بيان مؤتمرها !
انه العجز او التكلس وإدارة الظهر للواقع الحقيقي الذي يفرضه الاحتلال الصهيوني ومقاومته الشعبية الفلسطينية الموحدة ميدانياً ووطنياً، خاصة ما بعد معركة ” سيف القدس ” التي قرأها العالم و” حماس ” جيداً، والاستمرار في سياسة مسك العصا من المنتصف الذي يميز البيان والبرنامج، رغم علو النبرة …
تحرير منظمة التحرير من قيادتها المغتصبة:
هناك موضوعة مهمة لم يتم توضيحها ولم توضع لها آلية، ” كتحرير منظمة التحير ومؤسساتها من ايدي القيادة المتنفذة “! شعار مهم جداً يصب في الطريق السليم لإنقاذ الشعب والقضية والثورة من الهلاك النهائي، أشار اليه نائب الأمين العام الجديد شفوياً ولم نجد له أي بند في البرنامج.
وان كنا نوافق ونتفهم ان المنظمة تاريخياً هي القيادة الوحيدة المنجزة على صعيد الشعب الفلسطيني، متمثلة بالمجلس الوطني وضرورة انتخابه من كل الشعب الفلسطيني بما في ذلك الـ 48، الامر الذي بقي ضبابياً بصيغة الشعب في “الداخل والخارج “، حيث لم يشر البيان رسمياً الى قرار معين وآلية تنفيذه لكيفية تحرير المنظمة من القيادة غير الشرعية التي تغتصبها منذ عام 1968 أو كيفية انتخاب المجلس الوطني …
ففي الحوارات والندوات على مختلف منابر الاعلام ، دعا قادة الجبهة الى تشكيل آلية لتحرير المنظمة وتحرير الشعب من الاحتلال، الا وهي تشكيل “جبهة مقاومة شعبية”، على أثر معركة “سيف القدس”، تتشكل من قوى المقاومة على اختلاف أنواعها وظروفها الجيوسياسية، بما في ذلك قواعد “فتح” المقاومة التي لا تلتزم بأوسلو او أبو مازن، ميدانياً ..
الاقتراح الذي أعاد طرحه وانتاجه السنوار – قائد “حماس” في غزة، ولاقى ترحيباً شعبياً واسعاً، يمثل اغلبية الشعب الفلسطيني في كل الوطن المحتل من النهر الى البحر وخارجه من اللاجئين والشتات، فاين هو من البيان الختامي لمؤتمر الجبهة ! هل تم الانسحاب منه لصالح تأكيد ” الوحدة” (المصالحة) بين “فتح” و”حماس”! ام أسقط سهواً !
هنا يطرح السؤال عن ماهية القوى الفلسطينية التي ما تزال تعتبر “التناقض التناحري” الوارد في برنامج الجبهة، مع الاحتلال (في الضفة حتى)، كي تتشكل منها هذه الجبهة، وبين من يعتبر التنسيق الأمني مع الاحتلال مقدساً ولا يمكن التنازل عنه، وبموجبه الحل تفاوضي فقط مع الاحتلال وليس مقاوماً له ؟ فهل هو جزء من التناقض التناحري مع الاحتلال ؟
انها أسئلة ومعضلات كبيرة تنتصب امام طروحات متناقضة، نعتقد ان الشعب الفلسطيني انتظر أجوبة عليها من الجبهة، أكثر تنظيم وطني ديمقراطي موثوق، موجود على الساحة، بشهادة الخصوم والمحبين.
على الصعيد العربي و” محور المقاومة”:
صيغة عامة لا تعكس كثيراً مواقف الجبهة التاريخية في تحديد محاور العمل (وطني، قومي وأممي)، كذلك معسكر الأصدقاء والاعداء والتمييز بين الشعوب والأنظمة …
ولا يوجد بند خاص من محور المقاومة، ايران، سوريا والمقاومة اللبنانية، وعلاقة قوى المقاومة الفلسطينية معه، بل تم الحديث عن شيء اسمه “المقاومة العربية” الذي لا نعرف معالمه ! فهل مقاومة الاستعمار العالمي والصهيوني والرجعية، تقتصر على العرب فقط … !
فلماذا تم هذا القفز في البيان والبرنامج عن اهم موضوعة في الصراع اقليمياً، الذي تقف في صلبه القضية الفلسطينية ! فهل هذا مرتبط بحل الدولتين واستمرار الرهان على الأمم المتحدة لحل القضية الفلسطينية، ام ماذا ؟
على صعيد الجبهة الفكرية:
لم يخصص بند خاص في البرنامج والبيان للجانب الفكري للجبهة الشعبية، ربما تم تداوله في اماكن أخرى ولم يتم نشرها !
فالجبهة تتبوأ اكبر موقع شعبي وحزبي فيما يسمى اليسار الفلسطيني، الا ان البيان اختتم بشعار … طريقنا عدالة اجتماعية بدل تأكيد الاشتراكية والاممية للجبهة.. وشراكة وطنية مع الفصائل المتنازعة على السلطة والمتفردة، طبعاً بناءً على ما ورد أعلاه من استمرار للرهان على الوحدة مع محمود عباس وشرذمة ” الفصائل ” التي اشتراها بالمال والمناصب، بما في ذلك اغلبية “فتح” والامن الوقائي المتعاون مع الاحتلال وسلطة دايتون كما ورد في البيان ..
نتمنى ان تكون قراءتنا خاطئة وان المقصود من التموضع في المنتصف هو من اجل التمسك بالثوابت الاستراتيجية وممارستها وليس النهج الناظم المبني على سراب الحل المرحلي الذي لم يعد قائماً بحسب تشخيص الجبهة ايضاً وبحسب بيانها وبرنامجها. فهل تنتفض القيادة الجديدة على تناقضات برنامجها !
مقدمه لا بد منها
ما سيرد في هذا التعليق مبني بالاساس على قناعة صاحبه الراسخه بان الجبهه هي الحزب المؤهل ولاسباب تاريخيه الذي يلقى على عاتقه ولا يزال قيادة عملية الاستنهاض الثوري للواقع الفلسطيني والعربي وعليه فان شفافية وضرورة النقد تاتي بحجم هذه القناعه وعلى ارضيتها ٠
لن اتناول في منهجية النقد ما ورد في المقال من عناوين بمراتبيتها وانما لعنوين تتداخل فيما ورد وتتطرق ايضا لعناوين لم يشملها المقال وعليه سانطلق من القناعه المشار لها وهي ان الجبهه هي المؤهله لقيادة عملية التغيير الثوري المشود والذي هو قادم لا محاله ٠ فلماذا هذه الاهليه على الصعيد الوطني والقومي ؟
لست بحاجة للتطرق بالتفصيل لجذور تشكل الجبهه من رخم حركة القوميين العرب التي هي بدورها تشكلت اثر ارهاصات نكبة ١٩٤٨ – ابطال العوده – شباب الثار ٠٠٠و اتطرق لهذه ال المساله التاريخيه لما الت اليه الجبهه عند انطلاقتها في العام ١٩٦٧ اث وقرار حل الحركه اثر هزيمة الانظمه في خزيران ٠ فهل كان ذلك القرار صائبا ؟؟؟؟؟ لا اضن ذلك ٠ بل ان ذلك القرار يرقى لمستوى ماساه- ان لم تكن جريمه – وطنيه وقوميه وايديولوجيه وان بررت اسبابها في حينه بمبررات تناولت تلك العناوين بنوع من الخجل – المبررات الوطنيه والقوميه – بينما تم تجاهل السبب الايدولوجي بوعي او غيره رغم ان ذلك هذا العامل كان هو الاساس الجوهري الذي حمل في ظياته ليس فقظ ماساوية حل الحرطه بل هو الذي اسس لاحقا للواقع الذي عاشته ولا تزال الجبهه ٠ فكيف ذلك ؟؟؟
ان المطلين على تاريخ الحرطه والجبهه يدركوا ان الحركه اناطلقت بالاساس من منطلقات ايدولوجيه قوميه صرفه تقاطعت في حينه مع الاحزاب القوميه في حينه – حزب البعث بشعاراته المعهوده – وحده – حريه- اشتراكيه وما عرف لاحقا بالناصريه بشعاراتها القوميه الفضفاضه والعامه ختى اللحظه ٠ ومن المفارقات التاريخيه ان الحركه ورغم تتطابق شعاراتها – الوحده – التحرير – الثار مع شعارات البعث الا انها وجدت نفسها في في وضع تنافسي – وصل في بعض المراحل لحالة عداء مع البعث بينما اقتربت من شعارات عبد الناصر الفضفاضه لدرجة التفكير بحل نفسها خلال مرحلة الوحده مع سوريا و-التي لم تعمر طويلا -على قاعدة انه بوجود عبد الناصر رغم ناصريته الفضفاضه فانه ليس هناك من داع لوجود الحركه !!!! فان كانت الحركه قادره في حينه على التعايش مع حزب البعث الا انها وجدت نفسها – بحكم الايدولوجيا والبرنامج في حالة عداء مرير ومتبادل مع الاحزاب الشيوعيه العربيه نتيجه موقفها من الكيان الصهيوني بالاساس٠ ان الاشاره لهذه الحقائق التاريخيه هذه ليس من باب نبش الذاكره وانما ضرورة موضوعيه في سياقها التاريخي لفهم واقع الجبهه الراهن وجذوره الضاربه في ذلك التاريخ بالتحديد ٠ فكيف يكون ذلك ؟؟؟ لفهم تلك التناقضات الجوهريه في حينه- علاقات الحركه بالبعث- عبد الناصر والشيوعيين – في زمانها ومكانها فانه يجب التاكيد غلى ان فكر الحركه في حينه كان فكريا قويا صرفا معاديا للفكر الاشتراكي ٠ فكيف انتقلت الجبهه من هذا الموقع الايدولوجي لموقع ليس تبني الفكر الاشتراكي بل باعتماد النظريه الماركسيه اللينينيه والذي تنته بشكل واضح ما بعد انعقاد المؤتمر التاسيسي للجبهه وحل الحركه في نهاية ١٩٦٧ التي اعلنتها في استراتجيتها السياسيه والتنظيمية لاحقا ولكن ليس قبل ان تدفع ثمن ذلك الصراع الفكري حتى من داخل صفوفها حيث انشق نايف حواتمه – الذي لا يزال امينا عاما للديمقراطيه منذ ٢٢ شباط ١٩٦٨ !!!!!! متهما قيادة الجبهه في حينه انها تيار يميني لم يذهب بعيدا في تجنب الفكر الماركسي !!! هذا موضوع اخر ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه الان والتي لم تتقف امامه الجبهه- كغيره من الاساله- هو كيف قفزت الجبهة من مواقع العداء للفكر الماركسي لتبني هذه الايدواوجيا في فتره زمنيه تبدوا قصيرة جدا ؟؟؟؟ بالتاكيد كان هناك ارهاصات لذلك اثناء مرحلة حركة القوميين العرب في سنواتها الاخيره حيث بدات باستشراق البحث في ذلك الافكار لدراستها والنظر بامكانية تبنيها لاحقا وهذا ما فجر اشكاليات المؤتمر التاسيسي في كانون اول ١٩٦٧ وانشقاق حواتمه المذكور ٠ – “ ان الجبهه تتبنى الفكر الماركسي الديني كاداة للتحليل ٠٠” كما ورد في الاستراتيجه الاساسيه والتنظيميه عقب المؤتمر الثاني للجبهه في العام ١٩٧٢ ٠ لتعود الجبهه مواجة الهويه الايدولوجيا مرة اخرى ولكن بدون انشقاقات في بداية تسعينات القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي لتستبدل الايمان بالماركسه الليننينيه – للاسترشاد بالنظرية – وهناك فرق شاسع بين الشعارين وخاصة ان المطلين على النقاشات الايدولوجيا التي كانت تعيشها الجههه خلال مرحلة بيروسترويكا غورباتشوف وحتى صدمة انهيار الاتحاد السوفياتي في عهد السكير يلتسن كانت تنظر لمنطق البيروسترويكا على انها ضروره تجديديه للفكر الماركسي البينيني!!!!
كما ان التاريخ لا يمكن محاكمته النقديه خارج الاطار الزماني والمكاني فكذلك هو تاريخ الجبهه – الايدلوجي – والذي فقط من خلاله يكمن بالظبط فهم واقعها الراهن من زاوية المفاصل التي تطرق لها مقال صحيفة الرايه ٠
١- في الجانب التنظيمي : تطرق مقال الرايه للجانب التنظيمي من بعض الزوايا الشكليه في رائي المتواضع – توزيع القياده ما بين الضفه وغزه- تجديد المواقع القياديه الاولى ٠ ان معالجة المساله التنظيميه للجبهه كما اي حزب اخر لا يمكن معالجتها بدون التذكير والبحث بما يراه الحزب من مبرر لوجوده اصلا ٠ الجبهه في هذا الجانب كانت ترى في نفسها – حزب الطليعه لقوى الثوره طبقيا فاذا تعني هذه الرؤيا – تنظيميا ؟؟؟؟ باختصار شديد يعني ذلك ان تكون المراتبيه القياديه ليس الاولى فقط وانما كل المراتب الحزبيه انعكاسا صادقا لتلك الرؤيا وهنا لا بد من التاكيد على حقيقه تاريخيه لا ينكرها حتى اشد منافسي الجبهه وطنيا وحتى عدوها اللدود بان الجبهه قدمت نماذج طليعيه ثوريه وطنيه – قوميه وامميه لا داعي للتذكير بها وان يكن تجسيدها الحي يقبع الان في سجون الكيان منذ اكثر من عشرين عاما مرورا بمئات الطليعيين شهداء واحياء وطنيا على مستوى كل المراتب الحزبيه وقوميا فقط قبل ايام اغمضت ام الدلال والدة العظيم الشهيد عمار الغول- وليد التونسي جفونها في قفصه وكذلك المئات من الطليعيين العرب شهدائنا واحياء ٠٠٠وامميا فقد اطلق سراح – مريم- مؤسسة الجيش الاحمر الياباني بعد اكثر من عشرين عاما في السجون اليابانيه ولكن ليس قبل ان عمد شهداء الجيش بدمائهم مطار اللد في العام ١٩٧٢٠
نعم حتى الاعداء يقرون بذلك ولكن هناك حقيقة مره وهي ان هناك وعلى كافة مستويات المراتبيه الحزبيه وبالتحديد بعد اوسلو ممن لا تمت لهم صفة- الطليعيه- من قريب او بعيد بل ان البعض يمثل نقطة عار في تاريخ الجبهه ان يكونوا اعضاء لديها ٠
لذلك فان كلا الجانبين الذين تم التطرق لهما في مقالة الرايه – التجديد القيادي – والتزيعه ما بين غزه وصفه وشتات تغدوا ساله شكليه اذ انه ليس من المهم ان يؤخذ بعين الاعتبار تلك التقسيمه البغيضه – غزاوي – ضاوي – ٤٨- وشتات و السنا شعبا واحدا موحدا بقضيه وطنيه واحده ؟؟؟!! ان المعيار الوحيد حتى لو اردت ان تاخذ تلك التقسيمات الجغرافيه الوجه بعين الاعتبار يجب ان يكون معيار – الطلائعيه بالاساس ٠
اما بخصوص الجوانب الاخرى التي تناولها المقال – البرنامج- ال ٤٨- في السياسي -اوسلو- م ت ف – العربي- المقاومه – الفكري – الوحده الوطنيه فيمكن محاكمتها كلها مجتمعة بحكم تداخلاتها على قاعدة الانطلاق من المساله الجوهريه الاولى التي تم التطرق لها اي الجانب التنظيمي بابعاده التاريخيه والايدولوجيه
فعودة على بدا ٠ كيف ترى الجبهه نفسها – موقعها ودورها في سياق القضيه الوطنيه – مؤسساتها – برامجها ورؤيتها القوميه والاممية ؟؟
ليس من المفيد بشيئ ان حزبا طليعيا يسعى لقيادة مرحلة التحرر الوطني ان يطمئن ويعيش حالة من التناقض الذاتي فرحا بانه – الفصيل الثاني في المراتبيه الوطنيه الرسميه – م ت ف الى جانب العلاقه مع حماس والجهاد فصيلين خارج م ت ف ٠ وفي هذا السياق يحضرني محتوى- مهمه حزبيه وردت في سياق تعميم تاريخي للجبهه في بداية انتفاضة الحجاره عنوانه كان حرفيا – نحو التوجه لتصبح الجبهه القوة الاولى في الارض المحتله – ٠٠٠٠ لاعضاء الجبهه ومناصريها وجمهورها العربي والاممي ان يتعمق قليلا قبل ان تجتاحه حالة من الصدمه المريره عند التامل في واقع الجبهه اليوم ! هل هناك من مشروعيه لمحاكمة المرحله منذ ذلك التعميم حتى اللحظة الراهنه ؟؟؟ هل كان الشعار- المهمه في حينه قرائة ذاتيه وموضوعيه خاطئه ؟؟؟؟ اذا كان كذلك فمن هو المسؤؤل عن ذلك ؟ وان كانت تلك المهمه لها مايبرره ذاتيا وموضوعيا فاين الجبهه منها بعد اكثر من ثلاثين عاما ؟؟؟؟
نعم وبكل تاكيد فان ذلك الشعار- المهمه كان لها ما يبررها ذاتيا وموضوعيا ولكن الحقيقه المره هي ان الجبهه فشلت في تحقيق تلك المهمه ٠ فلماذا فشلت ؟؟ ان الاجابه على هذا التساؤل الجوهري والوجيه تكمن في التناقض ما بين رؤية الذات كحزب بما فيها مهماته السياسيه الوطنيه- القوميه – الامنيه ٠ فهل يعكس الواقع ذلك ؟؟ اما في جانب الايدولوجيا ٠ فهل هناك وجه ايدولوجي واضح المعالم للجبهه الان ؟؟؟ م ت ف لا شك انها حاصل النضال التاريخي لشعبنا وتضحياته كممثل شرعي ووحيد له واعني لكل شعبنا في الجليل ونابلس ومخيم الدهيش كما في الوحدات واليرموك وعين الحلوه ٠ وايضا في لندن وسانتياغو دي تشيلي ٠ نعم يجب التمسك بهذا الانجاز لشعبنا باسناننا فبعد ان عهر اليمين المتسلط وافرغ م ت ف من محتواها ذلك فهل يكفي اعادة ترداد مقولة اعادة اصلاحها تنظيميا واستعادة دورها ام انه يجب ان تقود الجبهه وبافكار – خارج الصندوق عملية فرض وتحقيق هذه المهمه ؟؟ اما اوسلواومؤسساته فهل كان صحيحا موقف الجبهه من المساح لاعضائها بالتوظيف في مؤسسات اوسلو باستثناء الاجهزه الامنيه صحيحا ؟ او بالأحرى هل كان صائبا ان تكشف ظهرك للاحتلال بالعمل العلني ؟ اليس ذلك يتناقض مع مهماتك النضالية في ظل قرائتك لطبيعة المشروع الصهيوني برمته ؟ الم تكن الجبهه قادره بل مبدعه في ممارسة النضال السري في الارض المحتله قبل مصيبة اوسلو ؟ واخيرا هل نحن نعيش او نسعى لخلق حالة وحده وطنيه و فان كان كذلك فهل تجربة العمل الوطني الفلسطيني يشي بحالة تعايش وطني مزمنه تم زورا وبهتانا وصفها بحالة وحده وطنيه وان يكن في بعض المراحل فقط حتى ؟؟؟؟ ان كل ذلك اسالة مشروعه لا بد مواجهتها اولا من اعضاء الجبهه وثانيا من الكل الوطني الذي يؤمن بدور الجبهه القيادي في جر قاطرة التغيير الثوري المنشود ولحين ذلك لن نسمح لابو الخيزران ان يمنعنا ان ندق جدران الخزان ٠
اتفق مع هذه القراءة، و اعتقد ان وثيقة المنبر اليسار ي الديمقراطي الفلسطيني تجيب على كافة التساؤلات المطروحة، و ما ورد فيها من بنود تتوافق مع طبيعة الصراع و تنسف الأوهام لدى البعض حول إمكانية انهائه بأعتماد الحلول الوسط، كما أن وثيقة المنبر تحدد الهدف الاستراتيجي للنضال الوطني و إلية الوصول اليه، و بما ينسجم مع طبيعة الصراع، الذي لن ينتهي الا بزوال الوجود الصهيوني على أرض فلسطين، و أقامة دولة فلسطين المستقلة على كامل الأرض الفلسطينية، و التي يتساوى فيها جميع ابنا ئها في الحقوق و الواجبات بغض النظر عن الدين و اللون و الجنس