اخبار الوطنالاخبار الرئيسيةالراية الفلسطينيةالمرجععين على الشتات واللاجئين

دراسة كاملة حول الجالية الفلسطينية في أوروبا بعد 73 عام من النكبة- حلم العودة أقرب

الجالية الفلسطينية في اوروبا، النشأة والتكوين، المهمات والدور، المشاكل والحلول، وعناوين اخرى

اعد هذه الدراسة: الكاتب طارق أبو بسام

صادف يوم أمس  15 من مايو/ايار، ذكرى النكبة الفلسطينية الت 73 لشعبنا الفلسطيني، والتي كان ضحيتها تهجير نحو 950 ألف فلسطيني من مدنهم وبلداتهم الأصلية، من أصل مليون و400 ألف فلسطيني كانوا يعيشون في 1300 قرية ومدينة.

وبهذه المناسبة، نضع بين ايديكم هذه الدراسة التي اعدها الكاتب طارق أبو بسام-براغ، حول الجالية الفلسطينية في اوروبا، “النشأة والتكوين، المهمات والدور، المشاكل والحلول، وعناوين اخرى”.

المقدمة

ليس من السهل الكتابة عن اوضاع الجالية الفلسطينية في اوروبا بشكل تفصيلي دقيق، على شكل دراسة شاملة، خاصة من حيث الاعداد والتوزيع المهني والجغرافي نظرا لغياب المعطيات وعدم توفرها من المصادر الاساسية، (مراكز الاحصاء، السفارات، والجاليات).

عند الحديث عن الجالية في البلدان الأوروبية، لا بد من التمييز بين اوضاع الجالية في اوروبا الغربية والشرقية، من حيث النشأة والتكون، رغم ان المهمات الملقاة على عاتقهما والدور المنوط بهما هو نفسه ولا خلاف فيه.

اما من حيث النشأة والتكون، تعتبر الجالية في اوروبا الشرقية حديثة التكون، وبدأ ذلك بعد انهيار الدول الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفيتي في السنوات (1989_1992) واقامة نظم رأسمالية على انقاضها، حيث كان يقوم التواجد في هذه الدول على الطلبة الدارسين كبعثات ومنح، ولم يكن مسموحا لهم البقاء فيها بعد التخرج، وعليهم المغادرة. وأصبح هذا ممكنا بعد تغيير القوانين حيث تم السماح للطلبة والمتزوجين البقاء والإقامة، الى جانب السماح لقدوم رجال الاعمال واصحاب الاستثمارات وهكذا بدأت تتشكل الجالية في هذه البلدان.

اما في اوروبا الغربية فيعود تاريخ الجالية الى عشرات السنين ومنذ أكثر من 100 عام، عندما توجه العشرات من الفلسطينيين الى اسبانيا، جزر الكناري، في طريقهم للولايات المتحدة الأمريكية، حيث أكمل البعض طريقه الى هناك، بينما توقف العديد منهم في هذه المحطة والتحقت بهم عائلاتهم واستقروا هناك وهكذا كانت بداية تشكل التواجد الفلسطيني في أوروبا الغربية.

هذا الى جانب تمايز اخر وهو الفارق في العدد حيث لا تتجاوز نسبة التواجد الفلسطيني في اوروبا الشرقية الـ 5% من عددهم في الغربية، فبينما يتواجد في الغرب عشرات ومئات الآلاف فان الاعداد في الشرق لا تتجاوز بضعة آلاف وهذا ما سيظهر في الجدول حول العدد التقريبي لأبناء الجالية في كل بلد.

ومن موقع الحرص على كتابة تصور عن اوضاع الجالية يكون أقرب ما يمكن الى الوضوح والدقة اقوم بأعداد هذه الورقة (الدراسة)، والتي تشكل محاولة متواضعة مني نحو فهم ادق واشمل لأوضاع الجالية. اقوم بذلك، وأسجل منذ البداية ان هذه المحاولة سوف تحتوي على بعض الثغرات والنواقص، والتي تحتاج إلى جهد جماعي من اجل الإجابة عليها، وهذا العمل يجب ان يكون من مسؤولية لجان متخصصة تستند إلى المعلومات المتوفرة لدى السفارات والاتحادات الجاليوية، كون الجهد الجماعي أفضل بعشرات، ان لم يكن مئات المرات، من الجهد الفردي. وقد حاولت مرات عديدة، عبر التواصل مع العديد من الاتحادات والمعنيين بالأمر، وللأسف كان التجاوب محدودا، فقط البعض لا يتجاوز عددهم اصابع اليد الذين قدموا لي مشكورين بعض المعلومات والبيانات التي استفدت منها.

لمحة عن النشوء والتكون

تعود بداية الوجود الفلسطيني في اوروبا الى اواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، حيث خاض الشعب الفلسطيني خلال القرن الماضي صراعا مريرا من اجل تثبيت وجوده في مواجهة مخططات الحركة الصهيونية والدول الرأسمالية للقضاء عليه، وجاء ذلك في ظل انحياز كامل دولي واقليمي وتآمر رجعي ضده.

وقد أسفر هذا الصراع بحكم عوامل متعددة، باتت معروفة داخليا وخارجيا، الى ضياع فلسطين على مرحلتين الأولى بعد النكبة عام 1948 حيث تم احتلال الجزء الأكبر من الأراضي الفلسطينية وتشريد مئات الآلاف من ابناء الشعب خارج اراضيهم عبر المجازر التي ارتكبت كمجزرة دير ياسين وغيرها والتهجير القسري.

الثانية في اعقاب حرب حزيران عام 1967 وما نتج عنها من استكمال احتلال بقية الأراضي الفلسطينية وتهجير عشرات الآلاف من اراضيهم في محاولة من العدو السيطرة الكاملة على كل فلسطين.

وقد نتج عن الحربين الاولى والثانية تشريد وتشتيت الجزء الأكبر من الشعب وإخراجه من ارضه، حيث توزع على دول اللجوء والشتات ضمن خطة صهيونية استعمارية محكمة خطط لها منذ وعد بلفور وما قبل ذلك، وهكذا بدأت رحلة العذاب، ورغم ذلك بقي الشعب الفلسطيني متمسكا بأرضه ووطنه وحافظ على وجوده في فلسطين، ومن غادر منه الى الشتات استمر في الحفاظ على اصالته والتمسك بهويته الوطنية والتواصل مع الوطن السليب وابقاء التطلع للعودة والتحرير حيا يرافقه دوما يورثه لأولاده وأحفاده جيلا بعد جيل، حلما لم يغادره يوما من الايام وبقي نصف الشعب الفلسطيني متمسكا بأرضه من خلال صموده والدفاع عنها وبقي النصف الثاني في الشتات يسكن خارج فلسطين، لكن فلسطين تسكن فيه.

بدأت موجات اللجوء الكبرى الاولى باتجاه الدول العربية المحيطة بفلسطين مثل سوريا والاردن ولبنان ومصر، وأقاموا فيها ظنا منهم انها هجرة مؤقتة وسيعودون قريبا الى بيوتهم وبقي الكثيرين منهم يحتفظ بمفاتيح بيته حتى الان.

وبعد ان طال اللجوء وازدادت الصعوبات بدأ البعض بالهجرة الى اوروبا وامريكا وغيرها طلبا للأمن وتحسين الظروف المعيشية وتأمين المستقبل، واعداد كبيرة اخرى من الطلاب للدراسة والالتحاق بجامعات هذه الدول.

وفيما يلي اهم مراحل الهجرة التي تمت بعد احتلال فلسطين والتي ترافقت مع مراحل تأسيس الجالية وزيادة اعدادها وتوسع انتشارها:

المرحلة الاولى

بدأت المرحلة الأولي في تكوين انوية الجالية الفلسطينية في اوروبا من خلال توافد أعداد من الطلبة من اجل الدراسة في بريطانيا، فرنسا، المانيا، ايطاليا، اسبانيا، اليونان، وغيرها حيث شكل الطلبة المرحلة الأولى لهذا التواجد والذي بدأ بالتزايد عاما بعد عام وهذا ما يفسر ارتفاع نسبة المتعلمين من ابناء الجالية في هذه الدول.

المرحلة الثانية

جاءت المرحلة الثانية بعد الحرب الأهلية في لبنان ومجازر تل الزعتر في منتصف السبعينات، وبعد العدوان الذي شنه العدو على لبنان عام ١٩٨٢ وما نتج عنه من هجرة العشرات من العائلات الفلسطينية الى المانيا والسويد والدنمارك بشكل اساسي، وكان اغلبية القادمين الى اوروبا في هذه المرحلة من فلسطيني المخيمات في لبنان.

المرحلة الثالثة

بعد انتفاضة الحجارة التي انطلقت عام ١٩٨٧، واستمرت لعدة سنوات حيث ساءت الظروف الامنية والاقتصادية مما دعى الكثيرين للبحث عن مكان اخر يوفر لهم الامن ومستوى حياة افضل لهم ويؤمن مستقبل اولادهم، وكان التوجه الاساسي نحو المانيا خاصة ان الدولة الالمانية اتخذت قرارا بتسهيل طلبات اللجوء وهذا ما يفسر ارتفاع الاعداد المهاجرة الى هناك وتأتي الدول الاسكندنافية خاصة السويد والدنمارك في الدرجة الثانية بعد المانيا

المرحلة الرابعة

بعد حرب الخليج الثانية واحتلال العراق لدولة الكويت، حيث قامت الحكومة الكويتية في ذلك الوقت بأبعاد آلاف العائلات الفلسطينية بذريعة وقوفهم الى جانب النظام العراقي وقد غادر العديد منهم الى الأردن بشكل اساسي بينما توجه جزء كبير منهم خاصة الميسورين الى اوروبا بحثا عن فرص العمل والاستثمار.

المرحلة الخامسة

مرحلة انتفاضة الأقصى عام 2000 وما تبعها من صعوبات امنية واقتصادية دعت العديد من الاسر للبحث عن حل لهذه المشاكل، ووجده البعض في الهجرة حيث توجه الالاف منهم الى اوروبا التي سهلت بعض دولها هذا الامر لسبب انساني، من ناحية وليس هذا الأساس، وانما مساهمة منهم في تسهيل تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها.

المرحلة السادسة

مرحلة الانقسام الفلسطيني المستمرة حتى الان بين فتح وحماس، والضفة وغزة، والتي اوصلت الشعب الى افق مسدود، وحالة من الاحباط واليأس، مما دعاه إلى الاقتناع ان الهجرة هي الأفضل مهما كانت صعوبتها ودفع الكثيرون منهم حياته وغامر بحياة اسرته من اجل تحقيق هذا الهدف ودفع ما يملك في سبيل الوصول اليه وركب قوارب الموت التي غرق البعض منها واودت بحياة الكثيرين معها.

المرحلة السابعة

ما يسمى (بالربيع العربي)، وهو خريف بامتياز، حيث تم شن الحرب الكونية على سوريا في محاولة لتركيعها وتدميرها، وما أدت إليه من تدمير للمخيمات الفلسطينية والقضاء عليها ومسحها عن الوجود كونها تشكل احد اهم رموز حق عودة الفلسطينيين الى ارضهم، ووجد الالاف من العائلات انفسهم بلا مأوى وفي ظروف مأساوية جديدة دفعتهم مرة أخرى الى الهجرة وقد وصل الالاف منهم الى الدول الاوروبية خاصة المانيا والنمسا والسويد. ونستطيع القول ان مخيمات بكاملها انتقلت الى هذه البلدان.

بعد ذلك لابد من الإشارة إلى الأسباب التي ادت الى الزيادة الكبيرة في إعداد ابناء الجالية في اوروبا ومنها:

اولا – السبب الرئيسي والأهم يعود إلى موجات الهجرة التي تحدثنا عنها سابقا بمراحلها المختلفة

ثانياً – النمو الطبيعي للمهاجرين وعائلاتهم عبر عملية التوالد وزيادة النسل، كون من جاء الى هذه البلدان قبل عشرة سنوات مثلا مع اسرة صغيرة من زوجته ولديه واحد او اثنين من الاولاد أصبح لديه الان اعداد أكبر من الأبناء وتضاعف عددهم اضافة الى ان الابناء كبار السن تزوجوا وأصبح لديهم اطفال

ثالثا – قانون جمع الشمل الذي سهل التحاق الكثير من العائلات والاولاد بالزوج والزوجة المهاجرة، الام او الاب وقد وصلت اعداد كبيرة الى اوروبا استنادا لهذا القانون.

بعد ذلك وفي ظل النمو والازدياد الكبير في اعداد ابناء الجالية المتواجدين في اوروبا نضع بين ايديكم خريطة للتوزيع الجغرافي  لهم والارقام التقريبية في كل بلد من البلدان

1_ المانيا

تحتضن المانيا العدد الاكبر من ابناء الجالية الفلسطينية الذي حقق قفزات نوعية في السنوات الأخيرة.  يتوزع الفلسطينيون فيي ألمانيا في العديد من المدن الكبرى  مثل برلين، شتوتغارت، هامبورغ، فوبرتال، نورنبرغ، كولن، بون، لاببزغ، دريسدن، ميونخ  وغيرها. يقيم في المانيا ما يقارب الـ 150000 – 180000 ، الأغلبية منهم تتواجد في برلين ويقدر عددهم من50000 – 70000.

2 – السويد

ثاني اكبر تجمع يوجد في السويد، ويضم ما يقارب ال 70000  فلسطيني يتوزعون على المدن المختلفة اهمها ستوكهولم ومالمو وغوتنبرغ

3 – الدانمارك

يوجد في الدانمارك حوالي 30000 – 35000

5 – بريطانيا

يوجد في بريطانيا وايرلندا واسكوتلندا ما يقارب 45000 – 55000

5 – اسبانيا

يوجد في اسبانيا حوالي 30000 – 35000 يقيمون في أغلبيتهم في المدن الكبرى مثل مدريد برشلونا.اشبيليا غرناطة وفي جزر الكناري

6 – ايطاليا

يتواجد فيها ما يقارب 9000 – 12000 يقيمون في المدن الكبرى مثل روما  ميلانو نابولي جنوة بولونيا وغيرها

7 – النمسا

يتواجد فيها حوالي 12000 – 15000 أغلبيتهم في مدينة فينا

 8 – هولندا

يتواجد فيها ما يقارب 8000 – 10000

9 – بلجيكا

يتواجد فيها حوالي 4000 – 5000 يتمركزون في بروكسل ولياج

10 – اليونان

وفيها حوالي 6000 – 8000 يتوزعون على المدن الاساسية اثينا وسالونيك

11 – فرنسا

وفيها حوالي 4000 – 5000

12 –  اوكرانيا

وفيها حوالي 4500 – 5500 يتوزعون في المدن الكبرى مثل كييف، خاركوف، اوديسا وغيرها

13 – بولندا

وفيها حوالي 1000 – 1500

14 – تشيكيا

وفيها حوالي 450 – 600

15 – سلوفاكيا

فيها حوالي 150

بقية الدول الأوروبية مثل

16 – رومانيا، بلغاريا، المجر، النرويج، سويسرا وجمهوريات يوغسلافيا السابقة يتواجد فيها بضعة الاف تتراوح ما بين 5000 – 8000

17 – تركيا

وفيها جالية كبيرة تقارب الـ 30000 نصفهم تقريبا في اسطنبول ويقيم معظمهم الى جانب اسطنبول في انقرة، ازمير، اسكي، شاهير، وطرابزون

ملاحظة هامة

كافة الارقام الواردة ليست دقيقة وتحتمل نسبة من الخطأ تزداد او تنخفض حسب معلومات المصدر.

والمؤسف جدا انه ورغم اهمية الجانب الاحصائي والارقام الا ان هناك تقصيرا كبير من قبل الجهات المعنية (سفارات، جاليات، اتحادات) في متابعة وجمع المعلومات من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن مراكز الاحصاء للاجئين ومن يقيمون في معسكرات اللجوء يتم تسجيلهم حسب وثيقة السفر والجواز الذي بحوزتهم، ومن يحمل الجواز الاردني يسجل اردنيا، او الوثيقة اللبنانية يسجل لبنانيا وكذلك الامر لمن يحمل الوثيقة السورية. ومن لا يحمل جوازا او وثيقة يسجل بلا جنسية ولا شك ان هذه الامور تجعل عملية الاحصاء صعبة وبعيدة عن الدقة وتحتاج لجهد كبير يتعاون فيه الجميع.

وهنا اناشد السفارات والاتحادات والمؤسسات الجاليوية في اوروبا ان تقوم بدورها ازاء هذه المهمة كإحدى واجباتها الأساسية  واذا تخلت عنها فمن يقوم بها!!!

وفي ظل هذه المعطيات التي حاولت تجميعها من المصادر المتعددة فان عدد الجالية التقريبي في اوروبا يكون بحدود 450000 – 500000 وهناك بعض التقديرات التي تقول ان اعداد الجالية يتراوح من 600000 – 800000 وهذه الأرقام قد يكون مبالغا بها.

 تترافق مع الزيادة المستمرة في حجم وعدد ابناء الجالية في اوروبا زيادة المهمات الواجب القيام بها، وتطوير اوضاعها بما يستجيب لذلك، خاصة في ظل الحديث عن المحاولات المحمومة لا سقاط حق العودة، هذا الحق، وهو تاريخي وقانوني وممكن، وهو حق فردي وجماعي ولا يسقط بالتقادم، هذا الحق يشكل الجسر الذي يعبر الفلسطيني من خلاله الى وطنه، وهو الحق الذي ينهي المشروع الصهيوني وكيان (اسرائيل)، والمشاريع المطروحة لتصفية القضية الفلسطينية من اتفاقيات اوسلو وملحقاتها الامنية والاقتصادية مرورا بصفقة القرن التي تأخذ من الفلسطينيين كل شيء، تأخذ الأرض والسيادة وتحرمهم  من العودة إلى ديارهم، وتمنع قيام دولتهم وتحارب استقلالهم، وبالمقابل تعطي للكيان كل ما يريدون وصولا إلى مؤامرة التطبيع المخزي والاستسلام لبعض الأنظمة العربية وتوقيعها اتفاقيات مذلة تتخلى فيها عن الحقوق الفلسطينية وتعترف بدولة الكيان وتقيم معها المعاهدات الامنية والاقتصادية وليس هذا فقط بل وصولا إلى التحالف الاستراتيجي.

ولا شك ان هذا يضع على عاتق الجاليات الفلسطينية، خاصة في اوروبا، مسؤولية كبرى من اجل الفعل والنشاط المنظم والمبرمج والتصدي لكل ذلك، وهذه المهمة ليست سهلة. ومما يزيد من مضاعفة دور الجالية في اوروبا ويميزها عن مثيلاتها في الولايات المتحدة وكندا وامريكا اللاتينية كونها الأقرب جغرافيا، والأسهل من حيث التنقل، والاقدر على التواصل.  ولا بد من التأكيد هنا ان فلسطينيي اوروبا هم جزء اصيل من الشعب الفلسطيني يتألم لآلامه ويفرح لفرحه وهو شعب يتميز بمعرفة واسعة وتعدد المواهب والقدرة على العمل، وفيه الكثير من الكفاءات  العلمية والمهنية واصحاب الاختصاص ( اطباء مهندسين حقوقيين حرفيين ورجال اعمال ) وبعضهم احتل مكانة مرموقة من خلال المشاركة والانخراط مع المجتمع الاوروبي  وقد وصل البعض منهم الى عضوية البرلمان والبلديات والبعض الآخر شغل مراكز حساسة في ادارة الشركات. وهناك بعص المختصين المبدعين في مجالات اختصاصهم، مما جعله يستحق الاحترام والتقدير.

المهمات والواجبات

تتعدد المهمات والواجبات للجاليات الفلسطينية في الخارج، كونها تقوم بأداء مهمات مزدوجة، منها ما يتعلق بدورها تجاه الوطن والبلد الاصلي ومنها ما يتعلق بدورها في البلدان التي تعيش فيها.

وتتركز مهماتها نحو الوطن بـ ما يلي:

_العمل على استمرار التواصل الدائم مع الوطن بما يحفظ العلاقة والارتباط مع الاهل على المستوى الاسري الصغير بشكل خاص، وعلى المستوى الوطني بشكل عام، وهذا يتطلب تنشئة الجيل الجديد وتربيته على حب الوطن والانتماء اليه من خلال نقل الرواية الفلسطينية لهم، وتدريسهم تاريخ شعبهم وقضيتهم، وتعريفهم على حضارة بلادهم وتراثها في مختلف المجالات الشعبية وغيرها، كالفن والأدب والشعر والاغنية واللباس (الزي الشعبي) الى جانب تعليم اللغة الام (العربية) من الآباء للأبناء كونها تشكل الحلقة الأساسية في فهم ومعرفة هذه الأمور ويشعر معها الجيل الجديد انهم ليسوا منفصلين عن مجتمعهم الأم،

ان  هذا الامر يتطلب انشاء مراكز تعليم اللغة وفتح المدارس للأطفال، والاهم من ذلك ان يخاطب الآباء ابناءهم باللغة العربية في التحدث معهم ويتركون لهم تعلم اللغة الأجنبية من خلال المدارس والاختلاط مع المجتمع. ومن اجل ذلك يمكن ايفاد بعض الطلبة للجامعات الفلسطينية للدراسة فيها والعمل على توفير منح دراسية لهم. توفير منح دراسية، قدر المستطاع، لبعض طلبة الداخل في الجامعات الأوروبية ومحاولة توفير القبول والمنح الدراسية لهم.

_اقامة مخيمات كشفية في فلسطين في صيف كل عام وتامين مشاركه الشباب المقيم في الخارج فيها.

_تبادل الزيارات بين الاطر النقابية والمؤسسات العاملة في نفس المجال في اوروبا مع نظيرتها في فلسطين.

_الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في التعارف وتبادل المعلومات من اجل خدمة هذا البرنامج.

_ارسال اصحاب الكفاءات والخبرة من ابناء الجالية الى فلسطين للاستفادة من تجاربهم وخبراتهم ولكي يتعرفوا على واقع بلدهم كل في مجاله

_توفير المساعدات المادية والعينية (اموال، ادوية، مواد غذائية، ملابس، ادوات طبية ومدرسية الخ) وإرسالها لدعم الداخل عبر المؤسسات الخيرية والاجتماعية المتواجدة.

_تقديم المساعدات المالية لبعض الأسر المحتاجة وهي كثيرة في غزة والضفة خاصة في ظل هذه الظروف وجائحة كورونا التي ازدادت معها البطالة وفقدان فرص العمل ويمكن ان يتم ذلك عبر برنامج التكافل الأسري او اية طرق مناسبة اخرى، ان مبلغ 50_100 يورو يتم تقديمه شهريا اقل او اكثر حسب الامكانيات لكل شخص لن يشكل عبئا كبيرا للمتبرع لكنه يشكل دعما حقيقيا للأسر التي تعيش تحت خط الفقر وهذا واجب وطني لدعم اهلنا وصمودهم في الداخل.

واجبات الجالية في البلدان الأوروبية

لا شك ان هناك العديد من المهام تقع على عاتق ابناء الجالية في أوروبا تتعلق بالبدان الاوروبية وشعوبها عليهم القيام بها.

نقل الرواية الفلسطينية الى الاوروبيين من خلال التواصل معهم والحديث عن التاريخ الفلسطيني وتراثه وحضارته وكيف بدأت قصته مع الاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية منذ ما قبل وعد بلفور، مرورا به وما بعده، وقيام دولة الكيان الصهيوني وتشريد الشعب الفلسطيني من ارضه، وهنا يتوجب الحديث عن الارقام كيف كانت في فلسطين

عدد السكان العرب واليهود، ملكية الأراضي وحجم ملكية العرب واليهود، وكيف تطورت الارقام بعد قيام دولة (اسرائيل) عام ١٩٤٨ وبعد حرب حزيران عام 1967، وكيف تزايدت عملية الاستيطان وبناء المستوطنات بعد اتفاقيات اوسلو. ومن الضروري نشر كافة الحقائق التي تضحد الرواية الصهيونية التي تقول ارض الميعاد وارض بلا شعب لشعب بلا ارض حيث اقام الشعب الفلسطيني على هذه الأرض منذ آلاف السنين اما اليهود فقدموا الى هذه الأراضي اثر موجات الهجرة الكبرى خلال الحرب العالمية الثانية وفي اعقاب حرب 1948 وبعد انهيار دول المنظومة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفيتي.

وعلينا نقل هذه الرواية لهم من خلال التواصل معهم وتزويدهم بالمعلومات واقامة الندوات والمعارض وعرض الافلام واحياء التراث من خلال الاغاني والدبكات الشعبية وتقديم المأكولات (فلافل، مقلوبة، الفول والحمص) وعرض المطرزات الشعبية، وهذا ينطبق على عامة الناس التي تربطنا بهم علاقات اجتماعية وانسانية كالزواج والدراسة ومكان العمل وهذه الفئة الأولى التي نتوجه لها.

ام الفئة الثانية فهي فئة المؤسسات والمنظمات السياسية والاجتماعية والديمقراطية المناهضة للإمبريالية والتي تناضل من اجل المساواة والعدالة وحقوق الإنسان مثل منظمات التضامن والصداقة ولجان المقاطعة وحقوق الإنسان. وعلينا ان نكثف التواصل مع هذه المجموعات عبر التفاعل المستمر والقيام بفعاليات مشتركة تهم الجهتين. وهنا تجدر الاشارة انه يتوجب علينا المشاركة في الفعاليات التي يقومون بها مما يشكل لهم حافزا أكبر في المشاركة معنا في الفعاليات التي ننظمها. وواجبنا باستمرار ان نزودهم بكافة التطورات التي تمر بها القضية ونوضح لهم قرارات الامم المتحدة ولماذا لا تطبق مثال (حق العودة) ونشرح لهم سياسة (اسرائيل) العنصرية، الاستيلاء على الأراضي وبناء المستوطنات هدم البيوت والاعتقالات التي تطال النساء والأطفال والتعذيب في السجون وسوء معاملة الأسرى، والتأكيد على اننا نخوض نضالا تحرريا، والاسرى هم مناضلون من اجل الحرية وليس ارهابيين.

وحشد اكبر جهد ممكن واوسع مشاركة من ابناء الجالية في هذه النشاطات بحيث لا تقتصر على مجموعة الناشطين فقط وهذه معضلة يجب البحث عن حل لها

_المشاكل وعوامل النهوض في الجالية، المشاكل التي تواجهها الجالية والحلول

لا شك ان الجالية في اوروبا تواجه العديد من المشاكل اهمها:

اولا …

حالة الانقسام والتشتت التي تعيشها في مختلف البلدان والمدن التي تتواجد فيها ومن المعروف ان كل بلد من هذه البلدان  يتواجد فيه العشرات من  المنظمات والاتحادات والمؤسسات والجمعيات التي تحمل اسما فلسطينيا وتعمل ضمن امكانياتها ويزداد عددها تناسبا مع ازدياد وحجم ابناء الجالية في كل بلد من هذه البلدان مثل المانيا والسويد والدنمارك وبدرجة اقل في البلدان الاخرى، ومما يسهل هذا الامر ويساعد  عليه، القوانين الاوروبية التي تسمح لأعداد صغيرة (لا تتجاوز الثلاثة اشخاص) ان تسجل اتحادا او جمعية تعمل بشكل رسمي فيها، وهذا ما يفسر الكم الكبير لعدد هذه المؤسسات والجمعيات وانتشارها، الى جانب ذلك يوجد عدد من الاتحادات الاكبر حجما ويضم كل منها عدد معين من الاتحادات الجمعيات التي تحدثنا عنها وهي

1_ الاتحاد العام للجاليات الفلسطينية في اوروبا وتسيطر عليه حركة فتح

2_اتحاد الجاليات والمؤسسات الفلسطينية في اوروبا وتقوده الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

3_مؤتمر فلسطيني اوروبا وتسيطر عليه وتقوده حركة حماس

4_اتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في اوروبا وتقوده الجبهة الديمقراطية

وتعتبر هذه الاتحادات جميعها اطرا نقابية لهذا التنظيم او ذاك من حيث القيادة والعضوية والخط السياسي، وما عدا ذلك هي حالات فردية غير مؤثره، وهنا يجدر تسجيل بعض الملاحظات…

يتمتع كل من الاتحاد العام ومؤتمر فلسطيني اوروبا بإمكانيات مالية كبيرة، حيث يتم وضع امكانيات فتح وحماس تحت تصرفهما، وهي امكانيات كبيرة وكبيرة جدا ومعروفة للجميع اضافة إلى ان الاتحاد العام مدعوما من السلطة ودائرة (المغتربين) في المنظمة.

اما اتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات بقيادة الديمقراطية فقد استفاد بحدود معينة من

الفترة التي تسلم فيها تيسير خالد عضو المكتب السياسي للجبهة وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رئاسة دائرة شؤون المغتربين.

اما اتحاد الجاليات والمؤسسات فانه يستند إلى امكانياته المحدودة، وتقوم هذه الاتحادات بمجموعة من النشاطات والفعاليات في المناسبات الوطنية مثل يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني ودعم الاسرى واحياء ذكرى النكبة ويوم الأرض وغيرها وتشارك في الندوات والمظاهرات والاعتصامات التي تقام بمناسبات مختلفة مثل (الاعتقالات، التضامن ودعم الاسرى المضربين عن الطعام هدم البيوت ومصادرة الأراضي الخ)، الا انه من المؤسف ان هذه الاتحادات تقوم بهذه النشاطات كل بمفرده وبعيدا عن الحد الأدنى من التنسيق فيما بينها.

كما أنه من الملاحظ قلة عدد المنتسبين لهذه الاتحادات وغياب الوحدة، ولا نبالغ حين نقول ان عدد المشاركين في النشاطات محدود جدا لأكثر من سبب منها عدم قدرة الاتحادات على تأطير الجماهير.

عدم الوحدة او على الاقل التنسيق في العمل بين هذه الاتحادات.

التركيز على الجانب السياسي في نشاطات الاتحادات وتغييب النشاطات الاجتماعية ومعالجة المشاكل التي تعترض ابناء الجالية وهي كثيرة، وعدم وضع البرامج المناسبة وغياب التواصل ما بين هذه الاتحادات والجماهير.

وتجدر الإشارة ان نسبة ابناء الجالية المؤطرين في الاتحادات والمشاركين في نشاطاتها لا تتجاوز 2% من ابناء الجالية وهذا يتطلب من المعنيين دراسة هذا الامر ومعالجته،

ولا شك ان حالة الانقسام الموجودة في الوطن عكست نفسها بكل قوة والقت بظلالها على الجاليات الفلسطينية في الخارج ومن ضمنها اوروبا وحالت دون وجود إطار فلسطيني موحد يجمع الكل ويمثل الجميع.

ان من يتحمل المسؤولية عن ذلك هي القيادة المسيطرة في منظمة التحرير والسلطة التي تتبع سياسة التفرد وتعطل كل الجهود نحو الوحدة مالم تتناسب وتنسجم مع مواقفهم وتكون تابعة لهم، ورغم ذلك بذل العديد من المخلصين الوطنين الفلسطينيين، وبعض الاتحادات جهودا، للأسف لم تك كافية، في سبيل تحقيق هذا الهدف ورغم فشل هذه المحاولات لأسباب تتعلق بالفردية والفصائلية والسياسية وحب الظهور والمخترة على حساب العمل، الا ان المحاولات لم تتوقف.

وقد تأسست في اوروبا مجموعة تحت اسم (فلسطين تجمعنا) ضمت العديد من الكفاءات الفلسطينية واصحاب الخبرة، وحددت هدفها الأساسي العمل على توحيد الجالية رغم العقبات الكثيرة التي تعترض تحقيق هذا الهدف، ومن اجل ذلك قامت بإرسال مجموعة من الرسائل ووجهت العديد من الدعوات للاتحادات الاساسية الأربعة المتواجدة في اوروبا وطلبت منهم عقد اجتماعات من اجل توحيد الجالية او على الاقل التنسيق فيما بين هذه الاتحادات والذهاب للعمل المشترك واستمر هذا الجهد لعدة أشهر ولم نصل الى نتيجة ويتحمل مسؤولية هذا الفشل:

اولا

الأخوة في حركة حماس كونهم غير مستعدين للعمل المشترك ويفضلون صيغة العمل لوحدهم، ورغم التواصل معهم مرات عديدة عبر الهاتف وبواسطة الرسائل والاتصال المباشر الا انهم لم يكلفوا أنفسهم حتى مجرد اعطاء الجواب.

ثانيا

الأخوة في حركة فتح، الذين رحبوا بالدعوة شكلياً، ولكنهم وضعوا العراقيل امامها من خلال الاشتراطات التي سجلوها، واهمها اصدار بيان يتضمن تأييد ودعم الرئيس عباس ومواقفه وهذه نقطة خلاف اساسية ومن خلال التأكيد عليها ارادوا عدم التجاوب مع هذه الدعوات الوحدوية. رغم ذلك لن نيأس، وسنستمر في مواصلة الجهد لتحقيق هذا الهدف النبيل مدركين ان التطورات التي تحصل في الوطن ستعكس نفسها سلبا او ايجابا بحكم الترابط بين الداخل والخارج

والسؤال الذي يبرز امامنا اليوم وبعد هذا الانقسام وكل محاولات التوحيد التي لم تصل إلى نتيجة وفشلت ما العمل…

اخشى ان نكون ذاهبين الى المزيد من الانقسام والتشرذم خاصة ان الساحة الرئيسة لا زالت منقسمة، وفي هذه الظروف الصعبة، واذا فشلنا في توحيد الجالية على اساس برنامج سياسي واضح وهذا مهم، علينا ان نذهب للعمل على اساس القواسم المشتركة العودة وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، والتنسيق المشترك في المناسبات و القضايا العملية، والنشاطات الميدانية سبق وان اشرنا لها وهي مناسبات وطنية لا خلاف عليها وتشكل جامعا للكل الفلسطيني مثل حق العودة، محاربة التطبيع وصفقة القرن، تعزيز العلاقة مع الاحزاب والمنظمات الاوروبية الصديقة وتفعيل لجان المقاطعة ودورها.

ويجب الاستمرار في العمل لتحقيق مشروع الوحدة للاتحادات رغم كونه مشروعا صعب المنال، ويمكن الاستعاضة عنه في هذه المرحلة من خلال تشكيل لجنة تنسيق مشتركة تضم ممثلين عن الاتحادات الأساسية، تأخذ على عاتقها هذه المهمة، على ان تلقى دعما من الفصائل الرئيسة في الساحة وتتسع لتضم ممثلين عن الجمعيات والمؤسسات الفاعلة،

تأخذ هذه اللجنة على عاتقها العمل المتدرج بشكل مشترك (يبدأ بالتنسيق وصولا للوحدة).

الموضوع كبير وهام ويحتاج الى ورشات عمل ولجان تقوم بواجبها ودورها في كل بلد من البلدان التي ذكرت.

 المشكلة الثالثة

غياب التنسيق بين الجاليات والسفارات وبدلا من ان يكون عمل كل منهما مكملا للأخر نجد التنافس والذي يضعف عمل الجانبين، خاصة ان بعض السفارات تريد فرض وصايتها على الجالية وتتدخل في شؤونها الداخلية بدلا من تقديم يد العون والمساعدة لها مقابل ذلك تقوم بعض الجاليات بالابتعاد عن السفارات والتنسيق معها رغم بعض الاستثناءات

ان عمل الجاليات والسفارات يجب ان ينطلق من معادلة التكامل في النشاط والجهد وعدم التدخل من قبل كل منهما في شؤون الاخر الا بمقدار التشاور والتنسيق بما يخدم المصلحة الوطنية

المشكلة الرابعة

تكمن في النظرة الغير موضوعية من قبل العديد من أبناء الجالية لدور الفصائل والتحامل عليها. صحيح ان هناك العديد من الملاحظات على الفصائل ودورها، وهذا طبيعي لكن من غير الطبيعي حملات الاساءة لمن ناضل وقدم الشهداء والاسرى والفصائل مكون اساسي من مكونات الشعب الفلسطيني وبالتالي ابناء الجالية، وهنا يجب إقامة العلاقة بين الطرفين بشكل صحيح من خلال تقديم الفصائل وأنصارها كل الدعم والتأييد للجالية وعدم فرض أجندتها عليها، ومن خلال قيام الجالية بعدم الاساءة للفصائل، دون ان يعني ذلك عدم  ممارسة النقد البناء ومواجهة اية انحرافات عن الثوابت الوطنية والخروج عنها والتصدي بقوة لذلك، الى جانب ذلك لابد من تناول بعض المشاكل الاخرى  لمهاجرين الدفعات الأخيرة، خاصة كبار السن منهم ومن هذه المشاكل، عدم معرفة اللغة وصعوبة الاندماج مع المجتمع الجديد الذي انتقلوا اليه.

صعوبة التعايش داخل الأسرة، بين الجيل القديم الذي جاء الى هذه البلاد وهو يحمل ارثا ثقافيا وعادات اجتماعية محددة وبين الجيل الجديد الذي عاش وسط مجتمع جديد وثقافة وعادات جديد ة ولغة جديدة وهذا ادى إلى العديد من المشاكل بسبب وجود ثقافتين ولغتين مختلفتين.

ازدياد عدد حالات الطلاق والانفصال بين الازواج مما يعكس نفسه سلبا على الابناء

ازدياد عدد العاطلين عن العمل، واعتماد الاغلبية الساحقة من المهاجرين على المساعدات الاجتماعية التي تقدمها الدولة وهي في الكثير من الحالات لن تكون كافية لتلبية جميع احتياجات الأسرة.

ان كل ذلك يؤدي إلى عدم القدرة على التكيف بسهولة مع العيش ونمط الحياة الجديدة في هذه الدول، حيث يقف الآباء الامهات في الكثير من الحالات عائقا أمام اندماج الأبناء في حياة وثقافة الغرب من خلال الرفض الكامل لذلك والشد الدائم للحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا وهذا يسبب احيانا ويدفع الى أزمات حادة للجيل الجديد، فهو يعيش في حالة صراع مستمرة بين ثقافته التي اكتسبها من المجتمع الجديد وثقافة عائلته الموروثة وهنا بعيش ابناء الجيل الجديد صراعا محتدما بين ذاته العربية وذاته الغربية.

تعيش الاغلبية من ابناء الجالية في بلدان تتعاطف حكوماتها مع دولة الكيان، ويعتبر الكثيرون منهم ما يقوم به الفلسطينيين دفاعا عن أنفسهم عملا ارهابيا، وهذا يتطلب المزيد من الجهد والعمل كما ورد سابقا مع دوائر الاصدقاء والقوى المناصرة لحقنا

ان هذه المشاكل تعكس نفسها على ابناء الجالية ودورهم وبالتالي يصبح المطلوب من الاتحادات والجمعيات والمؤسسات الفلسطينية على مختلف توجهاتها ان ترسم البرامج وتضع المخططات لمعالجة هذه المعضلات وان تقوم بجهد أكبر في مساعدة الجالية كي تتجاوز هذه المشاكل. والتعامل مع الجالية يجب ان يتغير والجالية ليست مجرد اعداد يطلب منهم المشاركة في هذا النشاط او ذاك، وعلى الجهات المعنية القيام بدورها وعند ذلك ستكون مهمة التأطير لصالح الجالية اسهل عندما يشعرون ان هناك من يهتم بهم.

الي جانب ذلك جرت محاولات عدة وتمت عدة اجتماعات بين ابناء الجالية  ضمت اعدادا كبيرة من الشخصيات والجمعيات وعدد من الفصائل الفلسطينية وعلى مدار سنوات عدة في محاولة منها لتشكيل اطار جماهيري موحد يجمع الكل الفلسطيني وقد نجحت هذه المحاولات في عام 2007  تحت اسم اتحاد الجاليات والفعاليات والمؤسسات في اوروبا وتم اختصار الاسم  في المؤتمر الرابع الذي عقد في برلين واصبح اتحاد الجاليات والمؤسسات في اوروبا، وفي عام 2010  انشقت مجموعة عن الإتحاد وهم من انصار الجبهة الديمقراطية وأسسوا اتحاد حمل نفس الاسم السابق.

فتح وقفت رسميا ضد اتحاد الجاليات رغم مشاركة بعض المحسوبين عليها كأعضاء في الامانة العامة وذلك بسبب مواقف الاتحاد السياسية ورفضه اتفاقيات اوسلو واعلان تمسكه بالثوابت الوطنية بالرغم من التأكيد المستمر من قبل الاتحاد على ان منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة مناطق تواجده  وضرورة العمل على إصلاحها وتفعيلها الا ان حركة فتح حاربت الاتحاد واعتبرته بديل عن التمثيل الفلسطيني للمنظمة في فهم خاطئ من قبلها لا يميز بين دور السفارات وتحركها الرسمي والدبلوماسي وبين دور الاتحاد ونشاطه على المستوى الشعبي واثر ذلك قامت بتأسيس الاتحاد العام للجاليات في اوروبا، ورغم ادعاء هذا الاتحاد انه يمثل الجاليات الفلسطينية الا ان حقيقة الامر هي انه تجمع لأعضاء وانصار فتح في اوروبا ومن مؤيدي السلطة والرئيس محمود عباس، وهذا ما اكدته رسالتهم ردا على دعوتهم للمشاركة في اجتماع من قبل مجموعة فلسطين الديمقراطية حيث جاء فيها اشتراطهم ان يصدر عن الاجتماع تأييدا لمواقف الرئيس وهذا ما لم يكن مقبولا وادى الى عدم عقد الاجتماع خاصة ان حماس لم تتجاوب مع الدعوة بالمطلق، فقط اتحاد الجاليات والمؤسسات، واتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات هم من ابدو تجاوبا وحماسا لدعوة. وقد تم تأجيل النظر في هذا الموضوع بسبب اللقاءات الفلسطينية الأخيرة والدعوة للانتخابات وانتظار اية تطورات إيجابية تنجم عنها على طريق توحيد الساحة الفلسطينية مما يسهل دعوات توحيد الجالية في الخارج.

