اخبار الوطنالاخبار الرئيسيةالراية الفلسطينيةالمرجعتقارير الراية

عام على هبة النقب.. حماية الهوية بالصمود

عوامل التفجير لا تزال قائمة

الفلسطينيون في النقب وفي الداخل الفلسطيني المحتل عام 48، يستحضرون هذه الأيام،  أحداث الهبة التي عايشوا فصولها في يناير/ كانون ثاني 2022، حين انتفضوا رفضاً لسياسة الاقتلاع والتهويد التي تسعى سلطات الاحتلال إلى تنفيذها في قراهم مسلوبة الاعتراف، تحت ستار “تشجير” الصحراء.

شرعت ما تسمى “دائرة الأراضي” التابعة للاحتلال الصهيوني في يناير/كانون ثاني 2022 بـ “تشجير” أراض فلسطينية شاسعة في النقب تحديدا في سعوة الأطرش، وتجريف أخرى، تمهيدا لمشروع استيطاني يسمى “تشجير الصحراء”.

وتتخذ سلطات الاحتلال من ذلك المشروع ستارا لتهجير الفلسطينيين، وطمس هويتهم الوطنية، عبر تقطيع أوصالهم في القرى التي كانت حتى قبل قيام الكيان الصهيوني.

إقرأ أيضا: الاحتلال يواصل التجريف بالنقب ودعوات لـ”تصعيد النضال”

ردا على هذه المخططات، انتفض أهالي “سعوة الأطرش” من خلال مواجهات ومظاهرات، شاركهم فيها أهالي الداخل الفلسطيني المحتل عام 48 والنقب، على الأرض المهددة بالمصادرة، وقابلتها شرطة الاحتلال بالقمع والاعتقالات التي طالت مختلف فئات المجتمع الفلسطيني.

يرى أبناء النقب لا سيما قرية “سعوة الأطرش”،بـ “التشجير”، استكمالا لمخطط تهجيرهم من منازلهم وطردهم من أرضهم هم أصحاب الأرض الأصلانيين، بهدف تفريغ جنوب فلسطين المحتلة لإنشاء مستوطنات.

تزامنا مع ذلك، أعلنت وزيرة داخلية الاحتلال آنذاك، أيليت شاكيد عن وضع مخططات لإقامة 20 مستوطنة ومصانع للفوسفات ومشاريع سكك حديدية على أراضي الفلسطينيين في النقب.

لم يقف أهالي قرى النقب مسلوبة الاعتراف، مكتوفي الأيدي أمام هذا المخطط الصهيوني، فخرجوا ببسالة بفعاليات احتجاجية وتظاهرات، قابلتها شرطة الاحتلال بالقمع والاعتداء والاعتقال.

وشهد النقب في العاشر من يناير/كانون ثاني 2022 اندلاع مواجهات عدة وانتفاضة في وجه سلطات الاحتلال وشرطته المدججة بالسلاح.

إقرأ أيضا: لليوم السادس تواليا والنقب يكافح نيابة عن الكل الفلسطيني دفاعا عن ارضنا

وأسفرت المواجهات وقتها، عن إصابة العشرات بجراح مختلفة واعتقال المئات بينهم أطفال ونساء على يد شرطة الاحتلال التي حولت المنطقة إلى ثكنة عسكرية، للحيلولة دون وصول فلسطينيي الداخل  الذين هرعوا إلى النقب لإسناد أهلهم.

واعتقلت شرطة الاحتلال أكثر من 300 فلسطني، بينهم أطفال ونساء ومسنين، أفرج عن غالبيتهم على فترات، لكن بشروط مقيدة، ولغاية استكمال الإجراءات القانونية.

وحتى اليوم،  بقيت 8 ملفات تعود لأربعة شبان وأربعة قاصرين، لم يتم إصدار الأحكام بحقهم،  على غرار معتقلي “هبة الكرامة” التي اندلعت بمايو/أيار عام 2021.

وعقب الاحتجاجات، حشدت الحراكات الشبابية والأحزاب والحركات الوطنية في الداخل المحتل، الفلسطينيين لمظاهرات استمرت ما يقارب أسبوعين، احتجاجًا على ما يتعرض له النقب، وضد حملة الاعتقالات التي شنتها قوات الاحتلال في قراه.

واستمرت الهبة الشعبية في النقب حتى ما بعد مارس/أذار من العام الماضي، حينما عادت جرافات الاحتلال لاقتحام قرية الأطرش، وتنفيذ عمليات تجريف وتحريش فيها، ولا تزال الأوضاع بالنقب متوترة، وعمليات التجريف والتحريش متواصلة في العديد من قراه، خاصة الـ42 قرية مسلوبة الاعتراف.

وعلى إثر الهبة العارمة لأبناء شعبنا في النقب، تراجعت سلطات الاحتلال الصهيوني قليلاً، وحاولت بكل وسائل القمع إطفاء الغضب الشعبي مع تصاعد المواجهات وانتشارها في كل قرى ومدن النقب في ظل مساندة واسعة من كافة الداخل المحتل.

إقرأ أيضا: الاحتلال يواصل حملات الاعتقال- تصريح ادعاء ضد معتقلين والاهالي يواصلون الاحتجاج في النقب

عبد الكريم العتايقة

وبعد عام على هبة النقب، لا تزال إجراءات سلطات الاحتلال تتصاعد بحق سكان قرى النقب وغيرها من مدن الداخل المحتل.

إقرأ أيضا: النقب في عين العاصفة

وفي هذا الصدد، يؤكد الناشط الوطني عبد الكريم العتايقة، أن “عمليات تضييق الخناق على عرب النقب، تأتي من خلال عدة مشاريع صهيونية بحتة لا علاقة لها بالتطوير مثل “التحريش” و”التشجير”، كالتي تقوم عليها الجمعية الاستيطانية “الكيرن كيمت” بإقامة مستوطنات جديدة، كذلك تأتي أحيانا بحجة مواقع عسكرية،  فضلا عن حرمان هذه القرى من الخدمات الأساسية والضرورية، من منع المياه والكهرباء والعيادات، إضافة إلى ملاحقه الأرض والمسكن، من خلال عمليات مصادرة الأراضي والهدم”.

وأوضح، إضافة إلى كل ذلك، أن إجراءات سلطات الاحتلال تتصاعد بحق سكان قرى النقب، تأتي أيضا من خلال توفير ميزانيات طائلة تخصص لأجهزة القمع والهدم، وتشكيل وحدات خاصة مدعمة بكافه معدات القمع، وكل هذه الآليات على مر السنين كانت متوفرة، ولم تستطع ترحيل قرية من قرى الصمود، إذ تتوالى الحكومات الصهيونية المتعاقبة، وتبقى سياسة المصادرة مستمرة ولا فرق بين حكومة واخرى”، مشددا على أن سياسة الاحتلال وحكوماته المتعاقبة تجاه منطقة النقب واحدة ولن تتغير، وتتلخص بسياسة نهب الأراضي.

يرى العتايقة، أن استهداف منطقة النقب لم يتوقف بعد عام على هبة النقب، التي واجه الاحتلال احتجاجات الأهالي بقمع وضرب ووحشية واعتقالات واسعة.

وقال العتايقة، “لقد أصبح واضحا للجميع، أن كافة أجهزة القمع موحدة تجاه الوجود الفلسطيني بالنقب، ويتم النظر إليه كحالة خطر ديمغرافي وأمني، لهذا تتعاون الشرطة وجهاز الأمن العام “الشاباك”، متفقين تماما على أننا بالنقب أعداء، ويجب التعامل معنا على هذا الأساس”، مضيفا أن “المؤسسة الحاكمة تعمل على توحيد كافة العصابات القمعية، للإجهاز على ما تبقى لنا من قرى وأراضي، لكن صمود أهلنا هو الكفيل بإفشال هذه الخطط الاقتلاعية”.

ويضيف أن الاستيطان والاستهداف في النقب ارتفع وزاد حدته وخطورته وسيزيد ويتصاعد، وقال هي ليست المرة الأولى التي تضع المؤسسة العنصرية مخططات لتهويد النقب.

إقرأ أيضا: تصعيد النضال الشعبي في الداخل المحتل دعمًا لأهل النقب

وقال “في عام  2005 كانت خطة “شارون” وأفشلت، وبعدها مخطط “غولد برغ” وتم افشاله، وبعدها مخطط “برافر” وأفشل بالمظاهرات والاحتجاجات الشعبية وصمود أهلنا في النقب والداخل المحتل عامة، مشددا على أن افشال كافة مخططات التهويد والترحيل، تم التصدي لها ببساله ووحدة اأهلنا بالنقب ومعهم كافةجماهير شعبنا بالداخل الفلسطيني المحتل.

ونبه العتياقة إلى أن كل سياسات سلطات الاحتلال، منذ النكبة، تستهدف ترحيل أهل النقب، عبر الهدم والاستيلاء على الأراضي، إلا أن ذلك يواجه بصمود الأهالي وتمسكهم بالأرض.

إقرأ أيضا: حديث الصور- النقب ينتفض.. صراع على البقاء

ويعيش في النقب؛ الذي تبلغ مساحته أكثر من 14 ألف كيلو متر مربع، أي ما يعادل 52% من مساحة فلسطين التاريخية، البالغة 27 ألف كيلو متر مربع، نحو مليون فلسطيني، 32% فقط يقيمون على أقل من 5% من أراضي النقب، في 45 قرية مسلوبة الاعتراف.

وتبرز أهمية منطقة النقب، الواقعة شرقي مدينة بئر السبع، كونها تشكل ما يقرب من نصف مساحة فلسطين، وتضم أهم القواعد العسكرية الاستراتيجية للاحتلال، ومرافقه الأمنية الحساسة، وشبكة الطُّرق التي يسلكها جيشه وأرتاله العسكرية، والتي تحيط بها القرى الفلسطينية.

وتُعيد أحداث هبَّة النقب الأذهان إلى أحداث “يوم الأرض”، ففي 30 آذار/ مارس عام 1976 هبَّ فلسطينيو الداخل المحتل ضد استيلاء الاحتلال على أراضٍ بالجليل، وصاحبه إعلان الإضراب العام، لكن الاحتلال حاول كسره بالقوة، ما أدى إلى اندلاع مواجهات، أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى