مقالاتمنتدى الراية

سر التصلب الايراني في فيينا..ابحثوا عن السلاح السري!

كتبه- محمد صادق الحسيني

تدور نقاشات معمقةً ، بين الكثير من المحللين والباحثين العسكريين والاستراتيجيين الاوروبيين ، حول سر التصلب الايراني في المفاوضات النووية ، الجارية في فيينا منذ حوالي اسبوعين تقريباً ، وهو التصلب الناتج ، حسب تقديرهم عن ثقة زائدة بالنفس ، سواءً على الصعيد السياسي او الدبلوماسي ، وقبل كل شيء على الصعيد العسكري .

ويعتقد هولاء ان ذلك يعود الى اسباب عديدة ، او يمكن ربطه بعوامل قوةٍ ايرانيةٍ استراتيجية خفيةً ، تُمَكِن القيادة الايرانية من المناورة الاستراتيجية المستندة الى قوةٍ عسكرية خارقةّ تجعل من المستحيل على خصوم ايران ان يفكروا جدياً بالقيام باي عملية عسكرية ضد ايران ، مهما كانت محدودة .

ومع انه من نافل القول ان يشار الى الفرق الهائل في القدرات العسكرية ، بين الولايات المتحدة وايران ، الا ان هؤلاء الخبراء يرجعون صلابة الموقف الايراني ، السياسي والعسكري ، الى سببين رئيسيين هما :

اولا : ان تكون ايران تمتلك نظام حرب الكترونية شبيه بنظام الحرب الالكترونيه الروسي ، من طراز : مورمانسك بي إن ( Murmansk B N ) . وهو نظام تشويش الكتروني مخصص لاعتراض الموجات اللاسلكيه المعادية والتشويش عليها او قطعها . ويغطي عمل هذا النظام كامل طيف الموجة القصيرة ( موجة الارسال ) ، بدءاً من ثلاثه وحتى ثلاثين ميغاهيرتز ( ٣ – ٣٠ ميغاهيرتز ) ، وهي الموجة المستخدمة بين سلاح الجو وسلاح البحرية ومراكز القيادة والسيطرة في القوات المسلحة الاميركية ( بالاضافة الى قوات حلفاء اميركا في المنطقة ) .

وهذا يعني ان انظمة التشويش الروسية تبدأ بالتشويش على اتصالات العدو بمجرد ان يكتشف النظام اي اشارة لاسلكية معادية ، مما يؤدي الى قطع التواصل ، بالكامل ، بين القوات الجوية والبحرية ، العاملة في مسرح العمليات ،  ومراكز القيادة والسيطرة .

الامر الذي يؤدي ، وبشكل فوري الى سقوط اسراب الطائرات المهاجمة ، للاراضي الروسية او الايرانية في هذه الحالة ، ودون اطلاق طلقةً واحدة باتجاه هذه الطائرات . وهو ما ينطبق على القطع البحرية ايضاً ، حيث يقوم هذا النظام بحجب الاتصالات بين الاساطيل الجوية والبحرية ومراكز قيادتها وذلك عبر حجب إشارات الاقمار الصناعية بالكامل عنها .

وبكلمات أخرى ، فان القوات الاميركية وقوات حلف شمال الاطلسي تصبح عاجزةً عن تنفيذ اية عمليات قتالية ، ضمن دائرة قطرها خمسة آلاف كيلو متر .

ولهذا السبب بالذات ، دائرة الخمسة آلاف كيلومتر ) فان روسيا قد قامت بنشر هذا النظام في كلٍ من :

–  شبه جزيرة القرم ، في جنوب غرب روسيا .

– شبه جزيرة كولا Kola Peninsula ( شمال غرب روسيا / اي في اقصى شمال شرق فنلندا وبالقرب من القطب الشمالي للكرة الارضية ) .

– مقاطعة كالينينغراد Kaliningrad ، وهي المقاطعه الروسيه غير المتصله جغرافياً ،عبر البر ، مع روسيا ، والواقعة على ساحل خليج دانتسيغ ( Danzig ) ، بين ليتوانيا وبولندا .

– الشرق الاقصى ( اي منطقة جنوب الساحل الروسي على المحيط الهادئ في مقاطعة ڤلاديڤوستوك – تبعد عن موسكو مسافة عشر ساعات طيران ) .

بالاضافة الى ان الاساطيل الروسية جميعها ، اسطول الشمال / اسطول بحر البلطيق / اسطول البحر الاسود واسطول المحيط الهادئ ، مزودةً بهذا النظام القاتل والقادر ، كما اشرنا اعلاه ، على اسقاط كافة التشكيلات الجوية او الصواريخ الاستراتيجيه او غيرها من وسائل الحرب الجوية في دائرة خمسة آلاف كيلو متر .

وبذلك فان هذا النظام يغطي كافة انحاء اراضي جمهورية روسيا الاتحادية ، الامر الذي يجعل روسيا محمية بالكامل ، وليست بحاجةٍ لا للدخول في سباق تسلح ولا حتى في حرب محدودةً او واسعة مع خصومها .

كما لا بد من التذكير ، بان هناك نظاماً آخر ، رديف لهذا النظام ، في الحرب الالكترونيه ، منتشراً في المناطق والاساطيل الروسية ، المشار اليها اعلاه ، ومخصص لحجب او قطع وصول اشارات نظام الاتصالات الدولي / جي بي إس GPS ، وهو نظام كراسوخا / ٤ ( Krasukha  4 ).

وهو ما يعني ان القوات المعادية سوف تكون هائمةً في الميدان ، دون اي اتصالات ، لا بين القوات على الارض ولا بين القوات ومراكز  القيادة . ما يجعل الحرب قد حسمت دون طلقةٍ واحدة .

ويخلص الباحثون والاستراتيجيون الاوروبيون الى ان ايران تملك هذا النظام قطعاً ، خاصةً وان الطيارين الاميركيين قد اشتكوا مراراً ، حسب العديد من اخبار وتقارير لصحف ومجلات اميركيه مختصه بالشؤون العسكرية ، من تعرض طائراتهم ، ومن بينها طائرات F 35 الشبحية ، الى تشويش الكتروني قوي ، في الاجواء السورية ، ارغمهم على قطع مهماتهم والعودة الى قواعدهم .

كما لا بد من التذكير بان مطار  تل ابيب قد تعرض ، قبل حوالي عام ، الى تشويش الكتروني شديد ، استمر حوالي ثلاثة اشهر ، واسفر عن ارتباك شديد جداً في حركة الطيران في اجواء المطار واضطر سلطات الملاحة الجوية المعنية الى تغيير مسارات الطائرات لمحاولة تفادي التشويش ، دون جدوى . وهو ما ارغم سلطات المطار آنذاك الى تحويل عشرات الرحلات الجوية الى مطار لارنكا القبرصي .

وعلى الرغم من كثرة التحليلات ، لاسباب ما حدث في مطار تل ابيب ، فان الخبراء المذكورين اعلاه ، يعتقدون جازمين ان سبب ذلك هو تدريبات ايرانيه على اجهزة تشويش الكتروني ايرانية ، شبيهة في مواصفاتها لنظام التشويش الروسي : مورمانسك / بي إن ( Murmansk B N ) ، وهو نظام متحرك محمول على شاحنات عسكرية ثقيلة .

ثانياً : ان تكون ايران تملك انظمة سلاح كهرومغناطيسي (Non- Nuclear  Electromagnetic ) NNMP )Empuls ) قوي جداً قادرٌ على تدمير مدن باكملها . وهي انظمة يمكن اطلاقها عبر وسائل مختلفة اهمها ؛

– الصواريخ المجنحة .

– المروحيات القتالية .

– الطائرات المسيرة .

وجميعها وسائل قتال جوي تمتلك منها ايران الكثير الكثير ، خاصة الصواريخ المجنحة ، وانواع الصواريخ الثقيلة والبعيدة المدى الاخرى .

مع العلم ان القوة التدميرية لهذا السلاح تعتمد على قوة الموجة الكهرومغناطيسية التي تنتج عن انفجار الرأس الحربي للصاروخ او المسيرة التي تحمله . وعليه فان هناك احجاماً ، وبالتالي قدرات تدميرية ، مختلفه لكل موجة كهرومغناطيسية ( او صاروخ كهرومغناطيسي ) ، يتم التحكم بحجمها من قبل صانع القرار العسكري ومن قبل الشركات او المؤسسات الصانعة لهذه الاسلحة .

وعلى الرغم من ان الخبراء الاستراتيجيين ، المذكورين اعلاه ، يعتقدون ان هناك بعض الصعوبة في تدمير مدن بكاملها ، من خلال هذا السلاح ، الا انهم مقتنعون بان هذا السلاح قادر على تدمير البنى التحتية ، كمحطات توليد الكهرباء وتحلية المياه ومراكز الاتصالات ومراكز القيادة والسيطرة العسكرية والخدماتية ، لاي دولة كانت وبشكل كامل ، مما يعني ان اسرائيل ، في هذه الحاله التي يجري فيها النقاش حول امكانيات الردع الايرانية ، فان الجيش الاسرائيلي ، بكافة صنوفه ، سيصبح خارج الخدمة ، اي غير قادر على القيام باي عمليات عسكرية ، مهما صغرت ، مما يجعل مسألة تدمير حيفا وتل ابيب وتسويتها بالارض ، حسب بعض التصريحات الصحفيه الايرانيه في مناسبات متعددة ، امراً غير ضروري .

وذلك انطلاقاً من حقيقة ان احداث حالة شلل كامل ، في كافة مناحي الحياة ، العسكرية منها والمدنية ، في “اسرائيل” سيفتح الطريق ، امام قوات حلف المقاومة ،  للوصول ، بكل سهولة ، حتى الى القدس وليس فقط الى حيفا وتل ابيب .

وهذا طبعاً ليس سيناريو خيالي ، على الاطلاق ، وانما هو توصيف للمشهد الذي سيلي استخدام مثل هذه الاسلحة ، من قبل ايران ، والتي لا توجد وسائل للتصدي لها بفعالية .

ولعل ابلغ دليل على ان هذه الاحتمالات ، التي يجري بحثها وتحليلها ، بعد دراستها ، من قبل اهل الاختصاص المُنَوَهْ اليهم اعلاه ، لعل ابلغ دليل على ذلك هو :

التقرير ، المكون من مائتين وثماني صفحات ، والذي اعدته لجنة اميركية مختصة ، مكونة من تسعة علماء ، لتقييم اخطار تعرض الولايات المتحدة الاميركية لهجوم كهرومغناطيسي ، ونشرته في شهر نيسان ٢٠٠٨ ، واكدت فيه كل الاحتمالات ، المشار اليها اعلاه .

وفي الخلاصة فلا بد من التأكيد على حقائق ساطعةً ، تتعلق بالموقف الايراني في المفاوضات النووية وغيرها من المفاوضات الاقليمية ، هي التاليه :

١) لا مصلحة للولايات المتحده الاميركيه في الدخول في صراع مسلح جديد وطويل الامد التي في الشرق الاوسط . وهو أمر يعلمه صانع القرار الايراني ويبني عليه . وهذا هو الركن الاول للموقف الايراني الصلب .

٢) ان التصريحات الصاخبه والضجيج الاسرائيلي المرافق لها ، حول الموقف من ايران ، بما في ذلك زيارات المسؤولين العسكريين والامنيين الاسرائيليين المتتابعة لواشنطن ، لا تتعدى كونها جعجعة بلا طحين . وهذا ما يعرفه صانع القرار الايراني ويبني عليه ايضاً . وبذلك نكون قد وصلنا الى الركن الثاني في اركان الموقف الايراني الصلب .

٣) ان كل ما نراه ونسمعه ، حول مجمل مسارات الصراع ، وعلى كامل مسرح عمليات الشرق الاوسط ، بين حلف المقاومة والولايات المتحده واتباعها في الشرق الاوسط ، انما هو انعكاس لموازين القوى الاستراتيجيه ، في المنطقة والعالم ، خاصة اذا وضعنا في الاعتبار تزايد التوتر بين الولايات المتحده والصين وبين الولايات المتحده وروسيا ،  وما لهذا الصراع من انعكاسات على التحالفات القوى الدوليه ، او الدول العظمى ، مع القوى الاقليميه في الشرق الاوسط .

وهو ما يتضح بشده من خلال سماح واشنطن لاتباعها العرب بفتح قنوات تواصل مع ايران، بعد ان كانت قد امرتهم بنقل المعركة الى داخل ايران ، قبل سنوات ، وفشلوا في ذلك . وهو الفشل الذي وجد انعكاساً له في كلمة محمد بن سلمان ، مساء يوم ١٤/١٢/٢٠٢١ ، التي القاها في افتتاح ما يسمى : قمة التعاون الخليجي ، واعلن فيها عن ضرورة ايجاد حل سياسي للحرب على اليمن .

اي انه اعترف ، ولو بشكل غير مباشر ، بفشل مغامرته في اليمن ، التي تستمر مشاهدها الاجراميه منذ سبع سنوات .

وهذا ايضاً يعرفه صانع القرار الايراني ويبني عليه . وعليه فان ذلك يشكل الركن الثالث للموقف الايراني الصلب ، على كل المستويات ، وليس فقط في المفاوضات النوويه في فيينا .

٤) اما الركن الرابع ، الذي يستند اليه الموقف الايراني الصلب، فهو العمى السياسي والاستراتيجي الاسرائيلي من ناحية ، وصلابة وصبر اطراف حلف المقاومه الاستراتيجي ، وفي كل الساحات .

اذ ان قادة هذا الكيان السياسي ، المسمى اسرائيل ، والمقام في فلسطين المحتله ، غائبون عن الوعي تماماً ولا قدرة لهم جميعاً على قراءة الوضع الاستراتيجي لكيانهم ، بشكل موضوعي . بمعنى انهم يواصلون ضجيجهم واثارة الهلع بين مستوطنيهم لاسباب حزبية وشخصية تافهة ولا قيمة لها  ، ولا تمت للفهم السياسي والاستراتيجي باية صله .

صحيح ان الكثير من دول العالم تشهد مثل هذه الصراعات ، الدائره بين الاحزاب والقوى والشخوص ،التي تسمي نفسها سياسية في هذا الكيان ، الا ان تلك الدول تبقى دولاً ليست مهددة بالزوال ، كما هو حال الكيان ، في حالة قراءةٍ سياسية او استراتيجية خاطئه . وانما سيقتصر الامر على زوال حزب سياسي بعينه او طبقك سياسية معينه .

وهذه طبعاً ما يعرفه صانع القرار الايراني ويبني عليه ، تمهيدا لاطلاق الصفحة الاخيره من الهجوم الاستراتيجي لحلف المقاومه ، والذي انطلق من حلب السوريه ، كما الشيخ عز الدين القسام ، قائد اول ثورة فلسطينية منظمه سنة ١٩٣٦ . هذا الهجوم الذي سينتهي بدخول قوات حلف المقاومه ، برداً وسلاماً ، الى القدس المحرره في اقرب الآجال .

بعدنا طيبين قولوا الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى