الاخبار الرئيسيةالراية العالميةالمرجعالوطن العربيتقارير الراية

قتل، عنصرية وكراهية وواقع معيشي سيئ.. معاناة اللاجئين السوريين تتفاقم في تركيا

لما صارت الحرب الكونية الإرهابية على سوريا قلب العروبة النابض، واستخدمت كل أساليب ووسائط القوة، وأدوات التدمير على أنواعها، بطريقة منهجية بقصد إبادتها كليا وتقطيع أوصال الوطن العربي، كان في سوريا مصانع يعمل فيها مئات آلاف السوريين، وكانت فيها حقول نفط لا يملكها لا الرئيس ولا وزراؤه، بل كانت ملكا للدولة أجمع.. كانت سوريا بحجم الإمكانيات المتاحة لها تتطور كل حين، فهناك جسور تمد، وطرق تعبد، ومدن تؤسس، وكان الشعب السوري يتحرك أمنا وبحرية لخدمة بلده.. كان هذا كله في سوريا، سوريا المشرعة أبوابها  لكل العالم، هذا العالم المخادع الذي صدع رؤوسنا بعدل أنظمته وبطش في سوريا.. كانت سوريا الحاضنة الأولى لشقيقاتها العربية، هذه الدول العربية التي أسقطت أقنعة نفاقها وتركت سوريا لأعدائها وشاركت بتشريد شعبها الذي يتجرع في البلدان المضيفة، ذل مهانة العيش ويقتل على مقاصل العنصرية..

Reuters

“بؤس وعنصرية”.. كلمات تلخص أوضاع اللاجئين السوريين بتركيا، حيث يتعرضون للاستغلال والرفض الذي يغلب عليه كراهية الأجانب.

أعادت جريمة قتل لاجئ سوري في مدينة إزمير غرب تركيا، معاناة اللاجئين السوريين في تركيا ولاسيما العاملون منهم مع تصاعد العنصرية ضدهم وسوء معاملة أصحاب العمل.

قتل لاجئ سوري في مدينة إزمير غرب تركيا، يوم الخميس الفائت، ذلك بعد اختراق رصاصة نافذة غرفته واستقرارها في ظهره أثناء جلوسه أمام جهاز الحاسوب في منزله.

وحسب موقع “a haber” الإلكتروني التركي فإن الحادث وقع في منطقة ساريير بحي كاراباغلار في المدينة، عندما أصابت رصاصة جسد الشاب السوري محمد مخلوف (27 عاماً).

ونقلت مواقع إلكترونية معارضة عن الموقع التركي، أن مخلوف يعيش في الطابق العلوي من منزل مؤلف من طابقين، وتعرّض لإطلاق نار من شخص مجهول أو أشخاص في الشارع أثناء لعبه على الكمبيوتر مع أصدقائه، الذين تفاجؤوا بسقوطه على الأرض مضرجا بالدماء.

حوادث مأساوية للاجئين السوريين

ومنذ بداية العام الجاري وقعت عدة حوادث مأساوية للاجئين السوريين منها ما شهدته مدينة إزمير، التي عُثر فيها بالخامس من الشهر الحالي على جثة شاب سوري مقتولاً طعناً بالسكين وسط الشارع.

وفي الثاني من الشهر الجاري، قتل مجهولون الشاب السوري عمر القادري البالغ من العمر 30 عاماً، “طعنا” على يد مجموعة شبان، في ولاية بورصة التركية.

وفي الثامن من الشهر الجاري تعرض الشاب السوري سمير جاويش (19 عاماً) للطعن عدة مرات في صدره، مما أفقده حياته في وسط الشارع بمنطقة “بورنوفا” التابعة لولاية إزمير التركية.

وفي 17 ديسمبر/كانون الأول الفائت، نجا شاب سوري من محاولة طعن من قبل مجموعة شبان أتراك، في مدينة غازي عينتاب التركية، لأسباب غير معروفة.

وفي 16  ديسمبر/ كانون الأول الماضي أيضاً، أقدم شابان تركيان، على ضرب رجل سوري مسن، داخل بقاليته في شارع “انجرلي” في منطقة “بورصة” التركية، على خلفية رفض الرجل السوري إعطاء الشابين علبة “مرتديلا” مجاناً، ليقوما بضرب المسن، وتدخل أولاد الرجل السوري للدفاع عن والدهم.

وقتل شاب سوري، في 3 أيلول/سبتمبر 2022، إثر تعرضه للطعن من قبل مجهولين في منطقة “نارلجا” التابعة لولاية أنطاكيا التركية.

وقالت وسائل إعلام تركية، إن محموعة من الشبان الأتراك أقدموا على طعن الشاب السوري “فارس محمد” بسكين في منطقة “نارلجا” في ولاية أنطاكيا يوم أمس، ما تسبب بمقتله على الفور، وذلك لأسباب غير معروفة.

وفي أيلول/سبتمبر الماضي، تعرض الشاب السوري  محمود رزوق، للطعن على يد ثلاثة شبان أتراك في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا.

وقبلها، قضي طفل سوري، إثر تعرضه للطعن من قبل مجهولين في باحة أحد المساجد بولاية شانلي أورفا جنوبي تركيا.

وقالت وسائل إعلام تركية وقتها  إن مجهولين أقدموا على طعن الطفل السوري ناصر حيتو (17 عاماً) في ساحة مسجد “يشيلوفا” بمنطقة “سروج” التابعة لولاية أوروفا، وذلك لأسباب غير معروفة.

تصاعد في الاعتداءات العنصرية

تشهد تركيا في الآونة الأخيرة تصاعداً في الاعتداءات العنصرية، التي تطال السوريين، تنتهي غالبيتها إما بالقتل أو بوقوع إصابات.

من جهة ثانية، تتفاقم معاناة اللاجئين السوريين في تركيا ولاسيما العاملون منهم مع تصاعد العنصرية ضدهم وسوء معاملة أصحاب العمل.

وتقول إحصاءات رسمية تركية، إن عدد اللاجئين السوريين في تركيا، يبلغ 3 ملايين و 535 ألفا و 898. ووفق إدارة الهجرة شهد العام الماضي عودة 58 ألفا و 758 سوريا طواعيا إلى المناطق الآمنة في سوريا، وارتفع بذلك عدد السوريين العائدين إلى 539 ألفا و332.

الواقع المعيشي السيئ

يومًا بعد آخر تزداد معاناة اللاجئ السوري في تركيا نتيجة تصاعد الخطاب العنصري بالإضافة إلى الواقع المعيشي السيئ، ما يجعل هذا اللاجئ يعيد التفكير بشأن بقائه في هذا البلد بعد سنوات من الإقامة فيها ومحاولة الاندماج في مجتمعها، وكما الأيام السابقة فإن البدائل باتت معروفة للسوريين، فالدول الأوروبية هي الوجهة التي يقبلون عليها لما فيها من قوانين قد تحمي اللاجئين من عدة نواح.

أوروبا لم تعد الوجهة الوحيدة للسوريين خاصة مع تشديد الإجراءات التي تعيق وصول اللاجئين إليها، فباتت الوجهات متعددة مثل مصر وبعض الدول الإفريقية والبرازيل، ويسلك اللاجئون الجدد طرقًا متعددةً وجديدةً للوصول إلى مبتغاهم، طرق قد تكلفهم حياتهم.

يزداد الوضع في تركيا صعوبةً بالنسبة للاجئ السوري في ظل خطاب العنصرية والكراهية والأزمات الاقتصادية المتلاحقة عدا عن التشديد في الإجراءات القانونية من قبيل منح الإقامات ومنع السفر بين المدن وحالات الترحيل التي باتت عنوانًا يوميًا للحالة السورية في تركيا.

وتبذل الحكومة السورية منذ سنوات جهوداً حثيثة لإعادة اللاجئين إلى بلادهم مع توفيرها ما يلزم لعودتهم وتأكيدها على تأمين حياة كريمة لجميع مواطنيها، ولكن دولاً غربية وإقليمية تواصل عرقلة عودتهم -اللاجئين-، إذ تستخدم ملفهم ورقة للضغط على سوريا في المفاوضات السياسية.

ويشكل ملف اللاجئين السوريين في تركيا، قضية جدلية بين الأطراف السياسية.

خاصة مع قرب موعد الانتخابات، الحديث الرسمي يؤكد وجود أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون لاجئ في تركيا، مع هدف إعادتهم إلى بلادهم بشكلٍ آمن وطوعي.

من جهتها أطلقت المعارضة التركية مشروعاً تتعهد من خلاله باستكمال إعادة جميع اللاجئين خلال عامين، في حال فوزها بالانتخابات.

وفي الآونة الأخيرة تصاعدت شكاوى السوريين في تركيا من تفاقم الأوضاع المعيشية، نتيجة ارتفاع الأسعار الكبير في إيجارات المنازل وقيمة فواتير الكهرباء والغاز، فضلاً عن الغلاء الذي طال أسعار المواد الغذائية والملابس.

وأورد تقرير نشرته المواقع قصة العامل السوري في إحدى ورشات الخياطة بمدينة غازي عنتاب جنوب تركيا عبد الرحمن خطيب “الذي يضطر في الأيام الأخيرة من كل شهر إلى الاستدانة من زملائه في العمل لاستكمال مصاريف منزله من الطعام والشراب والدواء، بعد أن أنفق نصف راتبه على إيجار منزله وصرف الآخر على فواتير الغاز والكهرباء والماء”.

وتشير الإحصاءات إلى أن العمالة السورية تشكل 2.9% من إجمالي حجم العمالة في سوق العمل التركي الرسمي وغير الرسمي، وتشير ذات الإحصاءات أيضًا إلى أن 92% من العمال السوريين يعملون أكثر من 8 ساعات عمل يوميًا بينهم 59% يعملون لما يزيد على 65 ساعة أسبوعيًا، دون الحصول على تعويض مالي يتناسب مع العمل الإضافي أو الحصول على حد مقبول من الإجازات أو الحقوق القانونية، بالإشارة إلى أن هذه الإحصائية صادرة في العام 2021.

ويشتكي خطيب (31 عاماً)، والذي يعمل لعشر ساعات يومياً في الورشة، وزملاؤه من انخفاض الأجور وسوء معاملة رب العمل ورفضه دفع زيادة على الراتب له على وقع غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار.

وأمام هذا الواقع قال خطيب: إنه يفكر بترك العمل والبحث عن فرصة جديدة، بسبب اليأس من تحسن وضعه المعيشي ومطالبة صاحب العمل بعدد ساعات إضافية، مقابل دفع زيادة على الأجــر الشهري للعمال.

ورغم تحديد النظام التركي الحد الأدنى للأجور بمبلغ 8500 ليرة تركية، إلا أن عدداً كبيراً من العمال السوريين في تركيا، ما زالوا يتقاضون أدنى من هذا الأجر، ويخشون المطالبة بزيادة في الأجور، خوفاً من فقدان عملهم وجهلهم بالقوانين التركية وعدم امتلاكهم أذونات العمل الرسمية.

يضاف إلى كل ما سبق، تنامي الخطاب العنصري والتحريضي ضد اللاجئين السوريين، حيث تتعالى أصوات بعض السياسيين الذين صار شغلهم الشاغل انتقاد الوجود السوري والتحريض عليه، هذا الأمر يشعر اللاجئين بعدم الأمان وفقدان الاستقرار في هذه البلاد، يقول الطالب أبو حمزة: “صرت أمشي في الشارع وأشعر بأن الكل يرمقني بنظرات الكراهية لأني سوري أو عربي، من أجل ذلك أفكر مليًا بالهجرة من هذا البلد لأننا بتنا غير مرغوب بنا ولا أريد أن يعتدي العنصريون عليّ، أنا خائف من هذا الأمر”.

على الرغم من أن الطالب أسامة أبو حمزة حصل على الجنسية التركية، فإنه يفكر مليًا بالهجرة، فخلال الشهور الأخيرة تزايدت أعداد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية الذين يسلكون طرق اللجوء إلى أوروبا، خاصة أن الجواز التركي يختصر الطريق قليلًا وهو ما يتيح لهم الوصول إلى دولة صربيا فورًا دون تحمل عناء الذهاب إلى اليونان وطرقها المرعبة للاجئين.

الشاب السوري فؤاد مستو، في حديث لموقع “نون بونس” يقول: “أحببت تركيا كثيرًا ولي العديد من الأصدقاء الأتراك، لكن الحالة الاقتصادية الصعبة دفعتني للخروج منها بعد 7 سنوات من العمل في الكثير من معامل الخياطة”، يضيف مستو “الوضع بات غير مريح، فصرنا نسمع الشتائم يوميًا لأننا سوريون، لم يكن الوضع هكذا قبل سنة من الآن، لم أعد أستطيع التحمل”، يكمل فؤاد: “جلست في تركيا 7 سنوات وتحملت فيها مشقة العمل ولكن هل استطعت أن أجمع المال؟ لا أكيد.. كنت أعمل ليومي فقط”.

يقول مستو “أنا شاب أبلغ من العمر 24 عامًا اليوم وليس في يدي شيء على الرغم من كل سنوات العمل دون أي حقوق لي، مع العلم أن أجرتي لم تتعد في يوم من الأيام ما يقارب 350 دولارًا”، ويضيف “لم يكن خيار الهجرة هذا العام سهلًا، لكن لا بد عليّ من الإقدام على هذه الخطوة، يجب أن أرى الحياة وأجمع المال وأعيش باستقرار فقدته منذ سنوات”.

في العامين الفائتين تناقصت أعداد السوريين العاملين في المعامل التركية مع تشديد الإجراءات القانونية، خاصة التدقيق على أصحاب الهويات الصادرة من ولايات أخرى.

ويقول الشاب السوري وائل أبو قصي (23 عامًا) إنه ترك عمله نتيجة خوفه من الشرطة التي تنتشر في الطرقات وتشدد في إجراءات التفتيش والتدقيق على الهويات، مضيفًا “أصدرت بطاقة الحماية المؤقتة الخاصة بي من ولاية أورفا وأنا أعمل في مجال الخياطة، وفي أورفا لا يوجد عمل يحقق لي دخلًا جيدًا”.

ويوضح “أتيت إلى إسطنبول لأعمل هنا خاصة أن هذه المدينة فيها الكثير من العمل في هذا المجال، بقيت أعمل هناك 3 سنوات دونما خوف، لكن منذ بداية هذا العام بدأت حملات التفتيش والترحيل”، ويضيف وائل “كنت أعمل دون إذن عمل حكومي ومعاشي يصل إلى 7500 ليرة ومع تدهور الليرة مقابل الدولار لم يعد هذا المبلغ يكفيني لكنني أعمل لعدم وجود البديل”.

قبضت الشرطة التركية على وائل في شهر يونيو/حزيران الماضي بسبب بطاقته الشخصية الصادرة من ولاية مختلفة وأرسلته إلى أورفا بعد حبس دام 7 أيام عانى فيها من الإهانة وفقًا لما ذكر لـ”نون بوست”.

رجع وائل إلى إسطنبول مرة أخرى لكن هذه المرة ليس للعمل إنما ليتحضر لسلوك طريق الهجرة إلى أوروبا، ويقول إن خمسة من أصدقائه تركوا العمل في ذات المصنع الذي كانوا يعملون به بسبب التشديد القانوني وقلة الرواتب وطول ساعات العمل، إضافة إلى أنهم يبحثون عن “مهرب ابن حلال للخروج إلى أوروبا”.

بدوره لفت العامل في منشأة لتجارة المواد الغذائية عمر الشمالي، إلى أن معظم العمال السوريين لا يمتلكون إذن عمل أو تأميناً، بسبب الرسوم الكبيرة التي تترتب على تلك الوثائق، عدا عن عمل البعض من دون وثائق رسمية حتى اللحظة ولاسيما بطاقة “الحماية المؤقتة-الكمليك”.

ويتوافق كلام الشمالي مع اعترافات مدير مكتب “منظمة العمل الدولية” في تركيا، نعمان أوزجان، في وقت سابق بأن نسبة العمال السوريين غير المسجلين في التأمينات الاجتماعية تصل إلى 90 بالمئة من أصل مليون عامل سوري في تركيا، وفق صحيفة “Dünya” التركية.

ما سبق هي قصص يعيشها السوريون كل يوم وهو ما يدفعهم إلى الخروج أو التفكير بالخروج من تركيا، ولا تقتصر الأسباب على ما سبق، فالخطة التركية لإعادة مليون لاجئ سوري إلى المناطق الآمنة باتت مخيفة لبعض العوائل السورية التي لا تريد العودة إلى سوريا بسبب انعدام الأمان في كل المناطق هناك.

وزاد قلق اللاجئين السوريين وخوفهم في تركيا بعد التصريحات الرسمية للرئيس التركي والحكومة، العام الفائت، بأنهم وضعوا خطة لترحيل طوعي لاكثر من مليون لاجئ سوري إلى مناطق سييطر عليها الاحتلال التركي وبإشراف ما يسمى “الجيش الوطني ” التابع للجيش التركي  وفي ظل صراع على التغيير الديمغرافي بين ما يسمى قوات “قسد” وتركيا وحزب “ppk” ، في ظل حسابات سياسية قبل الإنتخابات في تركيا وتوعد المعارضة بترحيل السوريين.

روابط ذات صلة:

تركيا تتخذ قرارات حازمة تضيق على اللاجئين السوريين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى