الراية العالميةالراية الفلسطينيةالعالم الإسلامي والعالمالوطن العربيمقالات

الاستشراق الإرهابي

د. عادل سمارة

يستمر تقييم الاستشراق بمختلف جوانبه السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والنفسية وحتى الجنسية، وتختلف الآراء في ذلك. لكنني لا أرى الاستشراق إلا كتوجه عدواني من الغرب ضد الشرق وخاصة ضد الوطن العربي، وهو أحد تجليات الغزوات الأربع الغربية الكبرى ضد الأمة العربية أي:
• غزوة الإسكندر الإغريقي
• الغزو الروماني
• غزوة الفرنجة
• والغزوة الدائمة للغرب الاستعماري الرأسمالي الإمبريالي.
صحيح أن الاستشراق ترافق مع الغزو الغربي الرأسمالي ولكنه كظاهرة يمكن تصنيفها كغزوة قائمة بذاتها أو كمكون أساسي من الغزوة الاستعمارية حيث تقترن البندقية بالفكرة وتنتهي للتراكم.
يمكن للغرب أن يزعم أننا كعرب غزونا أوروبا على يد الدولة الأموية في الأندلس وهي الغزوة التي توقفت إثر معركة بلاط الشهداء بقيادة عبد الرحمن الغافقي (114 هجرية 732 ميلادية) على حدود فرنسا، ولكن الفارق أن العرب في الأندلس أقاموا وتركوا حضارة وعمرانًا لم يترك مثله الغُزاة في التاريخ، وقد يكون الوحيد من نوعه وهذا لا شك مأثرة للنمط الأموي في الحياة.
يزعم الغرب أن الغزو العثماني التركي لأوروبا هو أيضاَ عربي، وهذا غير صحيح لأن العرب كانوا مجرد مستعمرة كبرى لتركيا بتبرير تركي أن تركيا دولة مسلمة، أي كان العرب مجندين بالقوة في الجيوش العثمانية.
ولكن، تطور لدي هذا المصطلح إثر حرب إرهاب قوى الدين السياسي ضد سوريا ولاحقًا ضد اليمن، مع تطبيقه بأثر رجعي على الإرهاب في ليبيا والعراق.
إن ما يجري في الوطن العربي مع بدء الربيع/الخريف العربي على الأقل هو تطبيق استراتيجية جديدة هي طبعة من الاستشراق جوهرها الإرهاب حيث التخطيط والتدريب والتثقيف هو من المركز الإمبريالي والأدوات إرهابية محلية. لذا هو استشراق وبالإرهاب استشراق عبر الإرهاب هذه المرة. وإذا كانت مجالات الاستشراق الأخرى هي استغلال واضطهاد وثقافة واستعمار، فالاستشراق الإرهابي أقرب إلى مشروع إبادة البشرية للعرب وبأيدٍ عربية ومسلمة!
ولا يمكن فهم التقلبات والمحاور والتكتلات السياسية:
• لأنظمة الحكم التابعة
• ولأنظمة وقوى الدين السياسي
• والطابور السادس الثقافي
دون وضعها على مشرحة الاستشراق الإرهابي هذه والذي دور الكيان الصهيوني فيه هو دور من يجلس على ماكينة “الكاشير” يقبض ولا يبذل بعدُ أي كبير جهد.
ولكن، تبقى أسئلة وأكثرها إلحاحًا، هل خنق لبنان مقصود به فقط اقتلاع المقاومة أم هو أيضا الإصرار على تدمير سوريا وتعويض الهزائم في اليمن؟ بل هي متواشجة.
المهم، فإن من يصر على المواجهة والتصدي أن يلتقط ويحلل ويتابع الاستشراق الإرهابي، وإلا يكن بلا بوصلة.
وللتوضيح: هل يمكن لذي عقل أن يُخدع بتصريحات حكام قطر مثلا” الأسد انتهت مدته” بأنها من لدُنهم! أو عدوان قطر والإمارات ضد ليبيا وإقامة الإمارات قواعد في سقطرة، واحتلال جزء من اليمن، أن يضع هذه القُزيمات في مستوى دول “إمبريالية ولها سياسة جيوبوليتيك” كالمألوف؟
الوطن العربي اليوم في تضاد محورين:
محور المقاومة اعتمادًا على الطبقات الشعبية بشرط استعادتها لحرب الشعب
ومحور الثورة المضادة الاستشراق عبر الإرهاب
صحيح أن الاستشراق الإرهابي يتضمن كافة مجالات الاستشراق الأخرى وهو أيضاَ كما كتب إدوارد سعيد بدقة القيام بإنتاج صورة للشرق كما يراها الاستشراق الغربي، وصحيح أن دور القوى المحلية في الاستشراق المتعدد لم يكن ذي قدر وبال، ولكن الاستشراق الإرهابي مختلف ليس فقط لأنه إلى جانب الاستغلال والنهب بل التقشيط هو إبادي بل لأن القوى البشرية التي تمارسه ليست غربية.
إنه رأس غربي بلحية شرقية إسلامية، هو تخطيط غربي من ناحية وتمويل وتجنيد وتدريب وغزو ومواصلة غزو عربي إسلامي ضد الأمة العربية.
وبقدر ما نحترم إنجاز إدوارد سعيد لكتاب الاستشراق والجهد الذي بذله في ذلك وكشفه كم هو معادٍ هذا الاستشراق وعنصري وعسكري…الخ لكن ما نستغربه أن كل هذه المعرفة بالاستشراق لم تُحوِّل سعيدًا إلى مشتبك ضد هذا الغرب!
ملاحظة1: الاستشراق الإرهابي، وإمبريالية ذاتية/تذويت الإمبريالية هما جزآن أساسيان من كتابنا القادم بالإنجليزية
ARAB STATE ARAB’S ENEMY
ملاحظة 2: هذه المقالة من كتابي الذي صدر مؤخراً”في نحت المصطلح وتحرير المعنى”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى