حكومة نتنياهو سموطريج وبن غفير
ما بين السياسات المعلنة والمبطنة
كلمة الراية
” الموت للعرب ” ، أو ( ” الموت للمخربين “) ، لا يوجد فرق ، فكلنا بنظرهم مخربون !
فتح النار من قبل الشرطة والجنود على كل فلسطيني مشبوه، مشروع، ومن منا ليس مشبوهاً! ومن يضرب حجراً على سيارة خلال مواجهات عنيفة مع الشرطة واليمين المتطرف دفاعاً عن النفس والبيت والاقصى في عكا يحكم مؤخراً في محاكم ” واحة الديمقراطية ” 10 سنوات!
هل هو المتظاهر او من يرمي حجراً على جندي او شرطي بالداخل او من يقاوم الاعتقال في الضفة الغربية لأن المخابرات وليس حتى ” المحكمة ” قررت انه ” مخرّب ” ، أو لأن جنديا ميدانيا يحمل عقيدة قتل العرب او ضابط ميداني متماثل معه ، أو من يكتب مقالاً او تغريدة يعبر فيها عن رأيه وغضبه احتجاجاً على جرائم الاحتلال والتمييز العنصري ، أو مرابطاً في الأقصى خشية تدنيسه او هدمه وبناء هيكل مزعوم عليه من قبل المستوطنين ووزيرهم اليوم بن غفير، أو هدم بيت وقرية في النقب ومصادرة ارض هناك، أو انشاء مليشيات مسلحة من جنود متقاعدين لتأديب “البدو” العرب أو أو أو !
وهل كتبت شيئاً لا تعرفوه او تجربوه!
فمن طرد شعبنا عام 1948 وارتكب المجازر كوسيلة لتحقيق ذلك التطهير العرقي، مستمر حتى اليوم، حروب وقتل للشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع والداخل، تحت عناوين وسياسات مبطنة تعبر عنها عناوين علنية مدروسة لا يشتف منها القتل العلني المباشر، مراعاةً ” للعالم الحر ” الاستعماري الذي اقام ويرعى دولة الكيان الصهيوني. “يجب ان يستمر القتل بدون ضجيج شرقي”، بل برتابة و” قانونية “، يرسمها المستعمر الصهيوني نفسه.
لا يحسبون أي حساب لقرارات للأمم المتحدة ومجلس الأمن. فالقرارات جميعها بقيت حبراً على ورق. فعدوهم ما زال ضعيفاً مشتتاً، قيادته فاسدة، أي انه بدون قيادة حقيقية وجدية من شأنها ان تقود الشعب الذي لم يستسلم ويخوض مقاومةً شرسة وباهظة الثمن ضد هذا الاحتلال الصهيوني منذ قرن ونيّف وما يزال. بل انه يلحق الأذى والذعر في صفوف المجتمع الكولونيالي المغتصب..
ما فعله حزب العمل ومعسكره “اليساري“ منذ تأسيس الحركة الصهيونية وبداية استيطانها في فلسطين حتى مائة عام بشكل بطئ ومن خلال سياسة ذكية ومبطنة ، جاء اليمين بقيادة بيغن وورثته، وصولاً الى بن غفير ليضعوها على الطاولة لتصبح اجندة رسمية عنوانها العلني “الموت للمخربين” ، لاعتبارهم ان جميع العرب مخربين . هكذا تعلم بن غفير تغليف الشعار الذي كان يهتفه “الموت للعرب”، تمهيداً للتوزير، الى “الموت للمخربين”! تحت رعاية الاب الاكبر لليمين نتنياهو. فقطعان الاحتلال الذين يحتلون رؤوس جبال الضفة، سينتقلون الى مكاتب الحكومة وسيبدأون بتنفيذ ما يؤمنون به، حيث تم تثبيت ذلك باتفاقيات تشكيل الحكومة.
بن غفير وسموطريج ايضاً، استغلا حاجة نتنياهو لإنقاذ نفسه من محاكم “الفساد وخيانة الأمانة” الجارية ضده، للإجهاز على ما يسمى الامن القومي وليس الداخلي كما كان حتى الآن، أي الحصول على جانب امني في صلاحياتهما، خاصة فيما يتعلق بتشكيل بن غفير لمليشيات في الضفة الغربية بحجة حماية المستوطنين تخضع له مباشرة ، إضافة الى شرعنة 65 مستوطنة قامت بدون قرارات حكومية ، خلال سنة ، وتزويدها بالماء والكهرباء خلال شهرين .. كذلك حصل سموطريج بالأمس على مسؤولية امنية وإدارة عسكرية ومدنية في الضفة الغربية.. أي انهما لم يكتفيا بالصلاحيات الكبيرة ضمن حقائبهم الرسمية، بل اصرا على ان يقودا مسؤوليات امنية في الضفة الغربية المحتلة، بهدف تنفيذ ما يؤمنون به من شعارات وسياسات وممارسات كانت تتعارض مع الحكومات السابقة، بما فيها حكومات نتنياهو. ونعتقد انه منحهم هذه الصلاحيات ايضاً لأنه لا يختلف عنهم كثيراً بالمعتقدات.
نحن إذن امام مرحلة جديدة، سياسة قتل علنية وسياسة اطلاق نار سريعة ضد أي مشتبه ونحن امام سياسة اعدامات ميدانية شبه رسمية عوضاً عن سياسة الاعدامات التي اعتمدها شامير بشكل مبطن وحيثما امكن منذ عملية حافلة رقم 300 الشهيرة التي قتل فيها ثلاثة مقاومين بدم بارد .
فما حصل من قتل خلال العام الحالي على ايدي قوات الاحتلال بقيادة غانتس، يتجاوز الـ 212 شهيداً، منهم 20 شهيداً في شهر نوفمبر المنصرم، كذلك مقتل 103 فلسطينيين في الداخل هذا العام نتيجة سياسة تعميم العنف المخابراتية في مجتمعنا الفلسطيني في الداخل.
315 فلسطيني قتل هذا العام ضمن صلاحيات وزارتي الجيش والشرطة ( الامن الداخلي ) ، وبن غفير ارتفعت شعبيته واصبح وزيراً في هذه الوزارات والمسؤوليات الأمنية ، لأنه انتقد نظرائه السابقين بانهم “لم يمنحوا الجنود حرية القتل بحجة حماية المستوطنين ، وانه الآن قادم لتصحيح هذه السياسة” …
نتنياهو في مقابلة له هذا الأسبوع، ادعى انه “هو من يرسم السياسة الأمنية وغيرها”، ورد عليه بن غفير ان الاتفاقات الائتلافية تلزم حكومة اليمين “على المليان ” بتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه.
الحقيقة انه لن تكون سيطرة لنتنياهو بصفته الجناح ” اليساري المعتدل في الحكومة المزمعة “على التنفيذ الميداني الذي سيوافق عليه الوزير المعني أثناء تأديته لصلاحياته التي كلّف بها!
سموطريج وبن غفير هما المؤشر المادي لإجرامية سياسة حكومة نتنياهو الجديدة المعلنة ، والفلسطينيين اصبحوا يعرفون ماذا سيحدث من تصعيد اكثر مما يحصل عملياً ضمن سياسة ” اليمين والوسط واليسار والإسلاميين ” الحالية ، وانه مقبل على تصعيد مضاد ، ارادي ولا ارادي ، حيث لم يعد يقبل الشعب الفلسطيني جرائم الاحتلال وعنصريته ، سواء في الضفة الغربية او بالداخل او في غزة ، وان معركة “سيف القدس” هي نموذج اساسي لما يمكن ان يحصل من مواجهات ، لن تقتصر على الضفة والداخل وغزة ، مع ادراكنا للاختلاف في الأوضاع والمواضيع ومنسوب وشكل المقاومة ، الا ان حصول اكثر من 10 آلاف عمل مقاوم في عام 2022 بحسب مركز المعلومات الفلسطيني في الضفة منها 43 في الـ24 ساعة الأخيرة و 833 في شهر سبتمبر و1999 عمل مقاوم خلال شهر أكتوبر، ولم تتوفر بعد إحصائية نوفمبر، الذي سقط فيه 20 شهيداً…
جميعها احداث ترسم صورة لما هو قائم وما هو قادم :
فعلى صعيد الأراضي المحتلة عام 67 ولبنان وسوريا واليمن وإيران، يستدعي الوضع الجهوزية الكاملة لمواجهة ارتكاب حماقات وتصعيد كبيرين.
فان اجندة نتنياهو واضحة، إيران، حيث أعلن ان أول دولة سيزورها بعد تسلمه رئاسة الحكومة هي الامارات وليس الولايات المتحدة الامريكية كما هو متبع، والهدف هو الإسراع بالتخطيط ضد إيران بهدف ضربها. وما اعلان أمس عن مناورة مشتركة بالطيران بين ” إسرائيل ” وامريكا في المنطقة لمسافات بعيدة المدى، الا تحضيراً مشتركاً لضرب المفاعلات النووية في إيران، بحسب اتفاق تم بين رئيس اركان الجيش الصهيوني والقيادة العسكرية الامريكية في زيارته الأخيرة لواشنطن، أو مزيد من الحرب النفسية والتهديد، سيما وان بايدن لم يقتنع بعد بالضربة العسكرية، خاصة بعد اعلان فيينا أمس عن محور المثلث الروسي صيني إيراني.
اما وقد سلّم نتنياهو الامن القومي والادارة المدنية والعسكرية للاحتلال في الضفة الغربية لبن غفير وسموطريج ، فان السياسة المعلنة واضحة وان تاريخ هذين الشخصين وعقيدتهما الفاشية يرسمان المستقبل الذي نقبل عليه كشعب فلسطيني ككل .
الآن هي اللحظة التاريخية المناسبة كما يراها هؤلاء لتنفيذ مشروع شرعنة احتلال كل فلسطين وادارتها عسكرياً على أساس الفصل العنصري. فالكرة أصبحت بشكل أوضح في ملعب الشعب الفلسطيني برمته وبمعلب المقاومة. وان غداً لناظره قريب ( وهذا موضوع آخر ) .
شعبنا الذي جرب بن غوريون وورثته، وبيغن وشامير وشارون وكهانا وليبرمان … وتصدى لهم ولسياساتهم التي لا تختلف عن سياسات نتنياهو وبن غفير وسموطريج الا بالشكل، لن يستسلم ولن يركع وتاريخه يؤكد استمرار المقاومة للاحتلال الصهيوني بكل ما اوتي من قوة الحق الطبيعي والوطني والدولي في العيش الحر الكريم على ارضه.
هذا ما كان متبع دائمًا ولكن الإختلاف هو علنية ووضوح ما يخفونه وشعبنا صمد وسيصمد كما دائمًا ولكن بدفع ثمن أغلى ، وحسب رأيي وجود مثل بن جفير وسموترتش بالحكم يسرع من الإقتراب للهاوية .