المغربية زبيدة خليفة.. شهيدة القضية الفلسطينية
في ذلك الصباح، قرر الطلبة القاعديين بجامعة محمد بن عبد الله بفاس الخروج في تظاهرة عارمة يوم 20 يناير/كانون ثاني من العام 1988، لما كان يوحي به هذا التاريخ الذي امتزج فيه الدم الفلسطيني مع الدم المغربي إبان انتفاضة يناير المجيدة عام 1984، استجابب الطلبة بكثافة معهودة نظرا للقوة التي كان يتمتع بها هذا الفصيل، فبمجرد ما أعلن في كلية العلوم الإنسانية بفاس انطلاق التظاهرة هبت الجماهير الطلابية بحماس في الوقت الذي كانت فيه جنبات الحرم الجامعي مطوقة تماما بمخلف القوى الأمنية التي كانت مصممة على قمع التظاهرة، في ذلك الصباح استشهدت زبيدة خليفة بالرصاص الحي، رفقة سعاد السعدي وعادل الأجراوي وغيرهم..
بصم اليساريون المغاربة باختلاف تنظيماتهم، على تجربة سياسية يستحيل أن يتخطى كتاب التاريخ أو متناوليه فصولها المطبوعة بلغة التضحيات الجسيمة والاعتقالات والاغتيالات والنفي والتهجير..
هي تجربة تنبعث منها رائحة الأقبية العفنة، وأصوات مفاتيح الزنازين، وآلام البطون الفارغة، كما تنبعث منها إرادة الحياة، التي كانت تشد أغلب من عاشوها إلى كتابة “المستقبل” بالأمل بالأفضل، وإلى رسم لوحة القادم بألوان تنصف قضية الإنسان المغربي.
وباختلاف هوامش نشاطهم، سواء تلك التي تستحضر الخطوط الحمراء أو تلك التي ترى بالأخضر كل الخطوط، من أقصى الراديكالية السياسية إلى أقصى الإصلاحية، ومن العمل الثوري السري والتخطيط لقلب موازين الحكم إلى النشاط العلني الهادف إلى الإصلاح، سجّل التاريخ أسماء كثيرة لمناضلين قضوا نتيجة إيمانهم بالمواقف، في زمن الرصاص الذي لم يؤمن إلا بلغة البقاء للأقوى..
وفي خضم الأحداث التي أشعل فتيلها الكمبرادور الراحل الحسن الثاني بعد الخطاب الذي توعد فيه بلغة صارمة كل من تضامن مع الشعب الفلسطيني، وانتفاضته الجبارة التي أذهلت العالم آنذاك، وتجسيدا للاتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي يعتبر قضية فلسطين قضية وطنية، فُجرت انتفاضة طلابية يوم 20 يناير/كانون ثاني 1988 بموقع ظهر المهراز فاس تدخل ضدها النظام القائم بالمغرب بطبيعته اللاوطنية اللاديمقراطية اللاشعبية بشكل همجي مستخدما بجريمته النكراء هذه الرصاص الحي مما أسفر عن استشهاد شهيدين لينضم بذلك إلى قائمة شهداء الحركة الطلابية. ممتزجة بذلك دماء شهداء الشعب الفلسطيني لتأكد وحدة العدو الذي يواجهه الشعبان المغربي والفلسطيني، والمتمثل في الثالوث الإمبريالي الصهيوني الرجعي.
زبيدة خليفة
تحل في الـ 20 من يناير/كانون ثاني من كل عام، ذكرى استشهاد زبيدة خليفة شهيدة القضية الفلسطينية القادمة من مدينة البهاليل من أسرة فقيرة، حيث أكملت دراستها الاعدادية و الثانوية تزامنا و الدينامية الحركية للحركة التلاميذية آنذاك، مستكملة دراستها بجامعة محمد بن عبد الله بظهر المهراز فاس وملتحقة بالمنظمة العتيدة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب لتسترسل بطريق الصمود و التضحية المرسوم بدماء الدريدي وبلهواري سنة 1983 -قبيل استشهادها بقليل- بتأجيج نضالي عارم جعل أوطم تشد الخناق على النظام مجبرة الكامبرادور الحسن الثاني القاء الخطاب الذي توعد فيه وبلغة صارمة كل من تضامن مع الشعب الفلسطيني بما لا يُحمد.
“أوطم”
هذه الاحداث جعلت الطلاب على المستوى الوطني يستنكرون الأحداث ويتضامنون و الشعب الفلسطيني خاصة أن القضية الفلسطينية قضية وطنية لها ركائزها العلمية بمؤتمرات “أوطم”.
في مثل هذا الوقت من السنة، بين نهاية ديسمبر/كانون أول وبداية يناير/كانو ثاني ، يطفئ في سرية الأعضاء السابقون الشموع احتفالا بالذكرى السنوية لـ”لاتحاد الوطني لطلبة المغرب- أوطم”. ذلك اسم لا يزال يتردد صداه في أذهان أولئك الذين تم تأطيرهم من قبل هذه المنظمة أو الذين ساهموا بنشاط بإنشائها وتطويرها.
خلال المؤتمر التأسيسي الذي عقد يوم 26 ديسمبر 1956، نشأ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب رسميا بعد أن استوعب العديد من الجمعيات الطلابية. إنها في الحقيقة ليست أول منظمة طلابية تظهر في المغرب، باعتبار الحركة الطلابية جزء لا يتجزأ من الحركة الجماهيرية، ورافد من روافد حركة التحرر الوطني.
وبعد أن أسست “أوطم” انصهرت فيها كل التنظيمات الطلابية، واتحد فعلهم النضالي، وصارت هي الإطار الشرعي الوحيد لجميع الطلبة المغاربة والذي يدافع عن حقوقهم المادية والمعنوية.
التنديد بجرائم الإحتلال
في ذلك اليوم، كانت الشعارات المُرددة من قبل الطالبات صاخبة، وكانت الزغاريد تعلو في سماء الحرم الجامعي، وكانت لغة التضامن مع الشعب الفلسطيني هي السائدة، لكن صوت الرصاص الحي الذي استعين به لردع التظاهرة الطلابية أفسد “عرسا نضاليا”، وفجأة تستقر رصاصة في رأس زبيدة خليفة، ليحل صمت الصدمة مكان الشعارات، ويعلو البكاء والصراخ بدل التنديد بجرائم الإحتلال الصهيوني.
لم تكن زبيدة خليفة الوحيدة التي إرتقت في ذلك اليوم، لكنها كانت الأيقونة المتميزة، والجوهرة الثمينة التي انتزعت من عقد منظمة “الاتحاد الوطني لطلبة المغرب” تاركة فراغا كبيرا وذكرى أليمة، لتتحول بذلك إلى رمز شاهد على جزء من سنوات “الجمر والرصاص”، وتملأ صورها ساحات الكليات المغربية، وترفع كل سنة الشعارات الهاتفة باسمها والمنددة باغتيالها.
اندماج الدماء
زبيدة خليفة الطالبة المغربية والمرأة، التي شكل موتها، بالإضافة إلى كونها فاجعة، إعلانا رسميا على أن ارتباط المغاربة، لاسيما الطلبة بالقضية الفلسطينية وجداني، وهو ارتباط تجاوز الشعارات والبيانات والمواقف، إلى اندماج الدماء التي أريقت، لتصنع ذاكرة مشتركة تجسد ملاحم النضال، من أجل أن تكون فلسطين حرة وأن يرحل من شردوا اللاجئين والشيوخ والأطفال.
حُملت جثة الشهيدة زبيدة خليفة على الأكتاف في تظاهرة مليئة بالغضب، لتتوجه هذه الأخيرة إلى وسط مدينة فاس، لكن القوات العمومية واجهت جموع الطلبة بالقمع، ثم أخذت جثة زبيدة مدرجة بدمائها، وهي التي كانت طالبة يافعة مملوءة بالأحلام، ومناضلة تدافع عن فلسطين وعلى قضايا الطلبة والشعب المغربي.
ويحكي “أبو علي” وفق موقع “حوار ريف”، وكان ناطقا رسميا باسم الطلبة القاعديين آنذاك، أن الرصاصة “وجهت بشكل مقصود لرأس زبيدة خليفة وليس لغيرها، لأنها كانت تبدي شجاعة وتحفز الطالبات على الصمود ومواصلة الاحتجاج، عندما كانت المواجهات بين الطلبة والأمن على أشدها”.
ويكمل، “بعدما تدخل القمع بضراوة كعادته واقتحم الحرم الجامعي ظلت التظاهرة النسائية بالحي الجامعي للطالبات مستمرة في الشعارات وهن يطفن وسط الحي في نظام وانتظام، وهنا حدثت الفاجعة الأولى لما سدد أحد رجال الأمن رصاصة استقرت في رأس الشهيدة زبيدة خليفة التي التقطها من وسط مائت من الطالبات عن سبق إصرار وترصد نظرا لمعرفتهم المسبقة بكفاحية هذه الطالبة المناضلة، التي كانت مثالا حيا للمرأة المناضلة والصامدة والمشبعة بقيم عالية وأخلاقية، نتشرف أن يكون بيننا مثل هذا المعدن الغالي الذي فقدناها وتحسرنا عليها يوم سقطت شهيدة في ساحة المعركة. رفيقاتها ورفيقها لم يستوعبوا هول الصدمة وهن يرون فاجعة حقيقية أمامهم، حملوها على الأكتاف وهي تنزف دما في مسيرة صاخبة توجهت نحو وسط المدينة قبل أن يتدخل القمع مرة أخرى لتفريق المتظاهرين والسيطرة على جثة الشهيدة في حي الأطلس بفاس”.
ويضيف “الفاجعة الثانية حدثت بحي الطلبة لما اقتحم القمع هذه المؤسسة بينما كان عدد كبير من الطلبة مختبئين ولاجئين داخله، اقتحموه بعنف بعد سحلوا كل من لاقوه في الطريق بدون تمييز بما فيه عاملات وعمال الحي لم يسلموا من البطش، كنا نحن مجموعة من القاعديين التجأن إلى غرفة بالطابق الرابع وأحكمنا إغلاق الباب بالطاولات والكراسي في محاولة للإفلات من القمع، شاهدنا ونحن نعاين فصول التدخل الهمجي طالبا وهو يحاول النجاة من قبضة القمع ولم يتردد في رمي نفسه من الطابق الثاني في لحظة ما سقط الضحية من مسافة عالية ولم يكن هذا الطالب سوى عادل الأجراوي الذي كان الشهيد الثاني بعد زبيدة”.
ويحكي من عايشوا زبيدة أنها كانت طالبة متميزة بعدما التحقت بجامعة سيدي محمد بن عبدالله، كما أنها كانت ملهمة لباقي زميلاتها خاصة فالنضال، عرفت زبيدة بأخلاقها وانضباطه ومشاركتها في الأشكال التي يدعو لها الإطار النقابي للطلبة، ومنها الشكل الأخير الذي كان تضامنا مع قضية فلسطين، التي يعتبرها الطلبة “قضية وطنية”.
ورغم أن زبيدة كانت مازالت في سنواتها الأولى من الدراسة بالجامعة، إلا أنها كانت قد تشبعت بالفعل، بحسب ما يحكيه من عاشوا المرحلة، بقيم التحرر والنضال، ومدافعة عن مطالب الطلبة، كما كانت رافضة السياسات “الطبقية” حتى وهي لا تزال تلميذة لم تلتحق بعد بالجامعة.
لم يكتب لزبيدة خليفة النجاة عندما لعلع الرصاص الحي بجامعة فاس، وهي الجامعة التي أطلق عليها فيما بعد ساحة “20 يناير”، لكن كتبت لها ولادة جديدة عند “رفاقها”، وعند الأجيال التي ستلج الجامعة بعدها، وبقي اسمها ساطعا، كما عبرت بقصتها عن جزء كبير من الطريقة التي كانت الدولة تتعامل بها مع الأصوات المعارضة والمنددة، ولو كان الأمر يعني فلسطين وليس المغرب.
إمرأة المقاومة والصمود
إنها إحدى معالم تضحيات المرأة المغربية، إمرأة المقاومة والصمود، المرأة التي حاربت المستعمر من خلال العمليات الفدائية رغم المحاولات المتعددة لطمس الدور التقدمي والثوري الذي لعبته ولازالت تلعبه المرأة المغربية.
انتفاضة 1984
شكّلت انتفاضة 23 مارس/آذار 1965، وأحداث 21 يونيو/حزيران 1981 بالدار البيضاء، أبرز الأحداث الاجتماعيّة التي توالت بعد اندلاع مجموعة من الانتفاضات والأحداث الجماعية التي تلت السنوات الأولى لما بعد “الاستقلال الشكلي” للمغرب، إذ كان اندلاعهما في سياق سياسي واجتماعي تميّز بالاحتقان والصراع والسخط الشعبي.
وبعدما ساد الاعتقاد أن الصراع الاجتماعي بالمغرب لا يمكن أن يشكل خطرا ولن يكون واجهة قوية للنضال الجماهيري ضد السياسات العمومية التي كانت متّبعة في عدة مجالات، على غرار الصراع السياسي الذي كان قائما آنذاك بين أحزاب “المعارضة” والقصر، جاءت انتفاضة 19 يناير/كانون ثاني 1984 لتعيد من جديد الزّمن الاحتجاجي إلى واجهة ذاكرة الأحداث الجماعيّة.
تعود جذور وأسباب انتفاضة “الخبز والكرامة” إلى طبيعة السياق العام الذي جاءت في إطاره أحداث يناير 1984، لاسيما طبيعة الوضعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي ميزت هذه المرحلة التي ترجمت المؤشرات القائمة آنذاك وساهمت في بروز الأحداث الجماعية التي عرفها المغرب طيلة العقود الماضية.
وكانت الشروط السياسية والثقافية التي حكمت سياق انتفاضة 1984 قد ساهمت بشكل أساسي في بلورة الرفض الشعبي للوضعية الحادة التي عرفها المغرب خلال هذه السنوات، فإن دور الوضعية الاقتصادية والاجتماعية كان حاسما في اندلاع انتفاضة “الجوع والكرامة”.
تجلت معالم هذه الوضعية المزرية في طبيعة السياسة التي نهجها المغرب مع بداية الثمانينيات من خلال تطبيق بنود مخطط “التقويم الهيكلي” الذي كان محكوما باملاءات المؤسسات المالية العالمية -صندوق النقد الدولي والبنك العالمي-، وهو الأمر الذي كانت له انعكاسات سلبية وكارثية ووخيمة على الوضعية الاجتماعية والاقتصادية، لاسيما أمام التحولات التي شهدها المجتمع المغربي في هذه المرحلة على مستوى بنيته الديمغرافيّة وتركيبته السكانية وتحولات نمط العيش، في مقابل تدني الأجور وغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وتفاقم الفقر.
جهة ثانية، تزايدت حدة الغضب الشعبي والجماهيري بعد خروج هذه المظاهرات إلى الشارع والتحاق عموم المواطنين بها للتعبير عن تذمرهم ورفضهم لما آلت إليه الأوضاع العامة، وهو الأمر الذي اضطرت معه الدولة إلى التدخل بوحشية لسحق هذه الأشكال والاحتجاجات.
ويشكل يوم 19 يناير 1984 الحدث البارز في مسلسل هذه الأحداث التي اندلعت أساسا على صعيد مدن الشمال والشمال الشرقي (الناظور، بركان، الحسيمة، تطوان…) وكلك مراكش. ولعل أهم ما ميز هذا اليوم قوة التدخل الوحشي في حق المواطنين من طرف مختلف الأجهزة العسكرية، حيث جسد 19 يناير 1984 صورة مأساة إنسانية بامتياز لما طبعها من قتل واعتقال واختطاف ومظاهر الوحشية التي خلفت مقابر جماعية وجعلت من هذا اليوم، بل الأيام، أشبه ما تكون بما عاشته مؤخرا بعض الدول : جيش، دبابات، رصاص يلعلع، قتلى وشهداء، حالة استثناء كانت تسود ووضع طارئ…
في هذا الإطار، يندرج السؤال المتعلق بالخلفيات التي حكمت هذا التدخل والقمع المفرط من طرف الدولة في حق مواطنين أبرياء جهروا بصوت الحق وخرجوا للشوارع للاحتجاج بشكل حضاري ضد الوضعية القائمة والتي تميزت كما هو معلوم بمظاهر الأزمة والاختناق على جميع المستويات.
فقد كان من شأن كل ما سبق ذكره أن زاد من جروح المغرب تلك المرحلة ومن مظاهر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والمرتكبة من طرف الدولة وأجهزتها خلال السنوات والعقود الماضية.
ويبقى سجل النظام المغربي سجلا أسودا ومليئا بأسماء المناضلات اللواتي قاسين بالزنازن وعانين من همجية المخزن، رغم الشعارات الزائفة المتجددة والمتكررة التي يحاول النظام من خلالها تلميع وجهه المتوحش، فسعيدة المنبهي وزبيدة خليفة خير مثال على نساء مغربيات قدمن حياتهن نصرة لقضايا الوطن ورفضا لكل استغلال.
صبيب متواصل من الدماء الطاهرة للمناضلات أسالتها سياط جلادي النظام الهمجي من داخل الزنازين وفي ساحات المعارك النضالية، من اعتصامات ومسيرات وانتفاضات بالشوارع، دماء اسيلت من أجل قضايا الشعب المغربي والشعوب المضطهدة وعلى رأسها قضية المرأة باعتبارها قضية طبقية، والقضية الفلسطينية.
سياق الاحتجاجات
خرجت الاحتجاجات الطلابية بالمغرب تعاطفا وتضامنا مع الشعب الفلسطيني، الذي كانت انتفاضته قد انطلقت آنذاك، وهي الانتفاضة المؤرخة يوم 8 ديسمبر/كانون ثاني 1987، والتي انطلقت بعدما أقدم جنود الاحتلال على دهس مجموعة من العمال الفلسطينيين أمام حاجز “بيت حانون”، واستشهد نتيجة هذا الحادث 5 أشخاص وأصيب 7 آخرين، وكانوا جميعهم يقطنون بمخيم جباليا للاجئين، فجاء الرد على شكل بانتفاضة شعبية.
سرعان ما انتشرت الاحتجاجات في جميع أنحاء قطاع غزة، خصوصا في اليوم التالي، عقب تشييع جثامين الشهداء، وما هي إلا ساعات حتى امتدت التظاهرات إلى مدن ومخيمات الضفة الغربية المحتلة، فخرجت المظاهرات الغاضبة من كل مكان، فكان أن واجهها الكيان الصهيوني بعنف أكبر، لترتقي أرواح أخرى، واستمرت الانتفاضة منذ ذلك الحين إلى حين اجهضها توقيع معاهدة “أوسلو” المشؤومة في عام سنة 1993.
وشهدت الانتفاضة الفلسطينية آنذاك تعاطفا واسعا من طرف المغاربة، وخاصة الطلبة والتلاميذ الذين خرجوا للاحتجاج في كل مكان، وكانت السلطات قررت رسميا أن تمنع أي احتجاج، لكن الطلبة تحدوا القرار، ليجسدوا موقفهم “قضية فلسطين قضية وطنية”، فتطورت الأحداث إلى استشهاد زبيدة خليفة بالرصاص الحي في وسط للحي الجامعي.
في رثاء زبيدة..
“إلى روح الشهيدة الغالية زبيدة خليفة
هذه الطفلة، في جبهتها
خمس رصاصاتٍ
وشمسٌ ..
وشهادة..
عيناها قبَّرةٌ حمرا
وخدّاها عبادة
سقطت زنبقةً من ذهبٍ
في شارع الحرية الطالعِ
من قلب المدينة
شارع الحريّة الطالعِ
من قلب الزقاقاتِ،
ومن قلب المتاريس الحصينة
سقطت تهتف للنّصر
كيانا.. وسيادة
فهي في القلب هتافٌ
وعلى العنق قلادة
وهي عنوان كتابِ
وهي ..
تاريخ ..
ولادة”
الكاتب مجهول.