فرق كبير بين دعوات التذمر والتيئيس والاحباط و التدمير
ودعوات إعادة البناء والتأصيل للمشروع التحرري الفلسطيني..
فرق كبير بين دعوات التذمر والتيئيس والاحباط و التدمير
ودعوات إعادة البناء والتأصيل للمشروع التحرري الفلسطيني..
وديع ابوهاني
إعلامي ومناضل فلسطيني
مثل شعبي( العين لا ترى اخطاء من تحب).
في مرحله المد الوطني والكفاح متعدد الأوجه والمجالات يكون الطاغي على المشهد السياسي والجماهيري والتنظيمي الصورة الكفاحية الرومانسية من العمل الفدائي والاداء السياسي المتقدم والتحالفات الداعمة في مرحلة زمن الفدائي الجميل.
تكون الاستعدادات التضحوية عالية ومتدفقة لدى معظم الشرائح وفئات الشعب المناضل لنيل حريته واستقلاله.
هذا واقع ثورتنا ونحن كشعب فلسطيني لسنا خارج هذا القانون والمعيار رغم خصوصية وظروف نضالنا وطبيعة المرحلة التحررية التي نخوضها وطبيعة عدونا الاجلائي التهويدي الاستيطاني الذي طال كافة مناحي الحياة الفلسطينية من أرض وبشر وحجر .
على مذبح الحريه والاستقلال دخل مئات الألوف من خيرة أبناء شعبنا سجون الاحتلال منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية، وما قبلها.
وقدمت الثورة خيرة مناضليها شهداء وجرحى ومعاقين واسرى منهم القادة، ومنهم رجال الفكر والثقافة ومن الكادر والاعضاء والمناصرين.
وكان بين صفوف الثورة رفاق ناضلوا وقاوموا مع شعبنا منهم قوميين وأمميين .
اعتبروا القضية الفلسطينية قضيتهم كقضية تحرر وطني.
قضية نبيلة وانسانية في مواجهه المشروع الامبريالي الصهيوني الرجعي في المنطقة.
على وقع الانجازات والتضحيات والعمليات الفدائية والمد الوطني تذوب وتندثر الكثير من الاخطاء والعيوب والعثرات . لكن تراكماتها وعدم التقاطها ومعالجتها في الوقت المناسب يحول الخطأ الى خطيئة والى جنحة وجريمة أحيانا”.
وتبدو الخيانة وجهه نظر عند البعض نتيجه المتغيرات والظروف الموضوعية والذاتية المحيطة بكل ثورة. ونحن كفلسطينيين لسنا استثناء في مرحله الثورة وفي الجبهة الوطنية العريضة لما يسمى بمنظمة التحرير الفلسطينية.
اغلبيه شعبنا ضحى ومعطاء ولم يكن يبحث عن امتيازات ولا مردود معنوي او مناصب وامتيازات وهذا ما صبغ مرحل المد الوطني وزمن الفدائي الجميل.
اما في مرحلة (الأزمة الوطنية الشاملة). مرحلة الجزر والتراجع تبدا وتظهر على سطح المشهد الوطني والسياسي وعلى سطح البركة الهامدة كل الاشنيات والطحالب والفضلات .
من مظاهر الفساد والمحسوبيات والعلاقات الزبائنية والامراض الاجتماعية والتنظيمية .
فيسيطر المشهد الماساوي لدرجة التطرف من تذمر ويأس وإحباط وسوداوية .
ما يجعل الكثيرين من مناضلين يولون ادبارهم لأسباب كثيرة ويغادرون خنادق النضال لدرجة الكفر بالواقع وإفرازاته.
بين زمن الثورة والسلطة مساحه كبيرة .
بين الزمن الفدائي الجميل وزمن البحث عن المواقع والمناصب والامتيازات والرتب والمراتب هوة تستشري سلبا”.
وللأسف هذا هو المظهر الرئيسي الذي ينتصب امام شعبنا اليوم. فكلما زادت حالة التراجع والهوان تزداد حالة التذمر والاحباط.
مع حاله الركود الوطني والتراجع الذي يصيب الاداء القيادي والواقع الكفاحي ، قد يصل عند البعض للردة والارتداد التي تهز القناعات والانتماء.
هذا الواقع ما نعيشه اليوم على وقع اداء السلطة وشراء الذمم. المحمول بالمال السياسي للدول المانحة ولشروط الاملاءات المعادية مع بدء إتفاقات اوسلو.
حالة ومظاهر الارتداد والتفكك الوطني والفصائلي وصل الى حد الانقسام والاقتتال الداخلي لم تكن سوى تراكمات ديالكتيكية.( حسب مقولة التراكمات الكمية تؤدي لقفزة نوعية)..
لم تختصر الحالة التراجعية على الموقف السياسي والسياسات المنتهجه بل وصلت للأخلاق و للقيم وللعلاقات الرفاقية والأخوية. ، بقدر ما نخرت أيضا”في الجسد التنظيمي والفلسطيني من افساد وشراء ذمم وقاد ذلك الى تبوأ انتهازيين ومهزومين قيادة المشهد السياسي الفلسطيني الرسمي خارج المواصفات والمعايير القيادية الوطنية والثورية والاخلاقية التي يجب ان يتحلى بها المناضلين والثوريين .
ربما تراكم الاخطاء والخطايا وتبدل الظروف وحجم الضغوط الطاحنة التي تعرض لها شعبنا وقواه السياسية أفرز حالة سلبية ومناخات غير متوازنة ، مترافقة مع الحالة الماساوية التي ضاق شعبنا ذرعا منها على واقع ما تقدم من تراكمات حصلت وأدت للقفزة النوعية التراكمية.
هذا القانون التي عصفت به الازمة الوطنية والتي طالت معظم الفصائل وخاصة الرئيسية والمترهلة منها . وصل حد أن يطرح البعض ما هو جدوى استمرار النضال والكفاح باشكاله القائمة التي قاتل من خلالها شعبنا على على مدار مسيرته النضالية.
اليوم البعض المقرر ومن هو بموقع التأثير يرتد عن هذه الحالة الوطنية الجامعة ويتجه بثقافة وسياسة جديدة محكومة بنهج التفاوض والتسويه والمهادنة للواقع حيث أفرز حالة سقوط وطني وقاد الى حالة من السخط والتذمر بعضها يجنح الى الاحباط واليأس والتنكر للنضال والانزواء. مترافقا”مع تولد حالة وطاقة سلبية جرى تعميم أمراضها على الجسد الوطني الشعبي .
القابضين على الجمر والفكرة الوطنية حولوا حالة التذمر والسخط على الحالة القيادية الى طاقة إيجابية للتغيير ودعوى للتجديد .
الحالة المأساوية الوطنية كانت فرصة تدفع للتفكير و للتأمل والتشخيص للواقع من أجل النقد والتغيير والتجديد على قاعدة الثوابت الوطنية وتفعيل عناصر القوة الفلسطينية رغم قتامة المشهد الوطني.
والمشهد الوطني متحرك وأهم عنصر فاعل فيه هو بداية تشكل وعي تغييري بوجود طلائع مؤمنة تؤكد على حتمية إستئناف الاشتباك المفتوح والمواجهة مع العدو وليس الهروب للأمام منه. وتدعو لاستثمار الظروف المحيطة في الاقليم.
خاصة على الصعيد الشعبي والتحالفات الداعمة للحالة الثورية والوطنية من قوى محور حلفاء المقاومة والقدس.
المشهد الفلسطيني المأساوي المشبع بثقافة دايتون والتنسيق الامني ما زال كابحا” للحالة الثورية ولعملية التغيير الثوري حتى الأن.
يقابله مشهد إيجابي يبعث على الأمل والتفائل الثوري يتشكل اليوم في الميدان في غزة والضفة والقدس وفي الشتات والمهاجر وفي مناطق شعبنا وأرضنا في ٤٨.
مشهد يمتد على مساحة الوطن التاريخي على يد مقاومين ومناضلين رغم كل الظروف القاسية والضاغطة والكابحة ،
ويظهر من بين صفوف القوى الوطنية طلائع مناضلين ومقاومين وأسرى يرفضون الركوع والتفريط و استمرار الحصار والانقسام والخنوع والهوان.
الفريق المقاوم يفرض إيقاعه عبر المقاومة الشعبية والمسلحة الفردية و الجماعية ، والخط البياني صاعد على ضوء ازمة السلطه وخطابها وخذلان العدو لها وعدم تنفيذه للاتفاقيات المبرمة معها منذ اكثر من ثلاثة عقود.
الفريق المقاوم اليوم رغم محاولة شيطنته وملاحقته ، يلقى حاضنة شعبية فلسطينية وعربية متنامية ومتصاعدة رغم قممهم الأمنية في العقبة وشرم الشيخ. ورغم ظروف التطبيع وإجراءات الملاحقة للمقاومين.
حاله التذمر في الواقع الفلسطيني نتيجة الأزمة الوطنية العامه تصل لحد التطرف والتنكر للتاريخ النضالي من خلال خطاب الهجوم الكاسح على مرحلة نضالية وعلى كافه قوى وفصائل العمل الوطني دون استثناء ،
بقدر ما يجب ان ينصب النقد والدعوة الى التغيير والتجديد الديمقراطي على الاداء السياسي والكفاحي لهذه القوى او لمدا ديمقراطيتها وقدرتها على التجديد.
بالمحصلة نكون أمام دعوات غبية مبنية على ردود أفعال على هزائم وممارسات فصائلية غير مقبولة لفسح الطريق وتمهيده لخلق البدائل للفصائل كقوى تنظيم وتضحية تستهدف بالنهاية ليست الفصائل بحد ذاتها بقدر ما تستهدف تاريخ الكفاح الوطني لشعبنا واستمرار مقاومة فصائله الوطنية.
الفراغ والهوة كبيرة في الحالة الوطنية ،
بين الشعب وقيادته و مع قواه الوطنية .
هذا الفراغ الوطني اذا ما استمر من واقع ماساوي قد يقود البعض الى ملء هذا الفراغ بأطر وصيغ تضر بالتاريخ النضالي وتضحي بكل ما انجزته الثورة الفلسطينية من هوية وطنية ووحدانية تمثيل .
لأن البديل المطروح (إسرائليا”). عن الفصائل وما شكلته من تاريخ وما قدمته من تضحيات ولما لها من حضور في الميدان (رغم كل اشكال التراجعات والنقد المطلوبه).
قد يخلق موضوعيا” ويساعد ويشجع بروز دور لمنظمات المجتمع المدني (الانجيؤز) لملئ الفراغ التي تحظى بدعم وتمويل كبير من القوى المعادية كاشكال سلمية واحتجاجية وجندرية لخدمة المجتمع الفلسطيني بعيدا” عن مهام التحرر الوطني.
هذه البدائل المشبوهة للحالة الوطنية لا تشكل تجديدا” ومواجهة للمشروع الصهيوني الاستيطاني العقبه الرئيسية التي تواجه شعبنا.
هذه الدعوات المشبوهة او البريئة والساذجة لدى البعض في الهجوم على قوى وفصائل العمل الوطني تشكل موضوعيا” دعوة صريحة لمساعدة الاحتلال عبر ملئ الفراغ ، وفسح المجال للقيادات العشائرية وللنزعات القبليه بديلا” عن الحالة الوطنية وتقود الى تشجيع وتشكيل روابط قرى ومدن تحت ظلال وحراب ودعم مشروع الاحتلال .
اليوم نحن بأمس الحاجة وترتقي للضرورة الوطنية لرفع الصوت من أجل النقد البناء و التجديد والتغيير والمحاسبة والمساءلة.
دعوات التغيير الثوري يجب ان تقاد من خلال رؤية وسياسة ووحدة وطنية و عملية تنظيمية وجماهيرية دون املاءات وشروط خارجية.
هذه المراجعه والنقد للحالة الفصائلية لا يجب ان تقودنا الى المجهول والعدمية وإلى الطعن بشرعيه النضال وللتاريخ الكفاحي لشعبنا وقواه الحية.
انها دعوة الى دمقرطة دوائر المنظمة و المؤسسات والاتحادات والنقابات وللقوى السياسية وللمجتمع الفلسطيني عبر انتخابات وطنية شاملة يتقدم فيها الشباب والمرأة الى مواقع القيادة والقرار والتأثير في المجتمع الفلسطيني كفرصة وانطلاقة جديدة لمتابعة مهام التحرر الوطني بتأصيل المشروع الوطني .
اليوم نحن امام فرصة تاريخية يمنحها لنا ابطال العرين والمقاومين والحاضنة الشعبية في مواجهه ثقافة دايتون وافرازاته وإستهدافات القمم الأمنية في العقبة وشرم الشيخ.