الآن وبعد استعراض المشاكل التي تواجهها الجالية بشكل عام، دعونا نلقي نظرة على بعض التفصيل فيما يخص كل بلد على حده:

_الجالية الفلسطينية في تركيا

 كانت بدايات التواجد الفلسطيني في تركيا في خمسينات وستينات القرن الماضي، حيث توافد الى هناك العديد من الطلبة الفلسطينيين من الاسر متوسطة الحال من الاراضي المحتلة في الضفة والقطاع ومن الاردن، سوريا، لبنان، وكانت الاسباب التي تدفع الكثيرين للذهاب الى هناك عدم غلاء المعيشة بحيث تستطيع أسرة متوسطة الدخل ان تنفق على تعليم أبنائها هناك، قرب المسافة الجغرافية وانخفاض تكاليف السفر مما يوفر تواصل اكبر مع الاهل. تشابه العادات والتقاليد، وكذلك في الطعام وهذا يؤدي الى سرعة التاقلم ليس كما هو الحال في الغرب.  كون تركيا بلد اسلامي تربطنا به روابط متعددة تاريخية ومنذ زمن بعيد.

بعد المجموعات التي وصلت إلى تركيا بدأ تزايد هذه الاعداد في السنوات الاخيرة بعد الحرب الاهلية في السبعينات والاجتياح الصهيوني في عام 1982، وبعد انتفاضة الحجارة وانتفاضة الاقصى، وتزايدت الأعداد بشكل اكبر في السنوات العشرة الاخيرة بعد اشتعال الحرب في وعلى سوريا حيث هاجرت آلاف العائلات، ويقدر عددها 2500 عائلة اي ما يوازي 10000 نسمة على الأقل.

يبلغ عدد الفلسطينيين في تركيا حوالى 2000 -2500 نصفهم تقريبا يقيم في اسطنبول، ويتوزع الباقي على المدن الكبرى مثل انقرة، ازمير، ايسكي شاهير، طرابزون..الخ. ومنهم اصحاب الاختصاص (اطباء، مهندسين، صحفيين، محامين) واغلبهم ممن درسوا هناك وتزوجوا من تركيات وكونوا عائلاتهم واستقروا في تلك البلاد.

وهناك قسم كبير من اصحاب الشركات والعاملين في الحقل التجاري ومالكي العقارات، واغلبهم قدم من الكويت بعد طرد اعداد كبيرة من الفلسطينيين بعد غزو العراق للكويت، مما دفع الكثير من هنم للبحث عن فرصة عمل او القيام بمشروع استثماري وترتيب حياته الاقتصادية. ومن الجدير ذكره ان شركة افنار التركية للعقار اشارت مؤخرا في تقرير لها  ان التملك العقاري للجالية الفلسطينية في تركيا ارتفع بشكل ملحوظ  خلال عام 2019 محققا تقدما كبيرا على الجاليات العربية والأجنبية الاخرى، وجاء التصنيف الفلسطيني على صعيد التملك العقاري في المرتبة الخامسة عربيا والثامنة عالميا وقد ساهمت القوانين التي صدرت عام 2019  الى زيادة الاقبال من قبل الفلسطينيين على التملك، بعد ان ازيلت العقبات والقيود على تملك الفلسطينيين التي كانت موجودة ولا تسمح بتملك الفلسطينيين من حملة الوثائق الصادرة عن سوريا، لبنان، العراق ومصر، بينما كان يسمح بالتملك فقط لحملة الجواز الاردني والفلسطيني.

اما من حيث المشاكل والصعوبات التي تعاني منها الجالية نستطيع القول بشكل عام انها قريبة من المشاكل التي تعاني منها الجاليات في بقية البلدان الأوروبية.

الجالية الفلسطينية في اوكرانيا ورابطة الدول المستقلة

يعود تاريخ الوجود الفلسطيني في روسيا واوكرانيا وجمهوريات رابطة الدول المستقلة الى زمن الاتحاد السوفيتي عندما كان يتم تقديم منح دراسية للطلاب الفلسطينيين عبر منظمة التحرير والفصائل والاحزاب وكان قسما كبيرا من هؤلاء يتواجد في روسيا واوكرانيا حيث قام العديد منهم بالتزوج من الفتيات الروسيات والاوكرانيات، وانجبوا منهن الاطفال وقاموا بتأسيس عائلاتهم وبقي قسم كبير منهم للإقامة بعد صدور القوانين التي تسهل الحصول على الجنسية  والاقامة هناك، خاصة ان الحصول على وظيفة في فلسطين، لبنان، وسوريا والاردن كان صعبا بعد التخرج وبعد الاحداث التي شهدتها هذه المناطق في الاعوام الثلاثين الماضية. وازدادت الاعداد بشكل ملحوظ بعد حرب الخليج الثانية واحتلال العراق لدولة الكويت، حيث قدمت اعداد لا بأس بها من الفلسطينيين المبعدين من هناك بحثا عن عمل وفرص استثمار تجارية كون تكلفة الاستثمار فيها اقل من دول أوروبا الغربية وهذا ما حصل في دول اوروبا الشرقية الاخرى. كما ازداد عدد الطلبة الوافدين للدراسة بسبب انخفاض الرسوم الجامعية وقلة تكاليف الحياة قياسا بدول الغرب ايضا.

كان الاتحاد العام لطلبة فلسطين هو الإطار الوحيد الذي يجمع الفلسطينيين هناك سابقا الا ان دوره بات يتراجع كما هو الحال مع كافة المنظمات الشعبية بعد اتفاقيات اوسلو.

وفي عام 1988 تم تأسيس وتشكيل البيت العربي وجرى تسجيله كمؤسسة فلسطينية عربية حيث شكل ولازال الاطار الاكثر نشاطا وحيوية.

 ومع التزايد المستمر لأعداد ابناء الجالية الفلسطينية كما ذكرنا سابقا تمت الدعوة من قبل عدد من الناشطين لتشكيل جالية فلسطينية وتم ذلك حيث عقد المؤتمر الاول في عام 2005 في مدينة كييف وتم انتخاب هيئة قيادية وبعدها في الاعوام ما بين 2011_2019 تم تشكيل جاليات في عدد من المدن الاوكرانية الاخرى مثل خاركوف أوديسا، يالطا، دينسك

وفي العام الماضي تم تشكيل ائتلاف ضم الجاليات والمنظمات الاجتماعية من اصول فلسطينية.

يقدر عدد الفلسطينيين في اوكرانيا حوالى ال 4000  نصفهم من الطلبة تقريبا، اما المنتسبين منهم لهذه الجاليات الـ 5 لا يزيد عن 500 والفاعلين منهم بضعة عشرات ان لم يكن اقل

المشاكل التي تواجه الجالية

1_ قلة عدد المنتسبين للجالية نتيجة التشتت وفقدان الحماس للعمل بسبب حالة الاحباط والانقسام التي تسود الساحة

2_الانقسام في صفوف الجالية كون المحسوبين على التيار الاسلامي لا يشاركون فيها ويعملون من خلال مؤسساتهم الخاصة وهذا انعكاس للانقسام في المركز

اشكالية الزواج المختلط وما نتج عنه من تعارض احيانا بين ثقافتين مختلفتين، رغم قلة العدد قياسا ببعض البلدان الأخرى ووجود المشاكل، الا ان الجالية تقوم بالعديد من النشاطات الاجتماعية والثقافية والسياسية في المناسبات الوطنية المختلفة كما توجد بعض العلاقات مع الجاليات العربية ووسائل الإعلام.

يوجد عدد كبير من الأطباء الا ان نسبة من يعملون في اختصاصهم قليلة لا تتجاوز ال 20% وذلك يعود إلى انخفاض الاجور مما دفع أغلبيتهم للبحث والتوجه للعمل الحر، كالقيام بمشاريع تجارية صغيرة او فتح المطاعم بما يؤمن لهم مستوى أفضل من الدخل.

تعتبر الجالية في اوكرانيا الاكثر فعالية بين عموم دول (رابطة الدول المستقلة) بما فيها روسيا والتي يتواجد فيها اعداد من الفلسطينيين تفوق اعدادهم في اوكرانيا ويقدر العدد بحوالي 6000.

اما المجموع الكلي للفلسطينيين في (رابطة الدول المستقلة) جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا يتراوح ما بين 10000 – 12000 ، وهذا الرقم بالطبع يحتاج الى تدقيق نظرا لعدم وجود الاحصائيات.

المانيا…

تحتضن المانيا العدد الاكبر من ابناء الجالية الفلسطينية في اوروبا، حيث تحققت قفزات كبيرة في زيادة وحجم الجالية في السنوات الاخيرة حيث قدم الى المانيا عشرات الالاف من الفلسطينيين واسرهم بعد اندلاع الحرب الاهلية في لبنان في منتصف السبعينات ومجازر تل الزعتر وبعد حرب عام 1982 والاجتياح (الإسرائيلي) للبنان والمجازر التي ارتكبت في صبرا وشاتيلا ، واندلاع حرب المخيمات  مما أدى إلى مغادر ة الالاف لهذا البلد متوجهين الى المانيا وغيرها، يضاف الى ذلك بعد اندلاع انتفاضة الحجارة و توقيع اتفاقيات اوسلو وانتفاضة الاقصى حيث اشتدت الممارسات القمعية لدولة العدو بأشكالها المختلفة (اعتقالات، عقوبات جماعية، هدم البيوت، الطرد والأبعاد… الخ)، مما اجبر الكثير من العائلات الفلسطينية  من غزة والضفة للذهاب الى المهجر بحثا عن الأمن والعمل. وازدادت الهجرة بشكل كبير وملحوظ وتضاعفت بعد الحرب الكونية ضد سوريا وهدم المخيمات ضمن مخطط مدروس يستهدف حق العودة كون المخيمات رمزا اساسيا وشاهدا واقعيا على هذ الحق، وقد غادر سوريا الاف العائلات الى المانيا بشكل اساسي وغيرها من البلدان ونستطيع القول دون مبالغة ان مخيمات فلسطينية انتقلت بكاملها الى برلين والمدن الاخرى.  ومما ساعد على ذلك القوانين التي أقرتها الحكومة الالمانية التي تسهل الحصول على الهجرة والاقامة والمساعدات التي تقدمها. ومن المعروف ان بدايات التواجد الفلسطيني في المانيا كانت في الخمسينات والستينات من القرن الماضي حيث حضر مئات الطلبة للدراسة واستقر العديد منهم هناك بعد ان تخرج وتزوج واقام اسرته، وبعدها حضر الى المانيا العديد من الاشخاص بحثا عن فرص للعمل وقد عمل العديد منهم في المصانع.

يتكون التواجد الفلسطيني في المانيا من ٣ فئات:

_الدارسين والخريجين من الجامعات

_الفئة الثانية من رجال الأعمال والمستثمرين والتجار.

_الفئة الثالثة ممن يعيشون على اللجوء والمساعدات التي تقدمها الدولة

ويتواجد في المانيا اعداد كبيرة من الأطباء والمهندسين

اما المشاكل التي تواجه الجالية في المانيا فهي كثيرة ومتعددة، ويمكن إجمالها بمايلي.

1_ تشتت الجالية وعدم وحدتها وغياب التنسيق فيم بينها، حيث تتواجد العشرات بل المئات من الجمعيات والاتحادات والمؤسسات.

2_الضعف الكبير في انخراط ابناء الجالية في هذه الاطر ولا نبالغ القول ان نسبة المنخرطين لا تتجاوز ال 2 %

3_صعوبة الاندماج مع المجتمع الجديد خاصة من كبار السن من الجيل القديم الذي حضر لهذه البلدان وهو يحمل معه موروث من العادات والتقاليد والثقافة التي تختلف عما هو موجود في الغرب يترافق ذلك مع صعوبة تعلم اللغة وهي المدخل الاساسي لعملية الاندماج.

4_زيادة اعداد العاطلين عن العمل وما يخلقه ذلك من مضاعفة المشاكل داخل الأسرة وما ينجم عنها من انتشار حالات الطلاق مما يعكس نفسه على الابناء.

5_ارتفاع نسبة حالة الياس والاحباط بين ابناء الجالية والشعور بانسداد الافق الوطني امامهم خاصة في ظل الانقسام وتردي الاوضاع في الوطن.

لكن رغما عن هذه الصورة والمشاكل القائمة الا ان العديد من أبناء الجالية مثلوا حالات مشرقة من خلال الابداع في مجالات تخصصاتهم، والنجاح كرجال اعمال وفي مشاريعهم

ورغم صورة التشتت والانقسام الا ان هناك العديد من النشاطات التي يقوم بها النشطاء من ابناء الجالية تحتاج إلى المزيد من التنسيق وتوحيد الجهود

وتعتبر الجالية في برلين الاكثر نشاطا على هذا الصعيد من خلال تنظيم المظاهرات والاعتصامات والندوات واقامة المعارض واحياء المناسبات الوطنية ويكاد لا يمر اسبوع واحد دون القيام بمثل هذه النشاطات، الا ان الثغرة هنا تكمن كما أسلفنا في قلة اعداد المشاركين فيها.

ومن المفيد الاشارة، الى ان الغالبية العظمى من المهاجرين الى المانيا والدول الأخرى لم يكونوا ليفكروا بالهجرة لولا الاوضاع الصعبة في البلدان التي قدموا منها.

ان كل ما ورد يضع مسؤولية أكبر على عاتق الاتحادات والمؤسسات الجاليوية العاملة هناك الى رسم الخطط ووضع البرامج من اجل تجاوز هذه الصعوبات والتحديات التي تواجهها الجالية.

الجالية في دول اسكندنافيا خاصة السويد والدنمارك

يعتبر التجمع الفلسطيني في هذه المنطقة ثاني اكبر تجمع للفلسطينيين بعد المانيا، حيث يتواجد في السويد من 50000 – 70000  تقريبا بينما يتواجد في الدانمارك حوالى 30000 – 35000، قسم كبير منهم جاء الى هذه البلاد بحثا عن العمل في بداية الستينات وبعد حرب حزيران عام ١٩٦٧،  وكان هذا الجزء الاكبر مضافا له اعداد من الطلبة القادمين للدراسة وهم اعداد قليلة.

يتوزع الفلسطينيون في هذه البلدان في المدن الاساسية مثل ستوكهولم، كوبنهاجن، مالمو هلنسيبوري، فيخو،اوبيالا وغيرها.

بدأت الاعداد تتزايد في ظل الاوضاع التي عصفت في المنطقة  بعد الحرب الاهلية في لبنان عام ١٩٧٥ والتي استمرت عدة سنوات وارتكبت فيها العديد من المجازر بحق الفلسطينيين كما هو الحال في تل الزعتر، والاجتياح في ١٩٨٢ التي احتلت فيها قوات العدو قسما كبيرا من الاراضي اللبنانية وصولا إلى بيروت والمجازر البشعة التي وقعت بحق الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا بالتعاون بين القوات (الإسرائيلية) والقوات (القوات اللبنانية وحزب الكتائب وغيرها) واندلاع حرب المخيمات الفلسطينية بعد ذلك. وقد ادت هذه الاحداث المؤلمة الى تزايد اعداد الهجرة لهذه البلدان بحكم ما تقدمه من مساعدات اجتماعية واهتمام كبير بمستقبل الاطفال اضافة لما توفره من استقرار امني معيشي. وينطبق على هذه البلدان من حيث موجات الهجرة اليها ما ينطبق على ألمانيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى مثل بلجيكا وهولندا، حيث تعاقبت موجات الهجرة بعد احتلال العراق لدولة الكويت وبعد الانتفاضة وبعد المؤامرة الكبرى على سوريا

اغلبية الفلسطينيين المقيمين في هذه البلدان عاطلين عن العمل ويتلقون المساعدات من هذه الدول.

يشارك البعض من الفلسطينيين مع الأحزاب السياسية المحلية وينخرطون فيها وبالرغم من عدم وجود فعالية كبيرة في هذا الإطار، الا ان هناك من نجح في الوصول إلى البرلمان من ابناء الجالية، مثل نهى العلمي وايفون رويدا.

تتميز السويد والدنمارك بقلة اعداد الطلبة الدارسين والخريجين رغم وجود بعض الاطباء والمهندسين، توجد نسبة من ابناء الجالية تعمل في التجارة ويملكون عددا من المتاجر والمطاعم وعدد من الشركات

تتواجد في السويد والدنمارك اعداد كبيرة من المؤسسات والجمعيات تعد بالعشرات غير موحدة وذات فعالية محدودة باستثناء البعض منها الذي نجح في النشاط واقامة الفعاليات كما هو الحال مع جمعية الشتات وقد تلاشت العديد من هذه الجمعيات والاتحادات ولم يبقى منها سوى الاسم وعدد البعض منها لا تتجاوز عضويته اصابع اليد.

لا شك ان هناك العديد من العوامل التي لعبت دور في الانقسام والتبعثر ومنها الانقسام في المركز (فلسطين) والخلافات السياسية خاصة بعد اوسلو

اما مشاكل الجالية فهي كما مثيلاتها في الدول الأخرى حيث تتشارك في ذلك ولا داعي للتكرار.

اسبانيا

تعتبر اسبانيا من أوائل الدول التي وصل اليها العشرات من المهاجرين الفلسطينيين في جزر الكناري منذ اكثر من ١٠٠ عام  عندما جاءوا اليها في طريقهم إلى الولايات المتحدة الامريكية حيث واصل البعض طريقه الى هناك وبقي البعض الآخر واستقر في هذه المناطق وأسس اسرة، وكانت اغلبيتهم، ان لم يكن جميعهم من تجار الأقمشة والباعة المتجولين، وقد تحول العديد منهم الى رجال اعمال وتجار ناجحين بعد ان جمعوا ثرواتهم بجهودهم الكبيرة

وكانت اغلبية هؤلاء من مناطق رام الله ونابلس وبيت لحم.

وقد سجل مركز الاحصاء الاسباني عام 1937 وصول 67 مهاجرا الى جزر الكناري ومقاطعة لاس بالماس.

انقطعت الهجرة لعدة سنوات ثم استؤنفت في اعقاب الحرب العالمية الثانية والنكبة الفلسطينية حيث توجه الى هناك اعداد من الباحثين عن العمل.

وفي الخمسينات والستينات والسبعينات توجه العديد من الطلبة للدراسة الجامعية هناك خاصة في مجال الطب وهذا ما يفسر العدد الكبير للأطباء الفلسطينيين هناك، وتزايدت عبر السنوات اعداد الدارسين والخريجين والمتزوجين اللذين كونوا اسرهم واستقروا هناك، وبدأت التشكيلات الاولى للجالية، واستمر التزايد حتى وصلت التقديرات ان اسبانيا تضم ما يقارب ال 35000 فلسطينيا، نسبة كبيرة منهم من الأطباء والمهندسين ويغلب عليهم الطابع التعليمي ليس كما هو الحال في السويد مثلا، وهناك عدد من رجال الأعمال واصحاب الاستثمارات

اما فيما يتعلق بمراحل الهجرة الى هناك والمشاكل التي تعاني منها الجالية فهي نفسها في الدول الأوروبية الاخرى ولا داعي للخوض فيها كوننا تحدثنا عنها سابقا

إيطاليا

تتشارك ايطاليا مع اسبانيا في اغلب الميزات من حيث مراحل الهجرة والتواجد الطلابي وتعدد المؤسسات وغياب العمل الموحد والاشكالات المتعددة الاخرى وسنوات القدوم اليها

ويبلغ عدد ابناء الجالية في ايطاليا حوالي ال 10000 فلسطيني موزعين في كافة أنحاء المدن الإيطالية وخاصة الكبرى منها في روما، ميلانو، بولونيا، نابولي، جنوه، بادوفا، سردينيا وصقيلية وغيرها، وفيها عدد كبير من الاطباء والمهندسين، ويعمل العديد من ابناء الجالية في التجارة والاعمال الحرة والشركات والمصانع والمؤسسات الايطالية

وما يميز الجالية في ايطاليا واسبانيا ان نسبة من يعيشون على المساعدات الحكومية اقل بكثير مما هو في دول الغرب الاخرى مثل المانيا، السويد، الدنمارك، بلجيكا وهولندا

ويقوم ابناء الجالية بنشاطات متعددة في المناسبات الوطنية، الى جانب جمع التبرعات وتقديم المساعدات لفلسطيني الداخل في غزة والضفة والمخيمات في لبنان

وتتميز ايطاليا بإقامة مهرجان الأفلام الفلسطينية في كل عام مما ترك آثارا وانعكاسات ايجابية على الشارع الإيطالي وأصدقاء القضية.

النمسا

يبلغ عدد ابناء الجالية في النمسا من 10000 – 12000 فلسطيني وفي بعض التقديرات يصل الرقم الى 15000 خاصة بعد تزايد اعداد المهاجرين القادمين من سوريا وفي اعقاب موجات الهجرة المعروفة.

ويعود تأسيس الجالية في النمسا الى ستينات القرن الماضي عندما توافد اليها اعداد من الطلبة للدراسة واستقر جزء منهم هناك بعد التخرج والزواج وتأسيس العائلة، وتجدر الاشارة ان ما يميز الجالية الفلسطينية في النمسا عن غيرها من البلدان الاوروبية هو وجود اعداد من الفلسطينيين العاملين في مؤسسات الامم المتحدة الموجودة على اراضيها.

يوجد جمعيات ومؤسسات متعددة تضم ابناء الجالية لكنها غير موحدة كما هو الحال بشكل عام. تقوم الجالية ببعض النشاطات المختلفة في المناسبات الوطنية لكنها تفتقد للفعالية المطلوبة. استطاعت امرأة من اصول فلسطينية من الوصول للبرلمان.

تعاني الجالية من نفس الاشكاليات التي تعاني منها الجاليات في البلدان المختلفة وتعتبر الجالية في النمسا الاقرب من حيث المواصفات للجالية في المانيا وفيها العديد من الاطباء

ورجال الأعمال الي جانب العاملين في مؤسسات الامم المتحدة كما ورد سابقا.

الجالية الفلسطينية في بريطانيا

تختلف الجالية الفلسطينية عن مثيلاتها من الدول الأوروبية الاخرى حيث وصلها اعداد كبيرة من المهاجرين في اعقاب النكبة وقيام دولة (اسرائيل) بحكم العلاقات التي كانت تربط الفلسطينيين مع بريطانيا في ظل فترة الانتداب وبالتالي توجهت الموجات الاولى من المهاجرين الى هناك واستقرت واتجه الابناء نحو التعليم الجامعي وحصل العديد منهم على الشهادات العليا، وشغل البعض منهم مراكز مرموقة في المستشفيات والشركات والمؤسسات البريطانية الى جانب دورهم في وسائل الإعلام حيث انطلقت العديد من الصحف الفلسطينية والعربية من هناك وعمل فيها العديد من الصحفيين والاعلاميين.

بينما توجه الآباء خاصة ميسورو الحال الى اقامة مشاريعهم التجارية وتأسيس شركاتهم ومنهم من حقق نجاحا كبيرا كرجال اعمال اضافة الى امتلاك العديد للعقارات

يتواجد في بريطانيا ما يقارب ال 45000 – 55000  فلسطيني وقد وصلوا في موجات الهجرة المتتابعة كما هو الحال في بلدان اوروبا الاخرى، لكن ما ميزها ايضا وصول جزء من المستثمرين ورجال الأعمال من فلسطينيي الكويت المبعدين منها بعد حرب الخليج الثانية

رغم العدد الكبير لأبناء الجالية في بريطانيا الا ان حجم مشاركتهم في الفعاليات محدود وقد يكون اقل من الدول الأخرى ورغم وجود بعض الاتحادات والمؤسسات، الا ان هناك من الافراد الناشطين الذين يعملون اكثر منهم، ويحاول العديد من فلسطينيي بريطانيا الانفصال عن مجريات الأمور في الوطن الام والاندماج بشكل اكبر مع المجتمع الجديد ويتواجد في بريطانيا عدد من الكفاءات الفلسطينية الكبيرة والمعروفة على نطاق واسع مثل

انيس القاسم رجل القانون الشهير رحمه الله، والدكتور سلمان ابو ستة المؤرخ الفلسطيني الكبير وعبد الباري عطوان الاعلامي البارز ورئيس تحرير جريدة راي اليوم الالكترونية، وغيرهم العديد من الفلسطينيين الناجحين في مجالات عملهم واختصاصاتهم

الجالية الفلسطينية في بلجيكا وهولندا

يتواجد في بلجيكا ما يقارب 4000 – 5000 فلسطيني يقيمون في العاصمة ومدين لياج أضافة الى عدد من المدن الاخرى. بدأت الهجرة الى هناك في بداية الستينات عندما قدم اليها حوالى ٣٠ طالبا فلسطينيا كانوا في طريقهم الي المانيا للدراسة واستقر اغلبيتهم فيها وهكذا بدأت عملية تشكيل الانوية الاولى للجالية، وفي بداية السبعينات توجهت مجموعات اخري من الطلبة الفلسطينيين المقيمين في الأردن للدراسة هناك بعد احداث ايلول عام ١٩٧٠ وكان منهم من لعب دورا كبيرا في الحياة السياسية وعمل الجالية مثل (نعيم خضر وبشارة خضر وحنا صافية وعفيف صافية). كما توافدت اعداد من المهاجرين في اعقاب الحرب الأهلية في لبنان والاجتياح الصهيوني الذي وصل بيروت وتزايدت الاعداد بعد حرب الخليج الثانية واحتلال العراق لدولة الكويت وبشكل خاص بعد احداث سوريا حيث لعبت كل هذه العوامل دورا كبيرا في مضاعفة اعداد المهاجرين مرات عديدة. ومن المفيد ذكره ان عددا من الفلسطيني في بلجيكا غادر الى السويد.

وتقوم الجالية بنشاطات واسعة في كل المناسبات وخاصة التضامن مع الاسري ويوم الارض والمرأة العالمي وذكرى النكبة والانتفاضة.. الخ

كما يتم العمل مع البرلمان الأوروبي من اجل تفعيل دوره في مناصرة القضية الفلسطينية

ومما يعطي بلجيكا اهمية خاصة للعمل كونها عاصمة الاتحاد الأوروبي وهذا ما يميزها عن غيرها من الدول الأوروبية. ومن الأسماء والرموز المعروفة على هذا الصعيد الناشط الفلسطيني حمدان الضميري الذي يعمل بشكل متواصل في سبيل دعم القضية الفلسطينية

اما من حيث عدد الجمعيات والاتحادات والمؤسسات ومن حيث الإشكالات التي تعاني منها الجالية فهي نفسها الموجودة في البلدان الأخرى بصفة عامة

اما هولندا يتواجد فيها من 8000 – 10000 فلسطيني اغلبهم من طالبي اللجوء

ويتواجد عدد من الجمعيات وهناك تشتت للجالية بفعل نفس العوامل التي تم تناولها سابقا في مواقع مختلفة، اما المشاكل التي تواجهها فهي نفسها الموجودة في الدول الأخرى

الجالية الفلسطينية في فرنسا

بدأ التواجد الفلسطيني في فرنسا في نهاية الستينات وتحديدا بعد حرب حزيران عام 1967 وقد استخدم الفلسطينيون فرنسا ما قبل تلك الفترة كبوابة عبور الى المانيا وبريطانيا والدول الاوروبية الاخرى وتمثل التواجد الفلسطيني في فرنسا في ذاك الوقت من خلال الاتحاد العام لطلبة فلسطين الذى كان يضم في صفوفه حوالي ٥٢ عضوا في عام ١٩٦٨ حيث تشكلت النواة الأولى للجالية، بعدها تعاقبت الهجرة على شكل موجات  من الاردن وسوريا ولبنان ومن الاراضي الفلسطينية، ومع تزايد اعداد الفلسطينيين كان لابد من تشكيل اطر تنظم الجالية وقد تعددت هذه الاطر لأسباب متعددة خاصة الاتجاهات السياسية حيث تم تشكيل عدة اتحادات وجمعيات ومؤسسات وقد بدأت عملية التأسيس الاولى للجالية في عام ١٩٩٧ في مدينة مونبيليه وبعدها توسعت و تمددت الى مدن اخرى وقامت بتأسيس  فروع لها في المدن الاخرى مثل باريس، تولوز، مرسيليا، ليون، بورد، غرينوبل وغيرها،

ورغبة من الجالية وحرص منها على تأطير دورها وتفعيله في فرنسا بما يخدم القضية الوطنية وتقديم المساعدة لها خاصة بعد اتفاقيات اوسلو وما نجم عنها

وقد تداعت هذه الاتحادات بمبادرة من رؤساء الفروع في عام ٢٠١٢ لتوحيد هذه التشكيلات ضمن إطار واحد يجمع الكل الفلسطيني حيث تم الاعلان عن تأسيس اتحاد الجمعيات في فرنسا وتوحيد كافة الفروع، وتم اقرار الدستور واللوائح الداخلية الناظمة للعمل.

يبلغ عدد الفلسطينيين الان حوالي ال 5000 فلسطيني منهم من درس وتخرج من الجامعات الفرنسية ومنهم من جاء اليها مهاجرا وطالبا للجوء، ويعمل الفلسطينيون في مجالات عمل مختلفة كالطب والهندسة والقانون الى جانب العمل في التجارة والمشاريع الاستثمارية

ويوجد عدد لا باس به من الناشطات الفلسطينيات اللواتي يعملن في حقول متعددة.

يقوم ابناء الجالية من خلال اطرهم بمجموعة من النشاطات لدعم القضية الفلسطينية كما هو الحال في بلدان اوروبا الاخرى.

وتربطهم علاقات جيدة مع القوي اليسارية وبعض الاحزاب مثل الحزب الشيوعي وجمعيات الصداقة ولجان المقاطعة وغيرها ممن يناصرون ويدعمون الشعب الفلسطيني في نضاله العادل ويقومون بتقديم بعض المساعدات المالية والعينية له

الجالية في دول اوروبا الشرقية (الدول الاشتراكية سابقا)

 رومانيا، بلغاريا، تشيكيا، بولندا، المجر، سلوفاكيا

من المفيد التأكيد منذ البداية ان الجالية في هذه البلدان متشابهة وتجمعها خصائص مشتركة من حيث التكون التاريخي والتطورات التي عاشتها الى جانب المهمات التي تتقاطع فيها مع دول اوروبا الغربية، الا ان ما يميزها عنها هو حداثة النشأة والتكوين، وبينما تعود نشأة الجالية في اوروبا الغربية الى ما بعد الحرب العالمية الثانية ونكبة عام  ١٩٤٨  والى اعوام سبقت ذلك في بعض الدول فإن الجالية في اوروبا الشرقية بدأت تتشكل منذ ٣٠ عاما وبعد التغيرات التي حصلت فيها اثر انهيار المنظومة الاشتراكية في نهاية عام ١٩٨٩ وبداية عام ١٩٩٠، وهناك العديد من العوامل التي لعبت دورا في تشكيل هذه الجاليات منها.

1_استقرار اعداد كبيرة من الطلبة الخريجين من الجامعات والمعاهد في هذه الدول بعد انهاء دراستهم خاصة ان العديد منهم تزوج من فتيات من هذه البلدان وحصل على جنسيتها، استنادا الي القوانين الجديدة التي صدرت في هذه البلدان وقدمت الكثير من التسهيلات للإقامة والعمل والاستثمار بينما كانت القوانين السابقة لا تسمح لهم بالبقاء بعد انهاء الدراسة ويجب ان يعودوا إلى البلدان الي جاءوا منها

2_عودة العديد من الطلبة الخريجين خاصة المتزوجين بعد ان سمحت لهم القوانين بذلك، كون الكثيرين منهم لم يحصل على فرصة للعمل وعادوا يبحثوا عنها في هذه الدول

3_ قدوم اعداد كبيرة من المستثمرين من الفلسطينيين بعد إبعادهم من الكويت في اعقاب حرب الخليج الثانية واحتلال دولة الكويت من قبل الجيش العراقي خاصه ان فرص الاستثمار في هذه الدول اقل كلفة وأسهل من حيث القوانين مما دعى متوسطي الدخل الى القدوم لهذه البلاد بينما توجه اصحاب رؤوس الاموال الكبيرة الى دول اوروبا الغربية مثل بريطانيا، المانيا، فرنسا، ايطاليا، اسبانيا، قبرص واليونان.

وقد تزايدت أعداد المهاجرين الى هذه البلدان في اعقاب الحرب الكونية الظالمة على سوريا وتدمير المخيمات فيها، رغم ان نسبة طالبي اللجوء في هذه البلدان قليلة بسبب عدم توفر الاغراءات والتسهيلات التي تقدمها دول الغرب مما جعل الكثيرين من المهاجرين يستخدمون هذه البلدان كجسر للعبور إلى الدول الغربية كونهم كانوا يحصلون على تأشيرات الدخول من خلال شرائها بمبالغ كبيرة وصلت آلاف الدولارات أحيانا وكان يتم تهريب العديد منهم الى المانيا والنمسا من خلال شبكات تهريب دولية مختصة.

بعد ذلك يجب القول ان هذه الجاليات تعاني من الاشكاليات الموجودة في الغرب من حيث الانقسام والتشتت وغياب الوحدة وتعدد الجمعيات والمؤسسات والاتحادات والأندية وغيرها من المسميات.

كما تعاني من ضعف التأطير والمشاركة حيث تقتصر النشاطات على مجموعات صغيرة جدا  تتمايز من بلد إلى اخر بحدود معينة

وتقوم هذه الجاليات بعدد من النشاطات في المناسبات الوطنية المختلفة وفي ايام التضامن مع الشعب الفلسطيني والأسرى وتساهم في إقامة الندوات وعرض الافلام، الا ان هذه النشاطات موسمية.

اما من حيث الاعداد للفلسطينيين في هذه البلدان يمكن ايرادها على النحو التالي

1_ رومانيا حيث التجمع الاكبر وفيها ما يقارب الـ 3500 –  4000 فلسطيني

2_بولندا وفيها ما يقارب 1200 – 2000 فلسطيني

3_ التشيك وفيها من 500 – 650 فلسطيني

4_ المجر وفيها حوالي 300 فلسطيني

5_ سلوفاكيا وفيها حوالي 150 فلسطيني

والعماد الاساسي لهذه الجاليات هو الدارسين والخريجين وعائلاتهم اضافة الى نسبة اخرى من المهاجرين والمستثمرين واصحاب المشاريع الصغيرة مثل المتاجر والمطاعم

ومن المفيد في النهاية تسجيل ملاحظة هامة، ان رومانيا الى جانب المنح الدراسية كانت تسمح بالدراسة على حساب الطالب الخاص وبالتالي كان عدد الطلاب فيها أكبر بكثير من الدول الأخرى وهذا ما يفسر حجم الجالية الكبير فيها الى جانب عوامل أخرى من تسهيل فرص الاستثمار.

عوامل النهوض والتقدم في اوضاع الجالية

في ضوء كل ما تقدم من معطيات ومواقف، يبقى السؤال الاهم كيف يمكن تنشيط اوضاع الجالية واخراجها من حالة التشرذم والانقسام الى حالة التنسيق المشترك والوحدة ومن اجل ذلك لابد من العمل على ما يلي:

1_ القيام بإجراء وقفة تقييمية شاملة لمسيرة الجالية منذ انطلاقتها تستخرج الدروس عبر جهد جماعي يشارك فيه جميع المهتمين ويحدد الثغرات والنواقص ويرسم ويضع برنامجا للخلاص من هذه الاوضاع

2_ معالجة جادة ومسؤولة لأخطاء الماضي لعدم الوقوع فيها مجددا، والابتعاد عن التعصب والانغلاق والفئوية واحترام الراي والراي الاخر والحوار الجماعي والابتعاد عن سياسة الهيمنة والفردية.

3_ البحث الدائم عن القواسم المشتركة وتعزيزها، وإدارة حوار جاد ومسؤول حول قضايا الخلاف من اجل تقريب وجهات النظر حولها.

4_ الاستفادة من القدرات والخبرات التي يتمتع بها ابناء الجالية واستثمارها في خدمة العمل وتطويره وحشد اوسع الامكانيات من اجل ذلك

5_ نشر ثقافة التقييم والشفافية والتركيز على الوضوح والانفتاح في العمل.

6_ العمل على تنمية الشعور لدى المواطن الفلسطيني ان هذه الجالية تعمل لمصلحة القضية ومن اجل مساعدته وتعزيز حسه الوطني.

7_ التخلص من هيمنة المؤسسات الحاكمة (السفارات)، ومن سيطرة الفصائل على الاتحادات والعمل على استقلاليتها التامة على قاعدة التعاون بين الجميع بما يخدم القضية. ولا شك ان هذه النقطة تعتبر محورية من اجل النجاح في عملها.

8_التواصل بين الجاليات المختلفة في البلدان الأخرى وتبادل الخبرات والاستفادة منها وتعميم ما هو ايجابي في كل تجربة.

9_العمل على دفع قيادات شابة متحمسة من أجل تحمل المسؤولية ومدها بالخبرة بدلا من وضع العوائق امامها.

10_ الابتعاد عن النظرة الخاطئة ان قيادة الجالية هي للمخترة والختم وحب الظهور والتسلق. والتأكيد ان القيادة لمن يملك القدرة والكفاءة ويريد العمل.

11_ اعداد برامج عملية ثقافية من اجل توعية ابناء الجالية، خاصة جيل الشباب

12_ القيام برحلات جماعية لأبناء الجالية من اجل التعارف والتقارب، والمناسبات كثيرة من نوع الاعياد ورحلات على الطبيعة في فصل الصيف

 التنظيم والادارة

1_ حصر ابناء الجالية في كل بلد ومدينة من حيث العدد والتخصص المهني والتوزيع الجغرافي ووضع قاعدة بيانات كاملة يتم تحديثها باستمرار تراعي المستجدات.

2_ انشاء مواقع للتواصل الاجتماعي وتبادل المعلومات الهامة والمفيدة بين ابناء الجالية

 والتي تدعم وحدتها . والابتعاد عن تبادل التحايا في الصباح والمساء ورسائل التعزية ليس تقليلا من ذلك ويفضل ان تكون عبر الهاتف الخاص

3_اصدار نشرة اعلامية تهتم بأوضاع الجالية وتطوراتها ونشاطاتها المختلفة  يساهم فيه الجميع

_الخطوات العملية للتغيير

1_اختيار القيادة القادرة  والكفؤ والمستعدة للعمل بعد وضع البرنامج من اجل تطبيقه

2_تشجيع المبادرة عبر المشاركة في تقديم المقترحات وتعميم روح العمل الجماعي بحيث لا تقتصر الامور على اشخاص محدودة العدد والتركيز على العمل الجماعي بديلا عن العمل الفردي

3 _انتظام عقد المؤتمرات و دعوة ابناء الجالية وحثهم على المشاركة فيها كونهم جزء من صناعة القرار ورسم البرنامج

4_العمل على التغيير الدائم في القيادة والتركيز على العناصر الشابة فيها بما يعطي الحيوية للعمل

5_ عند صياغة البرنامج يجب الاستناد إلى الامكانيات المتاحة والتعامل مع الأمور بواقعية وان نضع مهمات نستطيع تطبيقها

6_اي برنامج يجب ان يأخذ بعين الاعتبار الفروقات والخصائص المميزة لكل جالية حسب البلد المتواجدة فيه ،كما يجب العمل المستمر دوما من اجل تطوير البرنامج بما يتناسب مع المتغيرات

خاتمة

ان هذه الجهد الذي اضعه بين ايديكم هو محاولة متواضعة من قبلي وفق ما توفر لدي من معلومات وعملية البحث والمتابعة لشؤون واوضاع الجالية التي قمت بها في الفترة الماضية ومن خلال المعلومات القيمة التي زودني بها بعض الاخوة والرفاق الناشطين في هذا الميدان وكان لها دورا في اعداد هذا البحث ولا يسعني الا ان اتوجه لهم بالشكر الجزيل

لاشك ان ماورد  حول اوضاع الجالية ليس كاملا  وربما حمل بعض الاخطاء خاصة ما يتعلق منها بالأرقام وبعض المعلومات ،لذا ارجو من كافة الاخوة المهتمين بهذا الموضوع والمتابعين له ومن شاركوا في هذا العمل ان يرسلوا لي اية ملاحظات تتناول هذا البحث في سبيل العمل على اعادة صياغته وتطويره

وآمل ان اكون قد وفقت في تحقيق الهدف الذي رجوته من ذلك وان اكون قدمت خدمة بسيطة تساهم في الاطلالة على اوضاع الجالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى