تغريداتمنتدى الراية

عن الدعم المشروط بالابتزاز في “قضية ورد”!

كتبه- سليم سلامة

ناشدني ـ ولا يزال ـ عدد غير قليل من الأصدقاء وغير الأصدقاء، الأقرباء وغير الأقرباء، بأن “أداري الوضع” و”أشوف حاجتي” وغيرها من نصائح الصادقين المحبين و/ أو الدجالين المتربصين.

أي”وضع” هذا الذي أرادني ويريدني هؤلاء، بحُسن النيّة أو بسوئها، أن “أداريه”؟؟ إنه قضية ابنتي ورد، التي هي أعزّ وأغلى ما فُزت به في هذه الحياة. قضية تعرُّضها لاعتداءات جنسية مرعبة ما بين الثالثة والسادسة من عمرها… مِن مَن؟؟ من أقرب الناس إليها، جغرافيّاً ودماً. ممّن كان يفترض بهما أن يقوما مكان أمها وأبيها، مثلما كنا نحن، إخلاص وأنا، بالنسبة لبناتهما.
أمس بلغت هذه المناشدات حدّها وتجاوزته حين قال لي شخص تافه ووضيع لا أعلم (حتى الآن!) كيف ومن أين حصل عل رقم هاتفي، رغم أنني أعرفه شخصياً: “يعني إنتِ مش هامّك تخسر قضية بنتك”؟

كيف يريدني هؤلاء أن “أداري الوضع” و”أشوف حاجتي”؟؟ بأن “أتوقف عن النقد” (خلافاً لـ “الانتقاد” في لغتهم ومفهومهم!) “عشان ما تظلك تخسر مؤيدين وداعمين لقضية بنتك”، كما عاد وأكد أصالة عبوديته، خاصة وأن محادثته هذه تأتي في فترة تمتاز بالهدوء والسلام على جبهة “الانتقاد” (النقد!) الذي يقصده ويعنيه، لكن يبدو أنه جاء “مُنبّهاً ومحذّراً” استعداداً لما يمكن أن يأتي!

يختلف هؤلاء الناصحون/ المناشدون الدجالون المتربصون ويتفرقون، حسب انتماءاتهم، علاقاتهم ومصالحهم: فمنهم من يقصد عدم “انتقاد” (نقد!) الأحزاب السياسية و”القيادات” السياسية. ومنهم من يقصد عدم “انتقاد” (نقد!) المثقفين وأشباه المثقفين (هم لا يفرّقون أصلاً بين متعلمين وأكاديميين وبين مثقفين؛ فكلّ ذي شهادة عندهم هو “مثقف”!) الذين يمارسون البغاء بثقافتهم فيشكلون الوجه الآخر لعملة “السياسيين”. ومنهم من يقصد عدم “انتقاد” (نقد!) الظواهر الاجتماعية والثقافية التي تشدّ بنا إلى الوراء فتعمّق واقعنا المنكوب، مجتمعاً وشعباً وأمّةً.

لم يكن لديّ ما أقوله له سوى: أيها العبد الحقير… إن كانت بنتي ستخسر قضيتها (ومش أنا اللي “سأخسر” قضية بنتي!!) فسيكون ذلك لأن للقانون (الجنائي) أحكامه وشروطه وليس لأن مخلوقاً تافهاً مثلك تفوه بشيء أوهَمَ نفسه بأنّ “ثمة الآن فرصة مواتية لاستغلاله”!! وأنهيتُ المحادثة.

والآن، أضيف له ولكل من يفكّر بطريقته: أياً تكن نهاية المسار الجنائي ـ القضائي في “قضية بنتي”، فإن الحقيقة الأنصع التي يستعصي على هذا الكائن وأشباهه رؤيتها والتحديق بها وفهمها هي التالية: ابنتي لن تخسر قضيتها، لأنها قد ربحتها! وأنا لن أخسر قضية ابنتي، لأنني قد ربحتها. ونحن، كعائلة مصغّرة، لن نخسر “قضيتنا” لأننا قد ربحناها!

يستحيل على هذا الصنف من المخلوقات فهم هذا الكلام ومعانيه. ولهذا، فحين أكتبه لا أكتبه له، بل للناس المستعدين بالفعل لإخراج عقولهم وأخلاقهم من كهف أفلاطون.

ورد ربحت قضيتها وانتصرت حين هزَمَت “مخطط” الحقد الانتقاميّ منها لتحطيمها وهي طفلة صغيرة عاجزة فداست أهدافه اللئيمة ونهضت مثل العنقاء ـ رغم كل ندوب الجريمة وآثارها المأساوية ـ محققةً الانتصار الساحق ليس على المعتدِيَيْن المباشرَيْن الاثنين وحدهما فقط، بل على جميع المعتدين ـ غير المباشرين ـ الذين ساندوهما ويساندونهما، أيضاً!

ثم ربحت ورد قضيتها، مرة أخرى، حين انتصبت بكل ثقة ووعي نادرين، إن لم يكونا معدومين تماماً، ووافقت على نشر قضيتها على الملأ ليكون مجرد النشر عبرةً ودرساً ومحفزاً لكل إنسان تعرض أو سيتعرض لمثل هذا الاعتداء بأن يصرخ ويحطّم جدران الصمت التآمريّ الجبان، سواء على نطاق العائلة الضيق أو على نطاق المجتمع الواسع؛ ولتصبح بهذا مصدر إلهام وعنوان نهجٍ حذته، بهَدْيِها وفي أعقابها، كثيرات من الفتيات كما أفادت معطيات رسمية استجدت لدى مراكز نسوية تعمل في هذا المجال.
هذا وحده، بصرف النظر عن المسار الجنائي ـ القضائي ونتائجه، فيه ما يكفي ويزيد كثيراً لتسجيله مأثرةً إنسانية ـ اجتماعية ـ ثقافية ـ حضارية ويعلّقه وسامَ فخر وعزّة على صدر ورد ويضعه تاجَ انتصار على رأسها!

خلاصة الموضوع هي التالية: يعتقد هؤلاء ودافشوهم (ههه!) بأنه يمكنهم “الضغط عليّ” بأغلى ما عندي (بنتي وحقها!) لابتزاز صمتي، مجرد صمتي، في خضم ما يعتبرونه “حرباً (لا مجرد معركة!) مصيرية.. قضية حياة أو موت”. بالضبط هيك، تماماَ.

ليش؟؟ لأني إن لم أصمت، فسيرفع هؤلاء وأتباعهم ومريدوهم وطبّالوهم وزمّاروهم غطاء “الدعم والتأييد لورد وقضيتها”!!
قلت لهم وأقول هنا (من باب تأكيد الحقيقة فقط لا غير؛ الحقيقة بكل بهائها وفداحتها معاً؛ وهو ما يعرفه كل من يعرفني، معرفة حقة): لو أن هذا الذي تحاولون الآن ترهيبه والضغط عليه وابتزازه قابلٌ لذلك؛ ولو كانت سلامة العلاقات الاجتماعية أياً كانت هي همّه ومبتغاه بأي ثمن، لما فعل ما لم يفعله (مش “لم يقُلْهُ”!!) من قبل أي إنسان في هذا المجتمع (ولا في هذه الدولة، على الأقل!) حين نشر عن تعرّض ابنته التي أصبحت الآن شابة لاعتداءات جنسية فظيعة في طفولتها وأن المعتدي هو “شقيقه” وزوجته!! فعل ذلك وهو مدرك، حتى النخاع، أن هذا سيجرّ عليه مقاطعة وعداوة “أقرب الأقربين” وكل من تدور مصالحه وعلاقاته في دوائرهم!! وهو ما حصل بالفعل.

وبلا مؤاخذة يعني، اسحب وسَكتِر من هون انت “وتضامنك وتأييدك ودعمك” المشروط بالسكوت عن ممارسات تعود بأضرار وخيمة على الناس عموماً. لا نعيد هذا ونؤكده من باب التغني ببطولات، فلو كنا في هذا الباب وكان هذا شاغلنا لفعلنا الأشياء في صبانا وشبابنا بصورة مختلفة تماماً لتنتهي إلى نتائج مغايرة تماماً!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى