الراية الفلسطينيةالعالم الإسلامي والعالمالوطن العربيمقالات

“خلاف مصري سعودي أم تقسيم عمل أمريكي ؟”

د. عادل سماره

إن كان خلافاً حقيقياً فهو بين حكام البلدين و ليس بين الشعبين.
و إن كان خلافاً على “زعامة” الوطن العربي فهما يتنافسان ضمن الأفق المُصاغ أمريكياً والمُحدَّد إلى اي مدى وزمن.
تُهاجم أجهزة النظام السعودي الجيش المصري و تنتقد دوره في الاقتصاد. و هو كلام حق يُراد به كل الباطل. فلا يوجد لجيش اقتصاده خارج أو بهيمنة على أقتصاد البلد، و لكن الجيش السعودي بالمقابل هو جيش الأسرة الحاكمة و دوره تدمير أعرق قطر عربي هو اليمن بل و مختلف الجمهوريات. فهو إذن بلا اقتصاد و بلا وطنية. فديكتاتورية الجيش في مصر، و هي مرفوضة، ليست سبب الهجوم الرسمي السعودي، حتى لو كان الدافع السعودي هو الثأر من حملة محمد علي على الحجاز قبل قرنين. بل إن في الجيش المصري إضافة إلى مشكلة الاحتكار الاقتصادي مشكلة الارتهان للتمويل الأمريكي حيث يتكامل خلل الاحتكار و خطر التموُّل. و هذا النقد لا يمر في عقلية حكام السعودية.
التمهيد لهجوم آل سعود ضد الجيش المصري بل ضد كل من وصله فلسا واحدا من فائض نفط العرب الذي يغتصبه آل سعود كان منذ شهرين حينما تعنتر الوزير السعودي في وكر التآمر على البشرية في مؤتمر دافوس حيث قال بأن سلطة بلاده لم تعد تقدم مساعدات و لا تبرعات.
و ربما كان أفظع ما صدر عن ذلك المؤتمر الرهيب في دورته لهذا العام:
1- بيان دعوة العالم لاعتناق المثلية و مضاجعة الصبية “قانونياً”.
2- إعلان توقف “المساعدات- الرِشى” السعودية.
الآن، دعك من المثلية.
و هنا السؤال: أين ستذهب فوائض النفط العربي المنهوب على يد سلطة الرياض ؟
لا يوجد عاقل يمكن أن يقول لنا: ستذهب للتنمية.
كلا، فالتنمية تحتاج قبل المال إلى قرار سياسي سيادي و إلى ثقافة في الاقتصاد السياسي تناقض منطق النظام الراسمالي العالمي، و تتوجه للشعب من ألفها إلى يائها، و كل هذا غير متوفر في سلطة الرياض.
و لكن، لماذا تذكرت سلطة الرياض هذا الأمر اليوم ؟ و هي سلطة يُزعم أنها ممتدة بما يقارب الامتداد الوهمي لما تسمى “إسرائيل”!
هنا يجب أن نفصل بين المساعدات و بين العدوان ضمن برنامج الإمبريالية و توكيلاتها.
فما قدمته السعودية على مدار عمرها النفطي لم يكن مساعدات قط للعرب.
• ما قدمته ل م.ت.ف كان لتخريبها بالمال و ليحل الدولار محل البندقية و القلم الإعلامي محل الزناد. و إلا، فهل يمكن أن تسمح أمريكا بفلس واحد يُوجَّه لمن يقاتل الكيان ؟!
• كما أن مسرحية تقليص ضخ النفط في حرب تشرين/أكتوبر كانت كي تتمكن أمريكا من إنقاذ الدولار و احتواء أوروبا مجدداً. و إلا كيف يمكن لفيصل الذي ترجى جونسون قبل عدوان 1967 لتمدير مصر أن يقف مع مصر وسوريا ضد الكيان في حرب تشرين لا سيما و حلم الرياض إزاحة اي دولة عربية مرشحة أن تكون مركزاً ! كما أن فيصل لم يكن مراهقا عام 1967 و نضج عام 1973 !
• و كل ما تم تقديمه لأي بلد عربي غير نفطي و هي الدول المسماة “دول العجز الاقتصادي” كانت أموالاً لسد العجز و تثبيت الأنظمة و ليس حتى للنمو و الإصلاح فما بالك بالتنمية.
• أما الإنفاق الهائل فكان لتدمير سوريا حيث أنفق الخليج 2 ترليون دولار لثوار الدين السياسي و تمفصلاتهم من لبراليين و تروتسك، و مثليين، و طائفيين، و ترك و كرد و شيشان…الخ.
و يبدو أن السعودية تتجه اليوم لدعم حكام العراق كتركيبة امريكية متراكبة مع طائفية مزدوجة سنية شيعية التي تنهب البلد الغني علانية فهل هذا دليل على التغيير في النهج!
يبدو أن تغييراً في الأجندة، يراه البعض في ربما استنكاف سعودي عن الملفات العربية ، لبنان، سوريا، اليمن، م.ت.ف…الخ، و لكنه تغيير في الدور.
و بالطبع من الصعب أن تتكهن بتوجه اي نظام عربي، فما بالك بالسعودي لأن كل سياسات هذه الأنظمة سرية عن الأمة مفتوحة للأعداء.
قد يعتقد البعض أن السعودية سوف تتجه شرقاً أو تميل شرقاً و بالتالي هذا سيدفعها إلى تطوير ذاتي.
و لكن، السعودية لن تخرج من تحت مظلة الإمبريالية و حتى لو خرجت فلن يكون هواها إلا ضد الأمة العربية لأن عدوها المركزي هي العروبة. كما لم تكن سلطة الرياض عمياء عن بناء دولة على الأقل منذ 1973 حيث الفيضان النفطي. و يكفي للمقارنة اين وصلت إيران و اين وصلت سلطة الرياض التي اموالها اضعاف إيران!
و عليه، هل الهجوم على الجيش المصري هو سحابة دخان كي تغطي ركوع سلطة القاهرة و تسلِّم الجُزر نهائيا للرياض لا سيما وان ذلك ضروري لتمرير التطبيع السعودي الى الكيان ؟
هل تستغل الرياض الأزمة الإقتصادية الخانقة في مصر لتسهيل تمرير صفقة الجزر على أن تسعف حاكم مصر ببعض المال كي يُنفق على الأهرامات الأفقية، الطرق و المباني…الخ.
هل تقصد الرياض بتوجيه امريكا التبشير بحماية الكيان للسعودية من إيران و ذلك “برايهم” لأن مصر لم تعد قادرة و لا راغبة في لعب هذا الدور ؟ و في هذا الحال، لن تكفي كل موارد السعودية لِرَيْ عطش الكيان للمال ناهيك بأن الكيان ليس بحجم هذه المهمة ؟ و بالمناسبة، كانت هناك بعض الأنباء بأن مصر ضد المشاركة في عدوان ضد إيران. لا ندري مدى الدقة في حصول مثل هذا الطلب.
لا شك أن الرياض ليست راضية عن المشاركة العسكرية المصرية الجانبية ضد اليمن، و بما أنها بصدد الخروج من وحل اليمن، فهي لم تعد بحاجة لدور مصر.
يمكن للتحليل ان يذهب مذاهب شتى طالما أن سياسة بلد كالسعودية لا تُصاغ محلياً كما أنها أحد بنود السايسة الخارجية الأمريكية مما يجعل التحليل ضرباً من التكهُّن و لكنه ضروري على الأقل من باب إحذر عدوك. و حذر العدو يدفع للتفكير في مطلق إتجاه.
و إذا ما صح قولنا بأن كلا النظامين مرهون بخطة عامة امريكية، فهذا يؤكد ايضاً تاريخ الاستعمار في تبني سياسية “فَرِّق تسُد” لتصبح فرِّق ايضا توابعك عن بعضهم. فتابع واحد تسهل قيادته عن اتحاده من آخر. فهل يجمع زير نساء غانيتين معاً!
ملاحظة1: حينما تدفقت فوائض النفط بعد 1973 دُهشت سلطة الرياض كيف تحتوي كل هذا، فكان كيسنجر بالانتظار حيث قال لهم: ضعوها لدينا وسنبني لكم بنية تحتية عصرية. و حصل، و لكن بنية تحتية من نمط الشوارع و العلب الإسمنتية و المول…الخ و ليس لا القاعدة الصناعية و لا العلمية. و لا نعتقد أن فوائض ما بعد كوفيد 19 و حرب أوكرانيا ستذهب في طريق أجدى.
ملاحظة 2: إنتبهوا من محللين منشبكين محسوبين على العروبة بدؤوا بالتهليل للرياض لمجرد أن الرياض همست لسوريا، ربما بكلام أمريكي! من يدري،. و طبعا يهللون للقاهرة لأنها لم تقاتل سوريا. و كأن المطلوب بين الأنظمة العربية هوعدم الاعتداء!!!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى